يجادل عدد من الخبراء الامريكان في المجلس الأطلسي على وصف قرار الرئيس الأمريكي جوزيف بادين بتحويل القوات الامريكية من الحالة القتالية الى مجرد قوات استشارية بكونه مجرد مخادعة دبلوماسية تستلزم حالة الاستعداد للانتخابات العراقية المقبلة، مثل هذا الجدل يتصاعد ليس في مراكز الأبحاث...
يجادل عدد من الخبراء الامريكان في المجلس الأطلسي على وصف قرار الرئيس الأمريكي جوزيف بادين بتحويل القوات الامريكية من الحالة القتالية الى مجرد قوات استشارية بكونه مجرد مخادعة دبلوماسية تستلزم حالة الاستعداد للانتخابات العراقية المقبلة، مثل هذا الجدل يتصاعد ليس في مراكز الأبحاث الامريكية بل وأيضا هناك نصائح مهمة مطلوب من حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي القيام بها لإقناع الشركاء السياسيين العراقيين بان الشراكة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة تتطلب الكثير من التفاعل على ارض الواقع في عراق الغد المنظور.
تبدو المعضلة في تفسير التفاصيل او كما يقال "توضيح الواضحات" هل المطلوب ان يبقى العراق ضمن القطار الأمريكي ومتغيرات مشروعه" التنمية المستدامة من اجل الامن "ام على فرقاء العملية السياسية العراقية الاعتراف بان ما حصل من تحول في قرار الرئيس بايدن اقرب الى حالة الانسحاب من أفغانستان وإعلان انتصار المحور السياسي الداعم لفصائل "المقاومة الإسلامية" على جميع فرقاء العملية السياسية في عراق اليوم؟؟
من وجهة نظر متواضعة، تبدو خبرة فريق عمل الرئيس بايدن اكثر قدرة على إدارة متغيرات الواقع الأمني والسياسي في العلاقات ما بين واشنطن وبغداد من اغلبية القيادات السياسية العراقية اذا ما تم استثناء القيادات الكردية الأكثر وضوحا في مشروعها الانفصالي، ومواصلة القيادات السياسية التي تدعم محور "المقاومة الإسلامية" الرافض لأي نوع من الوجود الأمريكي في العراق والمدعوم بقوة من النفوذ الإيراني في العراق الذين يجدون ان التحالف الاستراتيجي مع "ولاية الفقيه "الإيرانية افضل لمستقبل العراق من حالة الشراكة الاستراتيجية مع واشنطن، مثل هذا التضارب في تحديد المصلحة الوطنية العراقية يمثل معضلة حقيقية في التعامل مع امن ونزاهة الانتخابات المقبلة.
سواء من ناحية الموافقة على" هدنة السلام" مع الوجود الأمريكي في العراق المرفوضة أصلا من محور "المقاومة الإسلامية" ام في قدرات القوى التي انتجتها احداث تشرين 2019 وادت الى استقالة حكومة عادل عبد المهدي، والتي تنسحب تباعا من المشاركة في هذه الانتخابات.
السؤال: من سيكون أكثر عقلانية في توفير الامن والأمان ونزاهة الانتخابات المقبلة، ضرب القواعد الامريكية بصواريخ الكاتيوشا وطائرات الدرون المتفجرة ام ردود الأفعال الامريكية المتوقعة؟؟
كلا الحالتين تجعل الانتخابات المقبلة على "فوهة بركان متفجر" ما دامت الأحزاب الداعمة لمحور المقاومة الإسلامية تحاول استخدام لعبة الاختفاء بإعلان عدم المسؤولية عن أفعال محور المقاومة، فيما تواصل دعمه في مختلف المجالات اللوجستية والإعلامية، فيما تحاول الحكومة وبعض القيادات التقليدية الكردية والسنية العمل على تهدئة المواقف وانتظار نتائج الانتخابات المقبلة لتطوير الشراكة الاستراتيجية مع واشنطن.
هذه المعضلة في فهم وتحديد المصلحة الوطنية العليا للعراق، المختلف عليها كليا بوضوح صريح بين فرقاء العملية السياسية، تجعل الانتخابات المقبلة امام تحديات حقيقية يمكن ان تؤدي الى تفجير العملية السياسية برمتها وإلغاء الانتخابات وتشكيل حكومة طوارئ لمواجهة استحقاقات ميدانية في ضبط الواقع الأمني.
ومن دون قدرة الحكومة على إيجاد الحلول الناجعة لضبط حركة فصائل "المقاومة الإسلامية" بشتى المسميات ومنها المجلس التنسيقي للمقاومة الإسلامية، والتصريحات الأخيرة لبعض قيادي القوى السياسية التي تقدم مصلحة الصراع الأمريكي الإيراني على الأراضي العراقية على مصلحة العراق في المضي نحو الانتخابات وحدوث مثل هذا الواقع سيجعل إدارة بايدن امام استحقاق الرد بدلا عن الحكومة العراقية للرد على الأفعال التي تقوم بها هذه الفصائل، بما يعزز من جديد الأفكار المتشددة التي ينادي بها عتاة الحزب الجمهوري داخل الكونغرس الأمريكي للرد مقابل رغبة الحزب الديمقراطي وإدارة بادين بعدم الانجرار الى لعبة هذه الفصائل للتأثير على مفاوضات جنيف المقبلة للتوصل الى حلول مقبولة اميركيا للملف النووي الإيراني، يمكن ان تقنع اللوبي الإسرائيلي في الكونغرس.
مشكلة الكثير من القيادات السياسية العراقية انها تتلاعب بالألفاظ لإزالة واقع الاحتلال الأمريكي للعراق في سبيل الغاء اتفاقية الشراكة الاستراتيجية ما بعد الانتخابات، فيما أي تحليل موضوعي يعيد من جديد حالة تعطيل قرار مجلس النواب الذي اتخذ بأغلبية شيعية من دون اتفاق توافقي مع بقية القوى الكردية والسنية على تكليف الحكومة العراقية الغاء قرارها باستدعاء القوات الامريكية للقتال مع القوات العراقية ضد عصابات داعش ما بعد 2014.
لذلك جميع الأطراف الإقليمية والدولية والعراقية على دراية كافية، ان الانتخابات المقبلة مفصلية ومهمة لتحديد ماهية ومضمون المصلحة الوطنية العراقية، هل سيتبقى مع قطار واشنطن والشراكة الاستراتيجية المطلوب ان تكون مستدامة لتحقيق مشروعها في "التنمية المستدامة من اجل الامن"، ام تتحول الى اعتبار العراق الحديقة الخلفية للنفوذ الإيراني.
واذا لم يفجر بركان الاختلافات على ارض المناوشات بين الفصائل الإسلامية المسلحة ومقرات الجيش الأمريكي في القواعد العراقية، فانه حتما سيبقى قابلا للانفجار ما بعد الإعلان عن أي نوع من الخارطة البرلمانية المقبلة التي لن تكمون فيها اغلبية كبرى لتشكيل حكومة من دون العودة الى طاولة المفاوضات لمحاصصة السلطة بين امراء طوائف المكونات العراقية، الامر الذي لا يلبي متطلبات تطبيق مشروع إدارة بادين" التنمية المستدامة من اجل الامن" لذلك سيكون لازما عليها ان البحث عن حلول مباشرة مع حكومة الرئيس الإيراني المنتخب رئيسي ،في اشتراط ان الجلوس على طاولة مفاوضات جنيف المقبلة لابد وان لا يتضمن الكارت الأحمر لعمليات الفصائل المسلحة العراقية وموقف محورها السياسي ضد الشراكة الاستراتيجية بين واشنطن وبغداد ... ويبقى من القول لله في خلقه شؤون!
اضف تعليق