أعتقد الكثيرون أن قرار المحكمة الاتحادية برفض ترشيح السيد هوشيار زيباري لرئاسة الجمهورية وجه ضربة قوية لقوى تحالف (الاغلبية) وطموحها بتولي الرئاسات الثلاث. كما ان موقف ذلك التحالف سيتعقد أكثر ويكون هناك انسداد سياسي أكبر في حال رفض المحكمة الاتحادية (وهو المتوقع) لترشيح أسماء جديدة...
أعتقد الكثيرون أن قرار المحكمة الاتحادية برفض ترشيح السيد هوشيار زيباري لرئاسة الجمهورية وجه ضربة قوية لقوى تحالف (الاغلبية) وطموحها بتولي الرئاسات الثلاث. كما ان موقف ذلك التحالف سيتعقد أكثر ويكون هناك انسداد سياسي أكبر في حال رفض المحكمة الاتحادية (وهو المتوقع) لترشيح أسماء جديدة بحيث لن يكون للديموقراطي الكردستاني أي مرشح للرئاسة. لكن أذا دققنا النظر في المعطيات السياسية الحالية فأن المحكمة الاتحادية، سواء برفضها لترشيح زيباري أو برفضها المتوقع للمرشح الجديد للبارتي قد تكون وفرت مخرجاً لم ينتبه له الكثيرون يكفل حفظ ماء وجه الجميع من جهة ويسّلّك مجاري العملية السياسية المسدودة، فكيف يمكن ان يكون ذلك؟
ان نفاد خيارات البارتي، الذي هو أحد أضلع مثلث تحالف(الاغلبية)، سيعفي شركاؤه الآخرين(السيد الصدر والعزم) من حرج التأييد لمرشح حليفهم الكوردي باعتبار انهم لم يتخاذلوا في نصرته بل خذلته المحكمة الاتحادية.
حينذاك سيمكنهم دخول جلسة البرلمان مجتمعين مع المستقلين والتشرينيين بمن فيهم أولئك الذين كانوا يُشكِلون على (الاغلبية) تأييدهم للسيد زيباري باعتبار ان عليه مؤشرات لا تجعل ناخبيهم (بخاصة التشرينيين) يقبلون من ممثليهم التصويت له.
كما ان كثير من النواب(المتأرجحين) ممن ليسوا أطاريي ولا صدريي الهوى سوف لن يتحرجوا من دخول الجلسة باعتبار ان دخولهم لها سوف لن يُحسب ضدهم سواء من الاطار او من قوى (الاغلبية). حينذاك سيمكن حل عقدة الثلث المعطل باعتبار ان من المرجح حضور الثلثين.
فإذا تم النصاب سيلقي تحالف الاغلبية ثقله لتأييد أي مرشح يتم الاتفاق عليه لغرض ضمان عدم فوز الدكتور برهم صالح وتمرير مرشح منافس له. هنا ستزداد حظوظ المستقلين (بخاصة الكورد منهم) لنيل منصب الرئاسة.
وسيكون الطريق بعد ذاك معبداً لتمرير مرشح (الاغلبية) للمنصب الاهم وهو رئاسة الوزراء وبما يحقق للتحالف شعار ”لا شرقية ولا غربية حكومة أغلبية وطنية” وهو الشعار الذي لا يبدو السيد الصدر ولا حلفاؤه على استعداد للتنازل عنه.
تقديم مرشح، ان على قوى (الاغلبية) أن تعي ان الفرصة باتت امامها أفضل مما سبق. وحتى على صعيد التنافس الكوردي-الكوردي فبعد نفاد خيارات البارتي في تقديم مرشح لمنصب الرئاسة، فان خسارة مرشح اليكتي لن تكون بمثابة كسر عظم للعلاقات، بل رضّ أو شرخ في جسد العلاقة يمكن اصلاحه سواء مع البارتي او مع تحالف (الاغلبية).
من ناحية أخرى ستجد قوى الاطار نفسها أقل قدرة على مقاومة رياح (الاغلبية) المدعومة من المستقلين والتشرينيين (عددهم يتجاوز 70 مقعد) مما يجبرها اما على الذهاب للمعارضة ككتلة واحدة، أو كجماعات متفرقة. وحتى في حالة عدم نجاح حضور نصاب الثلثين في الجلسة القادمة لانتخاب رئيس الجمهورية، فأن الضغوط (كل الضغوط) ستكون مسلطة على الطرف الذي لديه مرشح للرئاسة (الاطار وحليفها اليكتي) يصر على تمريره.
في حين سيشعر تحالف (الاغلبية) بأريحية أكبر في استثمار الضغط الجماهيري والدولي لتشكيل حكومة بأسرع وقت. وسيكون المستقلون والتشرينيون تحت ضغط أكبر من جماهيرهم بخاصة وانها ليست جماهير حزبية أو مؤدلجة يمكنها تقبل مناورات السياسة.
قد لا يكون قرار المحكمة الاتحادية وفر الحل الامثل في مثل هذه الحالات من الخلاف والانسداد السياسي وهي معادلة رابح-رابح، لكن الأهم (برأيي) أنه لم يُتح لاحد الأطراف تحقيق معادلة رابح-خاسر واستبدلها بمعادلة رابح-غير خاسر.
بقي سؤال قد يتوارد لذهن الكثيرين، هل أن المحكمة الاتحادية أصدرت قرارها وهي تعي هذه الابعاد السياسية التي نوهتُ عنها اعلاه؟ غالب الظن انها أصدرت القرار بناء على معطيات قانونية دون ان تعي هذه الابعاد السياسية التي سنرى تفاعلاتها قريباً، ورب رميةٍ من غير رامي.
اضف تعليق