يفترق الشيعة كالعادة وينقسمون بحدة بحثا عن تشكيل سياسي مغاير للمألوف، وتبدو بعض مبررات الراغبين في إعلان تحالف جديد وجيهة لجهة التخلص من الرتابة التي طبعت سلوك التحالف الوطني الشيعي طوال الفترة الماضية حيث الخلاف والإختلاف والتقاطع بين مكوناته، وعدم الجدية في حسم القضايا العالقة، وتحول البعض الى التحالف مع قوى خارج النطاق الشيعي ما أدى الى إضعاف قدرة هذا التحالف في إطار حسم القضايا الوطنية ما ادى الى خلل في البنية السياسية، وعدم تحقيق تقدم على مستوى السلطتين التشريعية والتنفيذية.
وكان ذلك واضحا في عهد حكومتي المالكي، فلم يكن من تناغم بين المالكي ومكونات التحالف خاصة التيار الصدري والمجلس الأعلى اللذين يسعيان الآن لإعلان تحالف جديد يبعد المالكي، ويحضر لمرحلة جديدة من العمل.
بالمقابل فإن المالكي لن يسكت طويلا عن هذا الحراك، ويستعد للتوجه نحو إعلان تحالف مضاد يعتمد العلاقة الوثيقة بين قوى عسكرية أثبتت فاعليتها كحركة العصائب التيار الذي خرج من رحم التيار الصدري المعروف بعدائه للمالكي والذي عمل على تقويض سلطته خلال السنوات الماضية حيث تحسنت علاقته بالمجلس الأعلى وجمعهما رفضهما للمالكي، وليس واضحا ما إذا كانت منظمة بدر ستذهب مع المالكي أم إنها ستعود الى أيام المجلس الأعلى على ان المالكي سيعتمد بالتأكيد تحالفات داخلية عدة منها العسكري والسياسي والعشائري والديني، والتصعيد في نبرة الخطاب الداعي الى تثبيت حقوق الطائفة الشيعية دون المضي في تقديم المزيد من التنازلات للسنة كما يرى ذلك أنصار المالكي.
من الطبيعي جدا أن تميل القيادة الإيرانية الى التحالف الذي يقوده المالكي فهو لم يخرج عن التصور الإيراني للأحداث والعلاقة مع الجوار العربي المنافس فالمالكي لم يغازل منافسي إيران كما فعل خصومه من الشيعة، وهناك قوى مقاتلة على الأرض على علاقة طيبة مع طهران وهي ليست على ود مع الصدريين والمجلس الأعلى، وتجد إيران ان تحالف المالكي أقرب إليها من بقية الفرقاء الشيعة، وستعمل بالفعل على إستقباله خلال الفترة المقبلة لتنسيق المواقف قبل البدء بالخطوة التالية، وواضح من خلال تصريحات المالكي الأخيرة ضد السعودية إنه قرر المضي قدما في موقفه التصادمي مع الرياض وحلفائها في بغداد من السنة ومن يحاول التقرب منها من الشيعة، وهذا موقف يعبر عن رؤية مقاربة للرؤية الإيرانية التي حصلت على دفق جديد بعد توقيع الإتفاق النووي مع الغرب، مع تصميمها على مواقف سابقة قررت عدم التراجع عنها لكننا لابد أن ننتظر لمزيد من الوقت حتى تتبين الصورة بشكل أوضح، وتتحدد المواقف، ونكون في مواجهة إستحقاق جديد.
اضف تعليق