ان تفريخ الأحزاب بعناوين مختلفة ربما يكون تحالف للأضداد لمجرد ركوب سفينة الانتخابات وصولا الى السطلة بما يصيب الأغلبية الصامتة بمقتل جديد تحذر منه في اظهار المناصرة لأي مشروع انتخابي جديد، لكن وضوح البرنامج السياسي لأي تحالف بعنوان المستقلين ربما أقول ربما يحقق ما يصبو اليه جمهور الأغلبية الصامت...
يتفق الفقه السياسي على ان لا حياة سياسية من غير وجود الأحزاب لضمان ديمومة تداول السلطة في دورات برلمانية متواصلة، وقائع هذه الديمومة راسخة في أنظمة برلمانية عرفية مثل النظام البريطاني، او مجرد أنظمة برلمانية تحولت من حال الى حال مثل النظام التركي وما يجري اليوم من تحشيد واسع لدورة انتخابية أخرى لعدم حصل أي من المرشحين الرئيسين على نصف أصوات الناخبين، بما يؤكد ان الإباء المؤسسيين للنظام التركي قد وضعوا احد افضل أسس التمثيل البرلماني، يقاس على ذلك عدم حصول المرشحين الفائزين في انتخابات مجلس النواب العراقي على اغلبية النصف!
ما يحصل هذه الأيام، محاولات لاستقطاب الأغلبية الصامتة الرافضة لمفاسد المحاصصة ونظام المكونات والحكم بمفهومي البيعة والتقليد، والخروج عن ثوابت الدستور العراقي النافذ لاسيما في المادة الثانية منه التي تنث على ان ثوابت الإسلام ومبادئ الديمقراطية تمثل مصادر التشريع للقوانين العراقية، هذا الاستقطاب بعناوين مختلفة لعل اكثرها استدراكا للواقع التبشير بتحالفات المستقلين في خوض انتخابات مجالس المحافظات المقررة في شهر كانون الأول المقبل، لكن ذلك لم يبشر حتى الان بظهور برنامج عمل سياسي لهذا التحالف وان كانت هناك مسميات مختلفة مثل تحالف الأغلبية الوطنية، او تحالف المستقلين التحالف الأغلبية الصامتة، وكان في لقاء السفيرة الامريكية مع عدد من الشخصيات التي تنادي بمثل هذه الأفكار نقطة تحول فيما جاءت كلمات جين بلاسخارت حينما اشارت في ايجازها الدوري لحالة العراق امام أعضاء مجلس الامن الدولي عن أهمية الاستماع للأصوات المتخلفة ما بين المعارضة والائتلاف الحاكم حتى تبرز فرضيات الدعم الدولي لظهور مثل هذه التحالفات المستقلة التي كما يبدو ما زالت لم تحدد التوصيف الكلي لمفهوم "المستقلين" في التحالفات السياسية الانتخابية، في هذا السياق هناك ثلاثة شروط أساسية اجدها مهمة جدا في استيعاب هذا التوصيف هي:
* الاستقلالية عن أي كيان سياسي ضمن ائتلافات السلطة الحاكمة.
* الكشف عن ذمته المالية ما قبل 2003 وما بعدها.
* عدم وجود أي اجندة إقليمية او دولية يعمل من اجلها بعنوان "مستقل".
مثل هذه الشروط يمكن ان تجعل الأغلبية الصامتة تحاكم البرنامج الذي يطرحه من يحملونها، كون مثل هذه الشخصيات الأقرب لهذه الأغلبية الناقمة على واقع مفاسد المحاصصة، وبالتالي يمكن للطرفين العمل معا في التحشيد والمناصرة امام صناديق الاقتراع لربح اللعبة الانتخابية، مقابل أصوات شريحة المتحزبين، من دون ذلك ستكون شريحة المستقلين امام استحقاق محاكاة الأغلبية الصامتة وليس العكس، لان هذا الجمهور رافض كليا لمفاسد المحاصصة وما انتجه نظامها خلال عقدين مضت، في المقابل، يطرح السؤال، هل المطلوب ان تظهر أيديولوجيا جديدة للمستقلين؟
الإجابة عندي لا والف لا، ليس بالضرورة ان تكون أفكار المستقلين موحدة منسجمة في اطار ايدولوجية جديدة بل لابد ان تحتوي على برنامج سياسي تطبيقي واقعي، يعالج الحاجات الأساسية للأغلبية الصامتة ليس في تبليط هذا الشارع او إيجاد مولدة كهرباء في ذاك، بل ان تضمن العدالة الاجتماعية في مساواة المنفعة الشخصية للمواطن العراقي الناخب مع المنفعة العامة للدولة، ومثل هذا البرنامج يتطلب ان تتحول الأغلبية الصامتة الى مواطنة فاعلة امام صناديق الاقتراع تدعم وتناصر مشروع برنامج يرفض مفاسد المحاصصة ويحتكم الى معايير الحكم الرشيد وتحويل الاقتصاد من حالة الريعية النفطية الى إدارة اقتصاد المعرفة ومثل هذا التحول يحتاج الى تحولات كبرى في التربية والتعليم من جانب وفي المقياس المجتمعي لمفهوم السلطة.
كل ما تقدم، يؤكد ان تفريخ الأحزاب بعناوين مختلفة ربما يكون تحالف للأضداد لمجرد ركوب سفينة الانتخابات وصولا الى السطلة بما يصيب الأغلبية الصامتة بمقتل جديد تحذر منه في اظهار المناصرة لاي مشروع انتخابي جديد، لكن وضوح البرنامج السياسي لاي تحالف بعنوان "المستقلين" ربما أقول ربما يحقق ما يصبو اليه جمهور الأغلبية الصامتة ويبقى من القول لله في خلقه شؤون!
اضف تعليق