يكثر الحديث عن حاجة المحافظات العراقية للبنى التحتية، هكذا نسمع الشكوى المتواصلة عن عدم وجود تمويل لهذه البنى في مناطق مختلفة من العراق لكن قيل ان لغة الأرقام اشد جزلا من لغة الشعر، يكشف تقرير مبادرة الشفافية الاستخراجية بالأرقام حجم المبالغ المدفوعة ضمن قيمة البترودولار...

يكثر الحديث عن حاجة المحافظات العراقية للبنى التحتية، هكذا نسمع الشكوى المتواصلة عن عدم وجود تمويل لهذه البنى في مناطق مختلفة من العراق لكن قيل ان لغة الأرقام اشد جزلا من لغة الشعر، يكشف تقرير مبادرة الشفافية الاستخراجية بالأرقام حجم المبالغ المدفوعة ضمن قيمة البترودولار والمنافع الاجتماعية لمحافظات تعيش ظروفا بائسة مثل البصرة وبغداد، لكن هذا التقرير الذي كشف عنه نهاية الشهر الماضي يؤكد في الصفحة "8" ان محافظة بغداد قد استلمت " 299233" مليون دينار عراقي أي ما يعادل مائتين وتسع وتسعين مليار ومائتين وثلاثة وثلاثين مليون دينار عام 2019، وكذلك استلمت "275475" مليون دينار لعام 2020 أي ما مجموعه مائتين وخمسة وسبعين مليار واربعمائة وخمسة وسبعين مليون دينار عراقي لعام 2020، من دون ان تستلم المحافظة أي مبالغ من تخصيصات البترودولار.

اما البصرة التي ما زالت تفتقد للمياه الحلوة وهي تعوم على بحيرة من النفط فان مجموع ما حصلت عليه من حصة البترودولار وتنمية الأقاليم لعام 2019 يساوي "578765" مليون دينار عراقي و"225497 " مليون دينار عراقي لعام 2020.

فيما يذكر التقريران المجموع الإجمالي لبقية المحافظات المنتجة للنفط او الغاز او مصافي النفط قد حصلت عدا إقليم كردستان على مجموعه ((1.695.460.111.022)) دينار عراقي كمخصصات البترودولار والمنافع الاجتماعية وتنمية الأقاليم، هذا الرقم الكبير جدا يدلل على توفر الأموال خلال هذين العامين امام حكومة السيد مصطفى الكاظمي وتحت تصرف المحافظين في 12محافظة عراقية تشمل البصرة والكوت وبغداد وكركوك والانبار وكربلاء وذي قار وديالى وصلاح الدين والنجف الاشرف وبإبل والديوانية.

السؤال الذي يفتقد لشفافية الإجابة "فلوسنا وين ؟؟"

قد تصح مقولة ان مبادرة الشفافية الاستخراجية تكشف عن حجم الأموال، يبقى الكشف عن أوجه الصرف من اختصاص الحكومة الاتحادية وحكومات المحافظات، وفقا لمنطق مقبول دستوريا يوصف النفط بكونه ثروة الشعب، من حق هذا الشعب ان يتساءل عن أوجه الصرف في هذه الأموال الكيرة جدا التي تخصص لتنمية الأقاليم وأيضا للصرف على مشاريع خدمية بمشاركة المجتمع المدني والحكومات المحلية، مثال ذلك في تجارب بقية الدول ان هذا التقرير يصدر معه تقرير مواز للكشف عن أوجه الصرف والتخصيص وحقيقة المشاريع التي تقدم خدمات صحية او تعليمية او مشاريع صغيرة ومتوسطة تنقذ الشرائح الأضعف من الفقر، لكن المعلومات المتوفرة لأي صحفي استقصائي تتوقف عند حقيقة ان هشاشة الفقر في محافظة مثل الديوانية تصل الى اكثر من 40% من مجموع السكان، يضاف الى ذلك هناك حاجة ملحة امام مجلس النواب العراقي في لجانه المتخصصة ان تستكشف أوجه الصرف في هذه الأموال مقابل قياس الأثر في تقليل هشاشة الفقر او من يقع تحت خط الفقر من شرائح المجتمع العراقي.

يضاف الى ذلك ان يكشف مجلس النواب وهو يخوض لعبة تداول السلطة عن تلك المشاريع التي مولت بهذه الأموال مثل بناء المدارس او المستشفيات او الدور واطئة الكلفة كما تفعل بقية الدول النفطية، فيما يستبشر الكثير من قادة الأحزاب العراقية بتمويل الصين لبناء 1000 مدرسة جديدة، فيما الاصح والأفضل ان تمول من هذه الأموال التي لا يعرف أي عراقي اين ذهبت!!

ما بين هذا وذاك كان على محافظة بغداد ان تخصص بعض هذه الأموال لإعادة تنظيم الطرق والجسور لاسيما مداخل العاصمة بغداد، وهناك ضريبة تفرض على جميع السيارات كقيمة مضافة لمثل هذا التمويل الغائب كليا عن عاصمة الرشيد، فضلا عن تمويل استكمال بناء مشافي العاصمة بغداد ومدراسها بدلا من انتظار الاستثمار الصيني الخارجي.

كل ذلك يمنح الصحافة الاستقصائية معلومات قيمة لمساءلة شعبية تغربل تدوير الأموال واليات استخدامها في تمويل البنى التحتية للمحافظات العراقية وفقا لما أصدرته مبادرة الشفافية الاستخراجية في تقريرها لعامي 2019-2020، وطرح التساؤلات امام مكاتب الوزارات المعنية بالخدمات العامة ومكاتب المحافظين لكي يتعرف الشعب العراقي على اليات صرف أموال البترودولار والمنافع الاجتماعية وهي مهمة ملقاة أيضا على عاتق منظمات المجتمع لمدني للمساهمة في الكشف وغربلة هذه المعلومات ما بين الارقام الصماء المذكورة في هذا التقرير وتلك التي على ارض الواقع والعمل على معرفة المستفيد الأخير من عقود جولات التراخيص النفطية، مهمة قد تبدو صعبة بلا مرجعية موثوقة مثل هذا التقرير، بما يفتح الأبواب لطرح السؤال " فلوسنا وين ؟؟" ويبقى من القول لله في خلقه شؤون!!

.............................................................................................
* الآراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق