المعلم في اغلب الاحيان لا يأخذ بنظر الاعتبار الظروف الاجتماعية والاقتصادية للطفل واسرته، وبالتالي فهو لا يستطيع ان يصل الى حالة التفاعل مع الطفل، و تسهيل مرور الطفل في مراحل طفولته بسلام دون ان يتعرض للاذى. هذه الصورة السلبية للمعلم لا يمكن تعميمها...
تبدأ ممارسة العنف ضد الطفل قبل ولادته، بل قبل زواج ابيه وامه، اي قبل تكونه كجنين داخل رحم المرأة الام، التي قد تكون غير مهيأة للقيام بدور الام وربما حتى الاب غير قادر وغير مهيأ ان يكون أبا لعدم اكتمال نضوجه العاطفي والعقلي، والذي سيكون ابا غير مهيأ لان يتصدى لهذا الدور الاجتماعي. كما ان وجود الطفل لم يكن مخططا له بل جاء بشكل اعتباطي مفاجئ دون ان تكون الاسرة الصغيرة الجديدة مهيأة له.
كما ان الام المسؤولة الوحيدة عن تربية الطفل ونموه في ظل مسؤولية الاب وانشغاله في عمله قد تكون امية وغير ناضجة نفسيا وعاطفيا واجتماعيا، او قد تكون امرأة معنفة في ظل التسلط التربوي والعنف الاسري، وبهذا تكون مهدمة الروح والجسد مشوهة عاطفيا ونفسيا.
امرأة كهذه تحمل كما هائلا من الاحقاد والضغائن على واقعها ومجتمعها وان لم يعاد تأهيلها نفسيا واجتماعيا واعادة ثقتها بنفسها ومجتمعها، فان كل معاناتها تنعكس على طفلها. في ظل كل هذا يبقى الطفل متنقلا بين العنف الاسري والعنف المدرسي الذي يتلقفه حال وصوله للمدرسة، حين يوضع بين يدي معلم ليس لديه من بضاعة سوى تأهيله الاكاديمي، وهي المعيار الوحيد لاختياره كمعلم حال تخرجه من احدى الكليات او المعاهد الخاصة باعداد المعلمين ولم يحصل على تأهيل او اعداد آخر.
هذا المعلم ليس لديه من وسيلة للتواصل مع الطفل في المدرسة سوى وسائل الزجر والارغام وفرض ما يريد دون اخذ شخصية الطفل وتطلعاته وتوجهاته بعين الاعتبار. وهو هنا يفرض ما يريد بالقوة والقسر وليس من خلال التفاعل والاقناع، وسيلته الوحيدة الناجعة هي العنف بكل اشكاله النفسي والجسدي واهمال ما لدى الطفل من مواهب وامكانيات.
فهو لا يتعامل مع الطفل ككائن له شخصية وكيان بل يتعامل معه كوعاء قابل للتعبئة ليس الا ، فيعكس المعلم للطفل كل امراضه الاجتماعية والثقافية والنفسية التي تلقاها هو الاخر من بيئته ومعلمين صانعي عاهات اجتماعية.
معلم كهذا لا يعمل على تنمية شخصية الطفل وتعزيز استقلاليته وتعزيز ثقته بنفسه وما عدته لينمو بشكل سليم. المعلم العاهة يعمل على سحق شخصية الطفل وتهديمها بالعنف المادي (الضرب) او العنف النفسي كالاحتقار او الشتم.
هذا المعلم لا ينمي روح المبادرة والاعتداد بالذات وتفجير امكانيات الطفل ، بل قتل جميع مواهبه ومسح كرامته بالارض من خلال الاهانات التي يوجهها له. فلا يعامله باحترام بل باحتقار وازدراء، فلا يأخذ بنظر الاحترام توجهاته ومواهبه ومستوى قدراته، فتصبح لدى الطفل نظرة سلبية لنفسه ومعلمه بل ومجتمعه، فيرفض ويقاوم التواصل والتفاعل فيصبح الدرس مملا مكروها والمدرسة سجنا.
المعلم في اغلب الاحيان لا يأخذ بنظر الاعتبار الظروف الاجتماعية والاقتصادية للطفل واسرته، وبالتالي فهو لا يستطيع ان يصل الى حالة التفاعل مع الطفل، و تسهيل مرور الطفل في مراحل طفولته بسلام دون ان يتعرض للاذى. هذه الصورة السلبية للمعلم لا يمكن تعميمها، اذ هناك من تنطبق عليه مقولة (كاد المعلم ان يكون رسولا) فهو حامل لرسالة انسانية شريفة، رفيق بتلاميذه فهم امانة في عنقه يحرص على تأديتها على اكمل صورة، لكن الصورة القاتمة التي تحدثنا عنها هي ظاهرة شائعة في بعض مدارسنا.
اضف تعليق