في مصر... حجم التوقعات الرسمية يأتي اكبر من الواقع الذي يعيشه المواطنون فيها، والشعارات الحكومية غالبا ما تصدح بالآمال الوردية والخطب الرنانة والانجازات العظيمة... ربما يكون هذا التحفيز امرا محمودا في النهوض بمستقبل الدول والامم... لكنه لا يكون كذلك عندما يخالف الواقع الذي تعيشه الدولة، سيما وانها تعاني الازمات الاقتصادية والسياسية والحقوقية والامنية الخانقة، كما تعيشها مصر اليوم.
الشعارات التي ترسم واقعا مغايرا للواقع اليومي... غالبا ما تنقلب على من يرفعها، ولو بعد حين، فعندما تصل الى "نقطة الصدام"، لا يمكن الاستمرار في رسم الصورة الوردية الى الابد.
مصر، في الوقت الحاضر، تعاني الكثير، الاهم فيها:
- مشاكل اقتصادية قاسية، انعكست على الحياة اليومية للمواطن المصري، والتي اضر بها وفاقمها عدد من المشاكل الاخرى، سيما الامنية منها.
- مشاكل امنية معقدة، في سيناء وغيرها، الصراع مع الارهاب القادم من ليبيا لم يتم السيطرة عليه، وهو يستنزف قدرة القوات الامنية، من دون وضع حلول ناجعة لها.
- مشاكل سياسية مع عدة دول عربية واسلامية، بل وحتى غربية، الابرز فيها، الخلاف حول مسألة "الاخوان المسلمين"، والقمع الذي تعرض له العديد من النشطاء والتيارات المعارضة للحكومة الحالية.
- مشاكل حقوقية، وهي السبب الرئيسي في الجفاء بينها وبين الغرب، اكثر من 40 الف شخص، محتجزون في سجون النظام في عهد "السيسي"، والمئات يتم اعدامهم، على خلفية انتماءاتهم السياسية... فيما تتم محاكمة صحفيين... نشطاء... معارضين... الخ، بصورة مستمرة.
هذا الواقع يختلف عما يرسمه السيسي ونظامه من "احلام وردية" قد لا تنسجم مع التحديات التي تواجهها مصر، والتي تتطلب تغيرا حقيقيا في الاستراتيجية المصرية، خصوصا وان هذه المعوقات، غالبا ما ترتبط ببعضها البعض الاخر.
وزير الخارجية الامريكي، جون كيري، عندما زار مصر قبل ايام، طلب من قياداتها، الموازنة بين "حملتها ضد القوى المتشددة، وبين القوانين التي فرضتها على حرية التعبير، وطالبها بتخفيف القيود التي فرضت على الإعلام والمنظمات الخيرية وحرية التجمع".
ومع ان الجميع متعاطف مع مصر وما تعانيه، الا ان الامر لا يعني بقاء الحال الحالي على ما هو عليه، وعلى النظام الحالي، تعديل مسارات الحرية، وفصلها عن مكافحة الارهاب، وهي رسالة بالغة الاهمية، وتنسجم مع رغبة الولايات المتحدة الامريكية في دعم مصر ضد الارهاب العالمي.
مكافحة الارهاب بصورة اكثر موضوعية، ورفع القيود المفروضة على حرية التعبير عن الآراء بمختلف توجهاتها، وتدعيم الاقتصاد المصري بمشاريع اكثر فائدة، وتصفير الخلافات السياسية مع الجميع، هو ما سيعطي الحافز لتمكن مصر من النهوض، والعودة الى مكانتها الطبيعية، كقوة يمكن الاعتماد عليها في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا.
العالم يحتاج الى مصر، في مواجهة الارهاب، لكن الطريقة التي تدار فيها عقارب الساعة السياسية، قد تعيدها الى الوراء بدلا من تحقيق التقدم الذي ينتظره المصريون والعالم.
اضف تعليق