لا اعتقد ان أي من الأجهزة الرقابية، بإمكانه الحديث تلك الحلول الفضلى التي تتضمنها ادلة العمل لاتفاقية مكافحة الفساد الأممية، ما دامت اليات الالتزام بتطبيقات الحكم الرشيد لا تعني فقط اصدار التقارير او تقديم ملفات الفساد الى الجهاز القضائي، اكثر من كون هذه التطبيقات حالة جمعية وصفتها الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد.
من المؤمل ان يزور العراق من مكتب الشرق الأوسط لمنظمة الشفافية الدولية خلال الأسبوع الجاري، هذه المنظمة التي عرفت بمقياس مدركات الفساد السنوي، أحد أبرز معايير نظافة الدول من مؤشرات الفساد وفق مقاييس دولية تجمع أكثر من 13 مدركا في مجموعة مؤشرات تتعامل مع متطلبات تطبيق الحكم الرشيد على وفق منطلقات استراتيجية الأمم المتحدة للتنمية المستدامة والالتزامات المطلوبة من الدول وحكوماتها في تطبيق التعهدات الدولية لحقوق الانسان.
كان العراق حتى أعوام قليلة ماضية في ذيل هذه القائمة بما يجعله أحد أسوأ الدول في التزاماته بعد ان أصدر قانون المصادقة على انضمامه لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، والسؤال: ما الذي يمكن ان تبدأ به الشفافية الدولية في التعامل مع معطيات ومزاعم الفساد في عراق مفاسد المحاصصة، لاسيما وان الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد تؤكد ان أسبابه، سياسية ومجتمعية ثم إدارية ومالية؟؟
لا اعتقد ان أي من الأجهزة الرقابية، بإمكانه الحديث تلك الحلول الفضلى التي تتضمنها ادلة العمل لاتفاقية مكافحة الفساد الأممية، ما دامت اليات الالتزام بتطبيقات الحكم الرشيد لا تعني فقط اصدار التقارير او تقديم ملفات الفساد الى الجهاز القضائي، اكثر من كون هذه التطبيقات حالة جمعية وصفتها الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد بان أسبابها سياسية ومجتمعية، هنا يبرز السؤال الازلي الذي طالما تكرر في كل دورة برلمانية هل مسؤولية المواطن / الناخب في العزوف عن المشاركة في انتخابات تؤسس لنظام حكم رشيد ام ان نفاذ القانون وعلى الأخص قانون الأحزاب الذي يمنع استخدام المال السياسي في تمويل الانتخابات ويكف يد الأحزاب التي لها اجنحة مسلحة من المشاركة في الانتخابات البرلمانية لإنتاج سلطة تشريعية تتعامل مع منطلقات الحكم الرشيد ؟؟
الإجابة الطبيعية لها السؤال تظهر في اخر استطلاع للراي العام العراقي وفق الشركة المستقلة للأبحاث التي وجد في مقياس محرار الراي العام العراقي في اب 2022 الجاري ان 17% فقط من العراقيين يعتقدون ان البلد يسير في الطريق الصحيح، و90% منهم يعتقدون ان الفساد مستشر في عموم البلد و41% منهم يعتقدون ان العراقي يتعامل بكرامة من قبل السلطة المتنفذة فيما عبر 27% عن ثقتهم الحكومة مقال 12% يثقون بالبرلمان 38% يثقون بالنظام القضائي فيما اجمع 69% على ان الجماعات المسلحة تسيطر على الوضع السياسي في عراق اليوم، تحت تحليل مثل هذه المعطيات الأساسية كيف تتعامل الأجهزة الرقابية مع مفاسد المحاصصة وهي حالة باتت بنيوية ضمن النظام السياسي في البلد؟؟
كل هذه التساؤلات تبحث عن مصفوفة حلول استثنائية، يمكن للخبرة الدولية التي تمتلكها منظمة الشفافية الدولية تقديم مقترحات لآليات ابتكارية ربما تبدأ في تفعيل برامج الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد من خلال برامج نوعية لتحليل وتحجيم الفساد السياسي والمجتمعي من خلال سلطتي الاعلام من خلال الصحافة الاستقصائية والسلطة الخامسة لمنظمات المجتمع المدني التي تتطابق مع معايير دولية في التشبيك للتعامل مع مثل هذه الحلول، واعتبار ان الأساس التي وافقت عليه الحكومة العراقية في تصديقها على الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد يمكن ان تكون اول الخطوات الصحيحة لتفعيل أدوار المؤسسات الرقابية في طرح السؤال: من اين لك هذا ما قبل 2003 وما بعدها قبل الموافقة على منح أي مرشح للانتخابات المقبلة موافقة هذه الجهات الرقابية للمشاركة في هذه الانتخابات، كما يمكن في جانب نفاذ القانون وتشارك المسؤولية ان يبادر الادعاء العام الى تفعيل قانون الأحزاب ويتم ابعاد أي حزب يمتلك جناح مسلح على وفق معطيات واقعية عن خوض الانتخابات، وعلى ذات الخط اعتبار التكوين الحزبي المؤسساتي حالة مطلوبة لضمان نزاهة الانتخابات ومخرجاتها من خلال مدخلات صحيحة تعتبر ان الهيئة التأسيسية لأي حزب مطلوب ان تمثل على الأقل الأدنى 15 محافظة عراقية.
في هذا السياق سبق وان طرحت خلال مؤتمر "نحو دولة عراقية فاعلة" ورقة بحثية عن تأسيس مجلس الحكماء للحوار الوطني واليات عمله في تطبيقات الحكم الرشيد من اجل حكم نزيه وشفافية مالية لحكومة مواطنة حقيقية، السؤال هل تهتم منظمة الشفافية الدولية بمثل هذه المقترحات، سؤال برسم الإجابة عليه من قبل وفدها الزائر ان شاء الله، ويبقى من القول لله في خلقه شؤون!
اضف تعليق