ها هي نيران الحرب غير المباشرة تندلع مجددا بين الولايات المتحدة الامريكية وإيران عبر الأطراف التي تمثل النفوذ الإيراني في العراق، هذا التصعيد الجديد بوتيرة الاحداث تمثل بشن القوات الامريكية غارات على فصائل عسكرية على الحدود العراقية السورية، وبحسب البنتاغون فان القصف استهدف منشآت تابعة...
ها هي نيران الحرب غير المباشرة تندلع مجددا بين الولايات المتحدة الامريكية وإيران عبر الأطراف التي تمثل النفوذ الإيراني في العراق، هذا التصعيد الجديد بوتيرة الاحداث تمثل بشن القوات الامريكية غارات على فصائل عسكرية على الحدود العراقية السورية، وبحسب البنتاغون فان القصف استهدف منشآت تابعة لفصائل موالية لإيران في البلدين.
وتعتبر امريكا هذه الضربات هي ردة فعل على هجمات تعرضت لها قواتها بطائرات مسيرة في العراق، ولم تتخذ الحكومة العراقية أي إجراءات لوقف هذه العمليات التي تشنها الفصائل بين فترة وأخرى على القوات الأجنبية وارتال الدعم اللوجستي التابعة لقوات التحالف الدولي.
فيما نددت دمشق بهذه الضربات التي اعتبرتها تعدي سافر على سيادتها والعراق نظرا لوجود فصائل تعمل تحت اشراف وامرة إيران، وقدمت الأخيرة نصيحة لإدارة بايدن تؤكد فيها على أهمية تغيير مسار السياسة الخاطئة التي انتهجتها الإدارة الجديدة حين وصولها البيت الأبيض، على الرغم من عمرها القصير الذي لا يتعدى السبعة شهور الى الآن.
ويمكن ان نقرأ من بين هذه السطور عدة رسائل تود الإدارة الامريكية إيصالها عبر هذه الضربات، أولها الرد على الأصوات التي تقول ان بايدن متساهل مع الفصائل المسلحة الموالية لإيران، وهو بذلك فند هذه النظريات واثبت مجددا ان الفصائل المتواجدة على الأرض العراقية، لا تزال تشكل خطرا على المصالح الامريكية، كما انها تعرقل عمل القوات الأجنبية بهجماتها المباغتة والتي عادة ما تصيب المدنيين العراقيين، أكثر من عناصر الوجود الأمريكي.
والرسالة الأخرى هي الحد من تصرفات إيران التي تصفها حكومة البيت الأبيض بانها خارج الشرعية الدولية، فهي تعمل عبر فصائلها في العراق بصورة غير قانونية وبصيغة لا تتماشى والاحكام الدولية، وفي المقابل يمكن تفسير هذا التحرك الأمريكي هو للضغط على إيران التي اخذت تدفع باتجاه ارجاع الولايات المتحدة الى الاتفاق النووي، من خلال مباحثات فينا، فهي لا تريد العودة بشروط منقوصة، وبالتوازي مع هذه الضغوطات تخلت حكومة طهران عن الكثير من التزاماتها في الاتفاق المبرم مع أمريكا بزمن الرئيس اوباما.
الضربات التي سمح بها الرئيس الديمقراطي جو بايدن مدروسة ولم تعكس تخبط في القرار الامريكي، بل يمكن وضعها ضمن السياسة الامريكية والتي تفسر مبدأ الاستراتيجية الامريكية في التعامل مع المواقف، وهو الإمهال وليس الإهمال، وجاءت هذه الضربة بعد صبر طويل على هجمات متعددة في فترات متقاربة.
واستطاعت الضربة الامريكية ان تطرد الأوهام المسيطرة على ذهنية تلك الفصائل، وما يتوجب عليهم فعله في المرحلة القادمة، مراجعة حسابتهم والتفكير مليا بالنتائج المتوقعة في حال التفكير او محاولة الاقدام على أي نوع من أنواع التصعيد، فربما تكون الردود أكثر قسوة في المرات القادمة، وتكتفي بذهاب عدد من الضحايا.
ومن الواضح ان الضربات الامريكية الأخيرة، نسفت توقعات الفصائل بان الولايات المتحدة تمر بمرحلة تراجع بقوتها في العهد الجديد، فهي تعاني من مشاكل داخلية تتعلق بالجانب الاقتصادي، فضلا عن حربها الدائمة مع الصين ومحاولاتها الحد من تنامي دورها في المنطقة، التي اتخذتها سوقا جديدا لتصريف منتجاتها وتسويق بضائعها الى السوق الرائجة.
فعلى العكس مما تم وصف حكومة بايدن المتهاونة، فقد كشفت منصات إعلامية أمريكية عن خيارات مطروحة من قبل الرئيس في الرد على الهجمات المسيرة التي تستهدف مصالح واشنطن في العراق، خصوصا وان الرد الأخير اتى بعد ستة هجمات متتالية نفذت بطائرات مسيرة التي تمثل تكتيكا جديدا في تنفيذ الهجمات وهو ما يثير قلق الولايات المتحدة واضعة بذلك العديد من الاحتمالات لمواجهة عمليات التصعيد المتوقعة.
التوغل الإيراني في الشأن العراقي ولد لها الانطباع على انها من يتحكم ببقاء الوجود الأجنبي في العراق من عدمه، من خلال حث أنصارها داخل الاروقة السياسية على اصدار قرارات تُجبر القوات الاجنبية على جدولة انسحابها، على غرار ما حصل من اتفاق سحب القوات من أفغانستان وانهاء هذا الملف الذي يعتبر من الملفات المؤرقة لإيران صاحبة الهيمنة على الأرض.
اضف تعليق