صرنا بين خيارين، خيار حكومة الاغلبية الوطنية، وخيار الحكومة التوافقية الشاملة، حكومة الاغلبية تعني ذهاب من لم يسعفه الحظ الانتخابي الى مقاعد المعارضة، فيما تعني حكومة التوافق مشاركة جميع القوى السياسية على قاعدة الاستحقاق الانتخابي، وهي نموذج فريد لحكومات تنتجها تسويات على وفق الطريقة العشائرية
تتساجل القوى السياسية العراقية لاسيما الشيعية منها، في سعي محموم لبلوغ السيطرة على القرار السياسي، لم يعد الجدل بشأن النتائج الانتخابية ذي مضمون كبير بعدما حسمت مفوضية الانتخابات امرها واعلنت النتائج النهائية، انتقل الجدل والتفاوض الى ترجمة الحجوم الانتخابية في تشكيلة الحكومة.
صرنا بين خيارين، خيار حكومة الاغلبية الوطنية، وخيار الحكومة التوافقية الشاملة، حكومة الاغلبية تعني ذهاب من لم يسعفه الحظ الانتخابي الى مقاعد المعارضة، فيما تعني حكومة التوافق مشاركة جميع القوى السياسية على قاعدة الاستحقاق الانتخابي، وهي نموذج فريد لحكومات تنتجها تسويات على وفق الطريقة العشائرية، فجميع العشائر ينبغي ان تكون حاضرة وممثلة في الهيئة الحكومية ولا ينبغي استثناء عشيرة صغيرة او كبيرة، خوف الدخول في المحذور المسلح.
القوى السياسية العراقية باتت اليوم تسلك مسلك العشائر التي تخشى الغياب او الاهمال في التشكيلة الحكومية، فقدرها السياسي مرتبط بحضورها في الهيكل العام للسلطة، لأنها لا ترى قيمة لذاتها الا بالسلطة، ولا معطى ايجابي لسلوكها مسلك المعارضة البرلمانية او المعارضة السياسية خارج قبة البرلمان، منطقها منطق الدفاع عن الحصة السياسية والمالية والادارية في داخل اروقة اتخاذ القرار، وبما ان النظام السياسي برلماني، فان كل قرار لن يكون مدرجا على سلم اجندات البرلمان مالم يتم التوافق عليه مسبقا، هكذا يعاد توزيع الحصص والمنافع ومراكز النفوذ بين القوى السياسية وهي منتشية بتمثيلها لقطاع كبير من الامة !!!؟
فيما الواقع يكشف انها لم تحقق تمثيلا كبيرا وان احسنها حضورا انتخابيا لم يجمع اصواتا في طول البلاد وعرضها اكثر من 900 الف صوت انتخابي من مجموع 26 مليون ناخب، تضاؤل القاعدة الانتخابية يتم تعويضه بتضخيم المطالبات والعناوين الكبيرة وخطاب سياسي واعلامي جارف، ليبدو هذا الكيان السياسي وكأنه صاحب حظوة وتمثيل كبير، فيما تدرك هذه الاحزاب مجتمعة ان الفاصلة بينها وبين الناس تزداد اتساعا وان الطبقة السياسية خسرت اجتماعيا وشعبيا بما لم تكن تتوقع حسابيا.
وكان جديرا ان تذهب هذه القوى الى مراجعة جادة لخطابها وسلوكها وعلاقاتها بالجمهور، لكن ذلك لم يحدث (باستثناء تيار الحكمة) وبقي الجميع يفاوض الجميع على حكومة توافق واسعة، ليتكرر النموذج السياسي (الهش) والاداء الضعيف الذي كان سببا في عزوف الناس وضياع الثقة وعدم القدرة على اجتراح حلول كبيرة لمشكلات المتزايدة.
حتى تتعلم الطبقة السلطوية اقتسام السلطة والقبول بأخذ دور المعارضة للقوى التي ترفض نمطا معينا من السياسات، نحتاج الى تمرين يمتد على مدى دورتين انتخابيتين، فمن غير المعقول ان يكون النظام برلمانيا ولا توجد معارضة برلمانية حقيقية، ويمين ويسار أو يمين الوسط ويسار الوسط يصنف الاحزاب والقوى السياسية طبقا لشعاراتها وخطابها واهدافها، اللعبة السياسية في العراق صارت قميئة لان القوى السياسية تبحث عن السلطة امتلاكا وليس ممارسة، وتريد السلطة لذاتها وليس لتحقيق غايات واهداف، والدفاع عن حقوق ومصالح بطريقة عادلة وعلى قاعدة الاكثر والاقل.
مازالت عقلياتنا تفهم السلطة على انها فرصة لحذف الخصوم والمنافسين واحتكار القوة والثروة، بما يعيد دوامة الفشل السياسي العراقي المزمن، والذي كلف العراق ضياع مائة عام من الموارد والامكانات، لأن السياسة في العراق لا تعني غير استخدام الايديولوجيا في قبال ايديولوجيا، فيوما كان صراع قوميين ووطنيين واخر بين قوميين وشيوعيين وثالث بين بعثيين واسلاميين ورابع بين اسلاميين معتدلين ومتشددين وهكذا.
.............................................................................................
اضف تعليق