يخطأ كثير من القيادات السياسية العراقية في تفسير ما تقوله السيدة جينين هينيس - بلاسخارت ممثلة الأمم المتحدة في بغداد خلال احاطتها لمجلس الامن الدولي الدورية، فالأمم المتحدة انما تتعامل مع قرارات صادرة من مجلس الامن الدولي في شان المسالة العراقية الكويتية حتى اليوم...

يخطأ كثير من القيادات السياسية العراقية في تفسير ما تقوله السيدة جينين هينيس - بلاسخارت ممثلة الأمم المتحدة في بغداد خلال احاطتها لمجلس الامن الدولي الدورية، فالأمم المتحدة انما تتعامل مع قرارات صادرة من مجلس الامن الدولي في شان المسالة العراقية الكويتية حتى اليوم، كما ان تكرار صيغة مقارنة واقع عراق اليوم مع معايير الحكم الرشيد والتنمية المستدامة ما زال يشكل المنهجية التي تقوم عليها هذه الإحاطة للمجتمع الدولي من نافذة مجلس الامن وقرارته عن العراق.

اكثر من يمكن التوقف عنده في القراءة الأخيرة لإحاطة مجلس الامن في 16 شباط الماضي انا اشارت بوضوح الى انتظار رد مجلس الامن الدولي على طلب الحكومة العراقية بمراقبة الانتخابات المقبلة، ليس بمعايير الوجود ضمن فرق المراقبة التي تزور مراكز انتخابية فحسب بل للعمل مع العراقيين في التأكيد من نزاهة الانتخابات المقبلة على وفق التصورات التي خرجت بها بعد اللقاء مع المرجع الأعلى اية الله علي السيستاني، وثمة فارق بين اقوالها في الإحباطات السابقة وبين ما قالته بوضوح في هذه الإحاطة، ان العراق ينتظر موافقة مجلس الامن الدولي بقولها ((يوجد أمام هذا المجلس حالياً طلب من الحكومة العراقية بخصوص المراقبة الانتخابية. وأدرك أنه لم يُتخذ قرار بعد في هذا الخصوص، ولكني أود أن أغتنم هذه الفرصة للتأكيد على أهمية وضرورة تكوين فكرة واضحة)).

اما لماذا كل هذه المفاوضات لإصدار قرار جديد من مجلس الامن الدولي لمراقبة الانتخابات المقبلة فحددتها في قولها ((لكي تجري انتخابات نزيهة، من الضروري أن تعمل جميع الأحزاب والمرشحين في مناخ حر وآمن، كما ينطبق ذلك على العاملين في وسائل الإعلام. وفي هذا الصدد، فإن الأحداث التي وقعت مؤخراً تثير قلقاً بالغاً، على أقل تقدير)). واضافت ((ومن هذا المنطلق، أدعو جميع الأطراف والجهات المعنية والسلطات إلى الجلوس معاً للاتفاق على "مدونة قواعد سلوك"، والسماح لجميع المرشحين العراقيين بالعمل بحرية؛ دون اعتبار للعرق أو نوع الجنس أو اللغة أو الدين أو المعتقد أو الخلفية)). موضحة ((ويجب أن يكون بوسع أي عراقي يرغب في المشاركة في هذه الانتخابات كمرشح أو عضو في حملة انتخابية، أن يقوم/تقوم بذلك دون أي خوف من الترهيب أو الاعتداء أو الاختطاف أو الاغتيال. ومن البديهي أنه يجب أن يشعر الناخبون بالحرية التامة في اختيار مرشحهم المفضل)).

المعنى الاولي لما ورد في هذه الإحاطة ان الولاية القانونية لبعثة الأمم المتحدة في مراقبة الانتخابات مع الحفاظ على الاطار العام لملكية العراقيين هذه الانتخابات ستكون غير ما كانت عليه في الانتخابات السابقة، وربما تتطلب الالتزام بمعايير دولية محددة في القرار المنشود لتكون المقارنة ما بين حقيقة الالتزام بها ووقائع نزاهة الانتخابات المقبلة، وهي حالة لابد من التوقف عندها في تحديد "مدونة قواعد سلوك" انتخابية دولية يفترض بجميع المرشحين الالتزام بها ومثل هذه المدونات تحتاج الى اجماع وطني غير متحقق حتى اليوم في وجهات نظر متضاربة الى الهوية الوطنية لهذه الانتخابات!

يضاف الى ذلك ان مفردات عرفتها مواقع التواصل الاجتماعي عن السلاح المنفلت او حالة اللادولة او الدولة العميقة، ما زالت تلقي بظلالها على ذهنية تلقي الناخب العراقي مفردة نزاهة الانتخابات المقبلة كونها مجرد وهم فالمضمون هو تزوير الانتخابات لصالح هذا الطرف او ذاك مما يجعل الأغلبية الصامتة او ما يعرف بحزب "القنفة" الذين ينتقدون فقط من دون أي مساهمة في أفعال التغيير وينتظرون الأمم المتحدة ان تقوم بمهمة التغيير كما فعلت الولايات المتحدة في 2003 لإسقاط النظام الشمولي السابق، فيما كلمات بلاسخارت واضحة وصريحة وشفافة، يمكن ان تترجم في قرار لمجلس الامن الدولي اذا لم تستخدم الصين وروسيا الفيتو ضده لاسباب إقليمية معروفة تجعل الانتخابات المقبلة مجرد لعبة تغيير وجوه والاتيان بوجوه أخرى بذات مواصفات الوقاع المفروض لنظام مفاسد المحاصصة، السؤال يبقى مطروحا: كيف ستتعامل قوى السلاح المنفلت او الدولة العميقة او أحزاب العوائل مع قرار مجلس الامن الدولي الجديد؟ ويبقى من القول لله في خلقه شؤون !

..........................................................................................................
* الآراء الواردة في المقال قد لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق