ما زال الكثير من القوى السياسية العراقية يتعامل مع التصريحات والتحليلات الاستخبارية عن الانفراج المتوقع في مفاوضات فيينا للملف النووي الإيراني وتداعيات ذلك على فتح أبواب الانسداد في تشكيل حكومة اغلبية وطنية بروح توافقية تمنح العراقيون فرضيات الهدوء النسبي في لعبة الغالب المصلحي لأجندات الأحزاب والعمل بالوكالة عن مصالح إقليمية ودولية...
ما زال الكثير من القوى السياسية العراقية يتعامل مع التصريحات والتحليلات الاستخبارية عن الانفراج المتوقع في مفاوضات فيينا للملف النووي الإيراني وتداعيات ذلك على فتح أبواب الانسداد في تشكيل حكومة اغلبية وطنية بروح توافقية تمنح العراقيون فرضيات الهدوء النسبي في لعبة الغالب المصلحي لأجندات الأحزاب والعمل بالوكالة عن مصالح إقليمية ودولية، مرد ذلك ان هذه القوى تنظر فقط تحت انف التعليمات التي تصلها من هذا الطرف او ذاك وتغفل التحليل الاستراتيجي الذي يتعامل مع منظور افقي في برامج سياسات دولية وإقليمية فجمر الملف النووي يبقى تحت رماد الاستجابة الإيرانية لمتطلبات التفتيش الاجباري المشتق من تجارب تفتيش العراق عن أسلحة الدمار الشامل سيئة الصيت.
تتصاعد موجة الحوار الإقليمي بين طهران وعدة عواصم عربية لاسيما خليجية أيضا على حافات الصفحة الثالثة لمشروع الشرق الأوسط الكبير والذي يتطلب مباشرة سريعة لاستثمار حقول غاز ونفط بحر المتوسط بإدارة مباشرة من اسرائيل ومشاركة خليجية، وما يلحقها من خارطة انابيب جديدة يمكن ان تعدل مسارات تزويد الشتاء الأوربي بدفء الغاز الخليجي - المتوسطي، مقابل رغبة روسية ملحة بعقد جديد للقرن الحادي والعشرين من احتكار غالبية حركة الغاز من كازخستان وغيرها من دول اسيا الوسطى نحو خط الانابيب باتجاه القارة العجوز.
في ضوء ما تقدم لا اعتقد ان الشرق الأوسط في عامنا هذا سيواجه ذلك الهدوء الذي تتعهد به التحليلات الإسرائيلية او الامريكية بفتح أبواب فيينا لاحتضان اتفاق نووي جديد حتى وان حصل مثل هذا الاتفاق الا ان شيطان التفاصيل والتفسيرات المتباينة سواء من طهران او العواصم الخليجية وإسرائيل يمكن ان يقدم هذا الهدوء على طبق من ذهب من دون ان تحافظ طهران على ادواتها الإقليمية في المحور المعروف لتنفيذ اجنداتها للتفاوض على صوت الكاتيوشا او المحاور الاقتصادية التي تمنع انطلاق الصفحة الثالثة لمشروع الشرق الأوسط الكبير.
فالمعروف ان ايران حينما اطلقت الأموال المجمدة ما بعد اتفاقها النووي الأول لم تستخدمه انتظار ما تحصله من التجارة البينية مع العراق وتركيا ودول اسيا الوسطى إضافة الى الصين والهند، وما تطالب به اليوم كحصيلة لاتفاقها النووي الجديد أيضا يمكن ان يركن جانبا لتنفيذ منهجية " الاقتصاد المقاوم" التي يؤكد على الرئيس الإيراني في خطابته.
لذلك السؤال المطروح عن ماهية الحلول التي تتملكها بغداد لتوظيف انفراج الأمور في مفاوضات فيينا النووية؟؟
من وجهة نظر متواضعة، لا اعتقد ان القوى السياسية الراكبة قطار"ايران" ستغير تطبيقاتها في التعامل مع كلما يوصف المصالح الامريكية في العراق حتى وان صدرت بيانات ادانة وتنديد من السفارة الإيرانية في بغداد، وهذا يتطلب مواجهة مع تلك القوى بمنهج الاحتواء كما دعا اليه السيد مقتدى الصدر، او نفاذ القانون في الحد من تدوير أرباح المخدرات والجريمة المنظمة وصولا الى تمويل العصابات الإرهابية وإمكانية ظهور داعش متعددة الأطراف بمسميات جديدة للإبقاء على صوت مرتفع يطالب التخندق الطائفي بل وحتى المناطقي ما يجعل المواطن العراقي امام استحقاقات ميدانية تتعامل مع الحدث في سياق حكومة مقبلة لا تستطع فرض القانون على الجميع.
في سياق متصل، ربما تنبع هذه المخاوف من قيادة إسرائيل لمشروع غاز المتوسط بما يعزز التطبيع العربي معها، وأيضا ادخال واشنطن مجلس الامن كضامن للاتفاق النووي الجديد وخلق موقف دولي يتعامل بذات الصياغات التي تعامل بها مع ملف التفتيش عن أسلحة الدمار الشامل العراقية في تسعينات القرن الماضي، وهذا يجعل طهران على حافة عقوبات دولية في حالة عدم الرضا الإقليمي عن تطبيقات من يركب قطارها وفيهم من تقول طهران انها لا تستطيع ضبط تحركاته، ما بين هذا وذاك.
لا تبدو الحكومة العراقية المقبلة الا في حالة انتظار فج لانفراج مفاوضات فيينا لعل وعسى يحصل هناك "نفاذ قانون" حقيقي بعد ان تلغي واشنطن وطهران استخدام العراق منطقة لتصفية ملفات التنازع فيما بينهما وأيضا لعل وعسى تبدأ الحكومة الجديدة فهم التزاماتها بهوية وطنية دستورية لعراق واحد وطن الجميع، ويبقى من القول لله في خلقه شؤون!
اضف تعليق