هذه القمة تعد الأولى من نوعها بعد التغيير السياسي، تكمن أهميتها حيث اتخذت أغلب الدول خاصة العربية منها موقف سلبي من التغيير، ويبدو أن هذه الدول أدركت ضرورة تسوية الخلافات مع بغداد لأسباب إقليمية ودولية، كما يظهر من القمة في بغداد سعي الدول إلى تخفيف التوتر...
استطاعت الحكومة العراقية من تنظيم قمة دولية ضمت عدد من رؤساء الدول ووزراء الخارجية لعدد من الدول وفي مقدمتها دول الجوار ماعدا سوريا، حيث ضمت القمة الأردن والسعودية وإيران والكويت وتركيا بالإضافة إلى مصر وقطر والإمارات وعدد من الدول الغربية كفرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا، وقد اختلف التمثيل الدبلوماسي بين رؤساء الدول إلى وزراء الخارجية.
هذه القمة تعد الأولى من نوعها بعد التغيير السياسي، وهنا تكمن أهميتها حيث اتخذت أغلب الدول خاصة العربية منها موقف سلبي من التغيير من حيث المبدأ مع الملاحظات الكثيرة، ويبدو أن هذه الدول أدركت ضرورة تسوية الخلافات مع بغداد لأسباب إقليمية ودولية، كما يظهر من القمة في بغداد سعي الدول إلى تخفيف التوتر فيما بين دول القمة ذاتها كالخلافات السعودية الإيرانية أو بين دول الخليج ذاتها أي بين السعودية والإمارات والبحرين من جهة وبين قطر من جهة أخرى، فيما وقف رؤساء عدد من الدول الغربية عن قرب على المشهد السياسي والأمني في العراق، وهذا يظهر من خلال زيارات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى عدد من المشاهد السياحية والدينية في بغداد والموصل.
فيما اعتنى الجانب الدبلوماسي البروتوكولي بالتأكيد على معايير الأخوة والشراكة والتعاون، وعلى ضرورة توحيد الجهود الإقليمية والدولية بما ينعكس إيجابا على استقرار المنطقة وأمنها، مرحبة بالجهود الدبلوماسية العراقية للوصول إلى أرضية من المشتركات مع المحيطين الإقليميين والدوليين.
وتلا البيان الختامي، وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين خلال مؤتمر صحفي، في بغداد عقب انتهاء أعمال القمة التي شاركت فيها 9 دول من المنطقة والعالم وقال البيان إن احتضان العاصمة بغداد لهذا المؤتمر دليل واضح على اعتماد العراق سياسة التوازن والتعاون الإيجابي في علاقاته الخارجية.
وجدد المشاركون دعمهم لجهود الحكومة العراقية في تعزيز مؤسسات الدولة وإجراء الانتخابات الممثلة للشعب العراقي، كما جددوا دعمهم لجهود الحكومة العراقية في تعزيز مؤسسات الدولة وإجراء الانتخابات الممثلة للشعب العراقي، وتابع البيان "أن المشاركين أقروا بأن المنطقة تواجه تحديات مشتركة تقتضي التعامل معها على أساس الأمن المشترك والمصالح المتبادلة"، وأكد المشاركون "دعم جهود جمهورية العراق في إعادة الإعمار وتوفير الخدمات ودعم البنى التحتية"، وأثنوا على جهود العراق وتضحياته الكبيرة في حربه على الإرهاب، مجددين رفضهم لكل أشكال الإرهاب.
وأشار البيان إلى أن المشاركين أكدوا على ضرورة استمرار التعاون في مواجهة جائحة فيروس كورونا من خلال تبادل الخبرات ونقل التجارب الناجحة، ولفت البيان الختامي إلى أنه تم "الاتفاق على ضرورة توحيد الجهود للتعامل مع التحديات الناجمة عن التغيير المناخي والاحتباس الحراري". وفي المؤتمر الصحفي الختامي، اعتبر وزير الخارجية العراقي أن "قمة بغداد اجتماع هام وتاريخي، لأنه عقد في العاصمة العراقية، وهذا حدث كبير، فعندما نعود إلى العقود الماضية نرى أن بغداد كانت منعزلة عن العالم وبعيدة عنه". وأضاف: "صحيح أنه كانت هناك اجتماعات للتضامن مع الشعب العراقي، لكن هذه الاجتماعات بعد عام 2003 عقدت خارج البلاد، وقبل ذلك التاريخ لم يكن هناك مثل هذه الاجتماعات وربما منذ عام 1980. لذلك، هذا الحدث تاريخي ومهم لأن الاجتماع عقد في بغداد".
وقال إن "بغداد استطاعت أن تجمع قوى مختلفة ودول مختلفة كانت بينها مشاكل، وربما لم تكن هذه الدول تجتمع مع الدول الأخرى، لكن بغداد استطاعت أن تجمع هذه الدول". وأضاف أن "بغداد خلقت حالة حوارية بدلا من حالة الصراعات، إذ صار هناك عمل مشترك بين هذه الدول في المحيط الإقليمي، وحل المشاكل بينها عن طريق الحوار". واعتبر أن القمة ستؤثر على الوضع العراقي والإقليمي "فحالة التوتر والتشنج الموجودة في المنطقة ستتغير إلى حالة أخرى والوضع الداخلي العراقي مرتبط بالمنطقة".
من هنا يتضح أن محاولة العراق في عقد هذه القمة تأتي بعد تقارب كبير شهده العراق مع هذه الدول وغيرها وقمة بغداد بكل تأكيد محاولات إيجابية وستنعكس إيجابا على البلد والمنطقة لكن هناك الكثير من التساؤلات لم تجب عنها هذه القمة منها هل تبقى هذه الدول مساندة للعراق خاصة عندما يتعرض أمنه للخطر، وما موقف هذه الدول من محاولة إضعاف العراق وسوء معاملة مواطنيه على أعتاب هذه الدول وغيرها، ويبدو أن الإجابة عن هذه الاستفهامات وغيرها يتوقف على الآتي:
1- بناء علاقات قائمة على أساس المصالح المتبادلة والمعاملة بالمثل.
2- فتح آفاق تعاونية اقتصادية واستثمارية عالية المستوى وقائم على أساس احترام سيادة البلد في مختلف المستويات.
3- إبعاد العراق عن أي صراعات إقليمية أو دولية، وكذلك عن مخطط المخابرات الدولية من إثارة نزعات داخلية ومنها الطائفية أو الإرهابية.
4- التعامل مع العراق كوحدة سياسية واجتماعية واحدة.
اضف تعليق