أتعجب من نبرة متكبرة تنتقد تخطيط الدول لاستخدام الاعلام لاسيما القنوات الفضائية والتواصل الاجتماعي‮ ‬بعد ركود الصحافة الورقية لتسويق مصالح استراتيجية‮، ‬من دون ان‮ ‬يقدم صاحب هذه النبرة البدائل الكفيلة بمعادلة ما‮ ‬يوصف بكونه حربا اعلامية منظمة تستهدف هذا او ذاك من اهل العراق‮...

أتعجب من نبرة متكبرة تنتقد تخطيط الدول لاستخدام الاعلام لاسيما القنوات الفضائية والتواصل الاجتماعي‮ ‬بعد ركود الصحافة الورقية لتسويق مصالح استراتيجية‮، ‬من دون ان‮ ‬يقدم صاحب هذه النبرة البدائل الكفيلة بمعادلة ما‮ ‬يوصف بكونه حربا اعلامية منظمة تستهدف هذا او ذاك من اهل العراق‮، ‬الذي‮ ‬فرقته الاحزاب المتصدية لسلطان الحكم الى جماعات طائفية وعرقية‮!

‬ربما هناك من‮ ‬يختلف معي‮ ‬في‮ ‬اعتبار ‬المنتج الاعلامي‮ ‬بضاعة تمثل مخرجات الاستراتيجية العليا للدولة‮ ‬سواء أكان هذا المنتج دراما تلفازية‮ ‬او مهرجان شعر‮، او معرضا‮ ‬للتحف‮ ‬الحضارية او الموروث الشعبي‮، ‬فكل تفاعل عبر الانتاج الاعلامي‮، لابد وان‮ ‬يصيب هدفه لتسويق مفردة في‮ ‬الاستراتيجية العليا للدولة‮.

‬مقارنة ذلك عراقيا‮ ‬تجعل اي‮ ‬عراقي‮ ‬امام حقيقة مرعبة تتمثل في‮ ‬اشباح الدولة العميقة وعدم القدرة على الانسجام والتفاهم البراغماتي‮ ‬حتى عند النوع الواحد‮، ‬مثال بسيط على ذلك‮، ‬خلال معارك التحرير من داعش الارهابية‮، ‬سألت احد المسؤولين عن الاعلام عن عدم توحيد المواقف في‮ ‬بيان عسكري‮ ‬لناطق‮ ‬رسمي‮ ‬باسم جميع القوات المقاتلة وهي‮ ‬تمثل اطراف متعددة في‮ ‬فصائل الحشد الشعبي‮ ‬فضلا عن بقية صنوف القوات العراقية المسلحة‮.

‬كان الجواب واضحا‮ ‬لكل فصيل وقيادة قوات ناطق رسمي‮، ‬ناهيك عن ظهور قيادات عسكرية في‮ ‬لقاءات متلفزة او عبر التواصل الاجتماعي‮، ‬السؤال‮ ‬اذا كنا في‮ ‬مواجهة عسكرية‮ ‬غير قادرين على ضبط التخطيط الاعلامي‮ ‬والخروج‮ ‬بخطاب واحد‮.

‬كيف‮ ‬يمكن ان تترجم اشباح حالة اللادولة في‮ ‬اجندات حزبية متعارضة وربما متضاربة نتاجها في‮ ‬الخطاب الاعلامي‮ ؟؟؟ السؤال الاخر : ‬هل ثمة امكانية لتوحيد الخطاب الاعلامي‮ ‬على الاقل تحت نص وروح الدستور العراقي‮ ‬النافذ؟؟ لاسيما بوجود هذا الكم المتزايد من المحللين بمسميات مختلفة ومن مشارب فكرية متعددة‮.

‬الجواب بسيط جدا‮، ‬يفترض ان تكون هناك تعليمات واضحة وصريحة‮ ‬لكل من‮ ‬يمتلك وسيلة اعلامية تبدا بعقد التشغيل لموظفيه‮، وتنتهي‮ ‬عند ثوابت الخطاب الوطني‮، ‬ليس بشكل انتقائي‮، ‬بل بكل شفافية ومراقبة برلمانية‮ ‬وشعبية‮، السؤال الاهم والابرز لكل من‮ ‬ينتقدون الاعلام الاخر‮ ... ‬هل‮ ‬يستطيعون‮ ‬الاتيان بالبدائل‮ ‬الافضل؟؟

الأكيد عندي‮ ‬ان ملايين الدولارات صرفت وستصرف‮ ‬فقط من اجل الاعلان عن اجندات حزبية‮، ‬لا اعلام حزبي‮، ‬وشتان ما بين الاعلان والاعلام‮، ‬بل الكثير من هؤلاء المنتقدين للاعلام الاخر فشلوا حتى في‮ ‬حرفة ومهنة الاعلان عن اجندات احزابهم‮، ‬حتى باتت الكثير منها تعتمد خبرات عربية بدلا من الخبرات العراقية‮.

‬وهكذا‮ ‬يتكرر الفشل مرة أخرى واخرى لان الكثير من وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي‮ ‬العربية، ‬لم تفهم حتى اجندات تلك الاحزاب لتقوم بتسويقها للجمهور المتلقي‮ ‬عراقيا‮، ‬ما بين هذا وذاك‮، ‬ونحن نتجه الى انتخابات تاسيسية جديدة للإصلاح الشامل‮، ‬انصح الكثير من الاحزاب‮، ان تفهم مهنية حرفة الاعلام والتخصص في‮ ‬فروع العمل داخله‮، ‬وكما قال المثل، ‬ليس كل من سود وجهه حدادا‮!! ‬بل‮ ‬يحتاج الامر الى مهنية معروفة‮ ‬وتخطيط علمي‮ ‬وقراءات للواقع‮، واستكشاف للجمهور‮.

اما اذا ضرب الغباء اطنابه لتوزيع كعكة الحزب على الاقربين‮، ‬فالنتيجة تبقى تحت عنوان واحد، اعلامهم ضدنا‮ ‬واعلامنا لا‮ ‬يصل حتى لجمهورنا‮ ...‬ولله في‮ ‬خلقه شؤون‮.‬

..........................................................................................................
* الآراء الواردة في المقال قد لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق