المعنى الديمقراطي للاستحقاق الانتخابي، وبحسب الدستور وقانون الانتخابات، يعني امرين فقط. الامر الاول: هو عدد المقاعد النيابية التي يحصل عليها الكيان السياسي نتيجة فوز مرشحيه باغلبية الاصوات في دوائرهم. اما الامر الثاني فهو الحصول على حق ترشيح اسم رئيس الوزراء المكلف اذا استطاع الكيان السياسي تشكيل الكتلة النيابية الاكثر عددا...

لفت نظري تصريح المرشح الفائز عن حركة امتداد داود العيدان الذي قال فيه:”نحن مع حصول الجميع على ما يستحقونه بمقدار استحقاقهم الانتخابي”، موضحا ان “الاستحقاق الانتخابي يكون عند حد الوزير فقط” رافضا ان “يمتد هذا الاستحقاق الى درجة وكيل وزارة او مدير عام فما دون اذا اصبحت محاصصة”.

وبالنظر الى هذا التصريح من وجهة النظر الدعوة الى الغاء المحاصصة كجزء من مقدمات السير نحو الدولة الحضارية الحديثة وجدتُ ان حركة “امتداد” تقدم خطوة وتؤخر اخرى فيما يتعلق بمسألتي الاستحقاق الانتخابي والمحاصصة، وهما مسألتان مترابطتان.

انا ارى ان مقولة “الاستحقاق الانتخابي” بالمعنى المطبق في العراق من عيوب التأسيس في العملية السياسية ومن الانحرافات التي لحقت الديمقراطية.

المعنى الديمقراطي للاستحقاق الانتخابي، وبحسب الدستور وقانون الانتخابات، يعني امرين فقط. الامر الاول: هو عدد المقاعد النيابية التي يحصل عليها الكيان السياسي نتيجة فوز مرشحيه باغلبية الاصوات في دوائرهم. اما الامر الثاني فهو الحصول على حق ترشيح اسم رئيس الوزراء المكلف اذا استطاع الكيان السياسي تشكيل الكتلة النيابية الاكثر عددا. ولا يوجد اي استحقاق انتخابي اخر. وليس من ضمن الاستحقاق الانتخابي حصول الكيان السياسي على منصب وزاري او وكيل وزارة استنادا الى وتناظراً مع عدد المقاعد النيابية التي حصل عليها. هذا المعنى الغريب للاستحقاق الانتخابي الذي سارت عليه الاحزاب التقليدية هو الذي فتح الباب امام المحاصصة الحزبية المقيتة التي مازلنا نعاني من اثارها ومضاعفاتها السلبية. وهذا ما كنت آمل ان تعلنه حركة “امتداد” وكل الذين يرفعون شعارات الاصلاح السياسي. الاصلاح السياسي يعني اولا وقبل كل شي التخلي عن “الاستحقاق الانتخابي” بالمعنى العراقي، كمقدمة لالغاء المحاصصة. وهذه خطوة الى الامام لم تقدم عليها حركة “امتداد”. ولا يبدو لي ان الكيانات السياسية الاخرى في وارد اتخاذها. وهذا يعني ان الاصلاح السياسي مازال يراوح مكانه ولم ينفعه فوز حركة امتداد ببضع مقاعد ولا فوز التيار الصدري باكثر من 70 مقعدا، ولا “الاطار التنسيقي” الذي يتحدث عن اكثر من 80 نائبا.

في مقال سابق قدمت اقتراحا للتخلص التدريجي من المحاصصة الحزبية خاصة، يتكون من النقاط التالية:

النقطة الاولى، الغاء مفهوم الاستحقاق الانتخابي بالمعنى العراقي والاكتفاء بالمعنيين اللذين حددتهما في هذا المقال.

النقطة الثانية، الغاء المحاصصة الحزبية تحديدا على مستوى تشكيل الحكومة (الوزراء).

النقطة الثالثة، تشكيل الحكومة على اساس التمثيل المكوناتي فقط وليس الحزبي، بمعنى ان تكون الحكومة تشاركية بين العرب والكرد والشيعة والسنة وغيرهم، بغض النظر عن الانتماء الحزبي. هنا يكون التمثيل للمكونات وليس للاحزاب.

النقطة الرابعة، اعتماد المعايير المهنية والوظيفية في المناصب الاخرى دون منصب الوزير، اي وكيل وزارة فما دون، تنفيذا لمبدأ فصل المسار الاداري والتنفيذي للدولة عن المسار الحزبي والسياسي لها.

وهذا يعني ان الدولة ستنظر الى الحزبيين والمستقلين نظرة واحدة على اساس المواطنة والكفاءة. كل مواطن يملك نفس الحق في تولي المنصب الفلاني اذا كان يملك المواصفات والمؤهلات التي يملكها المواطن الثاني الذي يتطلع الى نفس المنصب. هذا بشرط ان تكون المؤهلات مما يتطلبها المنصب وينص عليها القانون المتعلق به. الانتماء الحزبي او السياسي تحديدا لا يعطي افضلية للشخص في تولي المنصب. ومن باب اولى فان الانتماء الديني أو الطائفي او العرقي لا يعطي المواطن اولوية او ميزة على غيره في تولي المنصب المعين.

نعم سوف نسمح في هذه المرحلة باعتماد المحاصصة التمثيلية للمكونات في تولي المناصب الوزارية تحديدا، لتحقيق الصفة التمثيلية للحكومة بشكل مرضي للمكونات الاثنية في البلد. بمعنى ان الحكومة لا تتشكل من وزراء من لون عرقي او طائفي واحد، انما يجب ان يكون فيها وزراء من مختلف الهويات الاثنية الفرعية. فهي حكومة يتحقق فيها التمثيل المكوناتي وليس بالضرورة المحاصصة الحزبية.

هذا مقترح للسنوات الاربع المقبلة، على ان يتم الغاء المحاصصة تماما في السنوات الاربع التالية. وبهذا نكون قد حققنا خلال ثمان سنوات احد اهم ممهدات او متطلبات د ح ح وهو اعتماد مبدأ المواطنة ومبدأ الكفاءة في تولي الوظائف الحكومية.

هذا مقترح من الاولى ان تتبناه حركة “امتداد” وكل مرشح فاز على اساس المطالبة بالاصلاح السياسي واعادة تأهيل الدولة.

.............................................................................................
* الآراء الواردة في المقال قد لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق