كل دولة عربية او اسلامية تشكل تهديدا محتملا على (اسرائيل) راهنا او مستقبلا، لابد أن تُدمر، وان تُعاد الى عصر ما قبل الصناعة، ويجب أن تظل عليلة لا هي بالميتة ولا هي بالمعافاة، وأن يسلط على قيادتها الجهلة، او من البعيدين عن ثوابت الامة وقضاياها المصيرية...
كل دولة عربية او اسلامية تشكل تهديدا محتملا على (اسرائيل) راهنا او مستقبلا، لابد أن تُدمر، وان تُعاد الى عصر ما قبل الصناعة، ويجب أن تظل عليلة لا هي بالميتة ولا هي بالمعافاة، وأن يسلط على قيادتها الجهلة، او من البعيدين عن ثوابت الامة وقضاياها المصيرية، او الذين لا يمتون بصلة للإدارة الرشيدة للدول.
ففي ذلك تمزيق للمجتمعات وتخريب للبلدان، هكذا هو المنظور الصهيوني الأمريكي للمنطقة، بل حتى الذين مدوا يد السلام لهم، متذرعين بحلول أوسلوا، او ان الصراع المستديم لم يفض الى تحرير المغتصب من الأرض او تحقيق السلام الدائم، او ان الذين تولوا ادارة القضية الفلسطينية فاسدون، لن يكونوا بمنأى عن هذه النظرة، وسيأتي اليوم الذي تتكرر به مقولة القذافي بعد اعدام صدام بأن الدور سيأتي علينا لاحقا.
وما تنبأ به حدث له، وبعده صالح، وكان من المخطط أن يطول المصير نفسه بشار الأسد، لولا تدخل الروس، وتبّدل الاستراتيجيات، ولم يرتق حال أي من الدول العربية التي مستها نسائم ما يسمى (بالربيع العربي) وهي خير مثال على ما يراد للأمة أن تكون عليه.
ولن تتأسف الشعوب على ما سيطولهم من مصير، كما لم يتأسفوا على انهيار الدكتاتوريات والأنظمة الفاسدة التي اتخذت من القضية الفلسطينية ذريعة لإحكام سيطرتها على السلطة، وظلت شعارا على مدى سبعين عاما، بينما أذاقوا الناس الأمرين قتلا وتشريدا.
يُراد لهذا الكيان المغتصب لشرف الامة أن يسود، وأن تكون له اليد الطولى في المنطقة، ويعمل على تحويلها الى كيانات صغيرة متصارعة ليتمكن من التحكم بمقدراتها وقتل ارادة النهوض فيها، ويكشف هذا عن ان الوطن العربي يربطه مصير مشترك، وكنا سمعنا وقرأنا هذا الكلام من عقود، لكن التفكير بالضيق من المصالح، وقصر النظر، والتضحية بكل شيء من أجل البقاء على رأس هرم الدولة، وعدم الايمان الحقيقي بالأمة أدى الى هذا الواقع المذل والضعف المهين، الذي وصل بمن يسمون أنفسهم قادة الامة الى مستوى الخوف حتى من الشجب والاستنكار ازاء جرائم ممنهجة ترتكب بحق شعبنا العربي في فلسطين المحتلة.
يُدرك جميع من تسلطوا على رقاب الشعب العربي هذه الحقائق البديهية، ولكن كل يحاول بطريقته ابعاد النار عنه ولو الى حين، وعندما يشعرون باقتراب النهاية، يقدمون التنازلات تلو التنازلات، ولكن سيأتي اليوم الذي لن تفيد فيه التنازلات على كثرتها، متناسين تلك الشعارات التي صدعوا بها رؤوس الناس، وأحيانا يغض الأعداء النظر عن بعضهم لزمن معين، بينما يسحل البعض الآخر بطريقة مهينة، ويقتل المتميز منهم بمحاكمة صورية على قضية محلية دون السماح له بالحديث عن أسرار القضايا الكبرى.
هذا ما ينتظر جميع حكامنا المقرب منهم (لإسرائيل) والبعيد، طال الزمن او قصر، طالما ظل الخنوع والضعف مسيطرين، ولا مجال للخلاص من هذه النهايات المأساوية الا باستنهاض الهمم ورفض الهوان والاستناد الى الشعب والايمان بقدراته، وهي قدرات متنوعة وغير محدودة، وبمقدورها وضع حد للعدوان والظلم.
وما يقوم به أبطال غزة في تصديهم للجرائم البشعة التي ترتكب ضد الفلسطينيين على بساطة امكانياتهم قياسا بإمكانيات العدو، دليلا قاطعا على قدرة العرب على قهر عدوهم، فما بالك لو حشدت قدرات الامة جميعها وبنية صادقة وعزيمة راسخة، فلا شك في ان النصر متحقق، وسيُجبر العدو على الرضوخ للسلام في اطار المبادرة العربية التي لم يحترمها مثلما أدار ظهره للكثير من المبادرات الدولية، لماذا؟ لأنها لا تتوافق مع نهجه التوسعي الذي لن يقف الا عند الفرات والنيل لا سامح الله. وبدل أن يوقف حكامنا هذا النهج الظالم بفعل تاريخي، يحشدون شجاعتهم وطاقاتهم على تهديم بلدان اخوانهم، واستبدال عدوهم الحقيقي بآخر من الأشقاء او الأصدقاء.
اضف تعليق