من خلال مطالعة ما نشره الشيوعيون والبعثيون خلال الايام القليلة الماضية استطيع ان اقول ان مرور 58 سنة على انقلاب 8 شباط 1963 لم تعلم كلا الفريقين - الا ما ندر - اي شيء! الشيوعيون يحتفلون بعبد الكريم قاسم الشهيد ويتغنون بملائكيته وحكمته...
من خلال مطالعة ما نشره الشيوعيون والبعثيون خلال الايام القليلة الماضية استطيع ان اقول ان مرور 58 سنة على انقلاب 8 شباط 1963 لم تعلم كلا الفريقين - الا ما ندر - اي شيء! الشيوعيون يحتفلون بعبد الكريم قاسم الشهيد ويتغنون بملائكيته وحكمته. والبعثيون يترحمون على علي صالح السعدي وهو ايضا في نظرهم ملاك.
ولكي تكتمل الصورة يجب ان اذكر ان الملكيين يتغنون بنوري السعيد لانه ايضا في نظرهم ملاك، الشيوعيون لازالوا يرددون حكاية القطار الامريكي واذاعة الكويت السرية لانها افضل دليل بنظرهم على انهم الحق المطلق وان الخصم هو الباطل المطلق.
ورغم ان من بينهم مئات ان لم يكن الاف ممن يتقنون الانكليزية فلم يكلف احد نفسه عناء قراءة اي وثيقة من الاف من الوثائق المنشورة عن تلك الحقبة ليروا ان كان هذيان مجرم سكران يستحق ان يصبح اهم وثيقة سياسية في عصرنا!
ورغم ان حنا بطاطو روى حكاية الاذاعة السرية التي تبث اسماء الشيوعيون لينفيها فقد تمسك جيل كامل من العراقيين بالرواية وتركوا النفي، اما البعثيون فليس هناك ذرة ندم او تأنيب ضمير لكل الارواح التي ازهقت ولا اي اعتذار لضحايا التعذيب البشع الذي مارسوه في عام 1963 الاسود.
لا احد يريد ان يخرج من اجواء 1959 و1963. وكأن الزمن توقف ومعه تحجرت العقول والقلوب، لا احد من الملكيين يقبل ان يتحمل نوري السعيد نصيبه من المسؤولية منذ عام 1941 ومرورا ب 1948 و1949 و1952 و1953 و1956، ولا شيوعي يقبل مساءلة قاسم عن 1958 و1959ن ولا بعثي يقبل مساءلة السعدي عن عروس الدم.
ايها السادة: اذا كان نوري السعيد وعبد الكريم قاسم وعلي صالح السعدي ملائكة وحكماء فكيف خرج من عصيهم صدام حسين؟ (وهو بالمناسبة ملاك وحكيم ايضا لمحبيه وتلك حكاية اخرى)، واذا كان صدام ملاكا وحكيما فكيف خرج من شاربه المسؤولين الفاسدين والمتطرفين ؟ اذا كان الاباء والاجداد بهذه العقلية، فماذا نترجى من الابناء والاحفاد؟
لماذا نستغرب حال العراق في عهد صدام وحاله الان ومن مارس السياسة قبل 60 سنة لم يتعلم منها اي شيء؟ من مذابح الاثوريين والفرهود واعدام فهد ولدت مذبحة العائلة المالكة، ومن مجازر الموصل وكركوك خرج حوار الدم في 8 شباط، ومن اعدامات حزب الدعوة وقمع الانتفاضة والانفال خرج الكتل السياسة الفاسدة، ومن كل هؤلاء ولدت الحرب الطائفية وداعش.
سلسلة لا تنتهي من العنف والدم لان ممارسيها يرفضون الاعتراف باخطائهم ويرفضون ان يتعلموا منها، ومن لا يتعلم من التاريخ محكوم عليه بتكراره.
اضف تعليق