الاتفاقية مع الصين التي كتب عنها اكثر مما كتب عن كتاب رأس المال لماركس هي اتفاق محدود بقيمة 10 مليار دولار - قابل للزيادة - وعلى مدى 20 سنة يقوم العراق خلاله بدفع قيمة عقود اعمار يوقعها مع شركات صينية بالنفط الخام بمعدل 100 الف برميل يوميا...
الآن وقد دخلنا قدس الاقداس وعرفنا ماهية الاتفاقية مع الصين، استطيع ان اجيب - او احاول ان اجيب - عن السؤال المطروح منذ ايام: ما هو الافضل للعراق؟ الصين ام مصر؟
اولا لنختصر بسطور قليلة ما فهمناه عن الاتفاقية مع الصين لكي يكون الجميع مطلعين ومواكبين.
الاتفاقية مع الصين التي كتب عنها اكثر مما كتب عن كتاب رأس المال لماركس هي اتفاق محدود بقيمة 10 مليار دولار - قابل للزيادة - وعلى مدى 20 سنة يقوم العراق خلاله بدفع قيمة عقود اعمار يوقعها مع شركات صينية بالنفط الخام بمعدل 100 الف برميل يوميا.
كما تقوم مؤسسات مالية صينية باقراض العراق او بضمان قروض العراق من مؤسسات اخرى في حالة الحاجة بسبب انخفاض اسعار النفط او توقف التصدير او الانتاج لاي سبب اخر، هذه الاتفاقية ليست اولا اتفاقية عملاقة او شاملة. هي اتفاقية محدودة وان كانت قابلة للزيادة بطبيعة الحال، من جهة ثانية التوجه لمصر يعني امكانية تزويد مصر للعراق بالغاز الذي يحتاجه لتوليد الكهرباء ومنتجات اخرى.
الاجابة على السؤال المطروح هي ان الاتفاق مع مصر لا يلغي ولا يشترط الغاء الاتفاق مع الصين. وليس هناك مانع من التوجه للاثنين معا.
المشكلة هي ليست اين نتجه؟ المشكلة هي ان العراق ليس بيئة جاذبة لاي استثمار اجنبي لانه يفتقر للامن من جهة وغارق في الفساد من جهة ثانية وفيه عشرات من مراكز القرار من جهة ثالثة وهذه كلها عوامل تجعل عمل الشركات الاجنبية فيه كابوسا.
اسألكم سؤالا واحدا: لو كنت انت صاحب شركة كبرى في مجال الاعمار، هل تغامر وتستثمر في العراق؟
اذا كانت الحكومة العراقية ستدفع لك، ستقبل لكن النتيجة ستكون على الاغلب نفس نتائج اعمار الـ 18 سنة الاخيرة: مشاريع غير مكتملة او وهمية وحصول الشركات على اموال العراق دون تنفيذ التزاماتها.
اما اذا كنت مطالبا بالانفاق مقدما من مالك، فعلى الاغلب لن تستثمر في العراق لانه بيئة خطرة وستضطر الى رشوة العشرات من المسؤولين والجماعات الخارجة عن القانون في كل خطوة.
السؤال المهم الاخر الذي يستحق الاجابة عليه: هل تستحق الاتفاقية الصينية ان تتأمر عليها امريكا وبريطانيا واسرائيل والسعودية والامارات وتركيا وقطر ومصر البرزاني وحزب البعث وداعش والكويت والاردن والجوكريين والتشرينيين ليسقطوا الحكومات التي سعت لعقد هذه الاتفاقية؟
انا اعلم ان الولايات المتحدة تضغط - علنا - في حال اشترت دولة - تعتمد على السلاح الامريكي - سلاحا روسيا كما تضغط احيانا في حالات اخرى في ميدان الطاقة، لكني لا اعتقد ان الاتفاقية مع الصين مهمة الى حد تهديد مصالح الولايات المتحدة لكي تتأمر على عادل عبد المهدي - وهو صديق مفضل (الى حد ثورة تشرين على الاقل) - للولايات المتحدة، الحل للعراق هو القضاء على الفساد والجماعات الخارجة عن القانون وتعدد مصادر القرار وبدون ذلك لا الصين ولا مصر ولا الجن الازرق قادر على انقاذ العراق او اعماره!
اضف تعليق