التفكير الابتكاري يمكن ان يتطور الى برامج توعية وتثقيف نخبوية تعالج حالة الانسداد السياسي الحالية من خلال تفعيل المدافعة المجتمعية عن تفعيل قانون الأحزاب والانتخابات لدعم نزاهة الانتخابات ضمن معايير الحوكمة، مثال اخر على النماذج الابتكارية في مثل هذه البرامج التوعوية، نشر الثقافة القانونية لحقوق المواطن الفعال امام الفساد السياسي...
منذ توقيع العراق اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد وبرنامج الأمم المتحدة الانمائي يعمل على بناء القدرات للتوعية والتثقيف بين كوادر الاجهزة الرقابية ومنظمات غير حكومية ناهيك عن وسائل الاعلام، وصرفت ملايين الدولارات من أموال المنح التي تقدم من دول مانحة تسعى لدخول السوق العراقية، السؤال المطروح للنقاش الجدلي، ما معيار النجاح والفشل في مؤشرات التوعية والتثقيف بمكافحة الفساد؟؟
ويتفرع هذا السؤال الى تساؤلات عن التحليل المخاطر والفرص والتحديات للنقاش التفاعلي عن الانعكاس السلبي او الايجابي لبناء القدرات والتثقيف لمكافحة الفساد؟؟
الاجابة الواسعة ان برامج الأمم المتحدة الانمائي والدول المانحة، ان كل الجهود المبذولة في هذا الميدان لا يمكن قياسها كليا بقياس الاثر.. لاسيما وان موقع العراق في مؤشر مدركات الفساد لم يتحرك بالشكل المطلوب مقارنة ببناء القدرات من خلال هذه البرامج.. لذلك يحاول برنامج الأمم المتحدة الانمائي الى العمل على برنامج ابتكارية لمكافحة الفساد... اي محاولة لتحديد مضمون هكذا برامج ربما تصطدم بمتغيرات خارجية اعتقد ذكرت في الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد ٢٠٢١ - ٢٠٢٥ والتي حددت أسباب الفساد بالسياسي والمجتمعي ثم الفساد الاداري والمالي ... وفق هذا التصور في قناعة الاجهزة الرقابية لأسباب الفساد اعتقد المطلوب ان تواكب برامج الأمم المتحدة والدول المانحة في المدافعة من خلال دعم تطبيقات واقعية لاستراتيجية مكافحة الفساد الوطنية.
وهنا تبرز الفجوة بين التفكير الدولي والتطبيق المحلي الامر الذي يتطلب التفكير الايجابي بأهمية ردم هذه الفجوة بأدوات قانونية تدرك اليات تجسير المفاهيم والتطبيقات بين المدركات الدولية والحاجة المحلية، ومن هذا المنطلق قام مركز حلول للدراسات المستقبلية كنوع من التطبيق الإبداعي الابتكاري في برنامج متعدد الورش عن النزاهة الانتخابية.. كون مخرجات السلطة التشريعية الأساس في النظام البرلماني العراقي.. ونفذت ٦ ورش عمل قبل الانتخابات الاخيرة خرجت بتوصيات وافكار توقعت اغلب ما حصل بعد الإعلان عن نتائج الانتخابات وقدمت سيناريوهات متعددة للحلول المناسبة التي نشرت في ملف خاص للعدد الثالث من مجلة حلول الفصلية.
مثل هذا التفكير الابتكاري يمكن ان يتطور الى برامج توعية وتثقيف نخبوية تعالج حالة الانسداد السياسي الحالية من خلال تفعيل المدافعة المجتمعية عن تفعيل قانون الأحزاب والانتخابات لدعم نزاهة الانتخابات ضمن معايير الحوكمة، مثال اخر على النماذج الابتكارية في مثل هذه البرامج التوعوية، نشر الثقافة القانونية لحقوق المواطن الفعال امام الفساد السياسي ومسؤوليته عن رفض ممارسات الفساد المجتمعي بما يجعل الجهاز الحكومي امام استحقاقات الاستجابة لمطالب هذه المدافعة بعد المناصرة والتحشيد لها من خلال منصات التواصل الاجتماعي ناهيك عن التواصل المباشر مع النخب والكفاءات المثقفة، لتكون امام مسؤولياتها في أي مساءلة للجهاز الحكومي.
لكن الكثير من برامج التمويل التي تقوم بها جهات دولية مختلفة، لا تقدم مثل هذا النمط من المدافعة وتكتفي بالتعامل مع برامج نشر التوعية والتثقيف التي لا يمكن قياسها حتى بالأثر غير المباشر وتنتهي الى مجرد برامج بعناوين توعوية ما زالت منذ 15 عاما تقوم بها منظمات بذاتها من دون ان ينخفض مقياس الفساد في البلد وان يتلمس المواطن في يوميات معيشته اليومية.
ما بين هذا وذاك، تبقى مسؤولية الجهات الرقابية ووزارة التخطيط التعامل مع هكذا برامج ضمن الحاجات المحلية للاستراتيجيات الوطنية وأبرزها الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد واهداف التنمية المستدامة في تقرير الظل العراقي إضافة الى 24 استراتيجية وطنية ما زالت على الرفوف العالية لمكاتب الوزراء، التي لا تخصص لها اية أموال في موازنات هذه الوزارات ذات العلاقة او الأجهزة الرقابية، وانحصر التمويل في الجهات الدولية المالحة.
لان اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد تعمل على منع الفساد والوقاية منه اما التجريم فهي مهمة القضاء فقط، لذلك أي مسار لتنفيذ برامج ينهض بها المجتمع المدني في عراق اليوم، يتطلب ان يكون على خط مواز لهذه الاستراتيجيات والا فإنها مجرد نثر لأموال العراقيين على فراغ ... ويبقى من القول لله في خلقه شؤون!
اضف تعليق