يحلو للكثير من العراقيين السخرية من الهنود. فيقال: شافنا سود عباله هنود. كما ان عبارة الفيلم الهندي يقصد بها عادة الكذب، لا اعلم ان كان العرب ايضا يشاطرون العراقيين هذه الآراء ام لا، دعونا الان ننظر وبتجرد الى حال الامتين: الامة الهندية والامة العربية...
يحلو للكثير من العراقيين السخرية من الهنود. فيقال: شافنا سود عباله هنود. كما ان عبارة الفيلم الهندي يقصد بها عادة الكذب. وكثيرا ما ينظر الى ديانات الهند بدونية فيقال عبدة البقر وغيرها. (لا اعلم ان كان العرب ايضا يشاطرون العراقيين هذه الاراء ام لا).
دعونا الان ننظر وبتجرد الى حال الامتين: الامة الهندية والامة العربية.
الاستقلال:
خاض الهنود استقلالهم تحت راية زعيم عظيم يحترمه العالم كله هو المهاتما غاندي. فقرر بحكمته ان اللاعنف اجدى من العنف وناضل ووحد امته تحت رايته حتى اخرج الانكليز واقام دستورا ديموقراطيا فدراليا للهند.
شذ عن ذلك زعيم العصبة الاسلامية محمد عي جناح فقرر اقامة دولة للمسلمين فظهرت باكستان.
اما العرب فخاضوا نضالا مختلفا ضد الاستعمار. فبعض زعمائهم تميز بالحكمة مثل فيصل الاول في العراق وشكري القوتلي في سوريا وسعد زغلول في مصر وفي اماكن احرى كان الاستقلال دمويا مثل الجزائر.
النظام السياسي:
تمسك الهنود بالديموقراطية والفدرالية وبهما حافظوا على وحدة امتهم ومنعوا ظهور الديكتاتورية في مجتمع اغلبه جاهل وهاتان معجزتان تحسبان لغاندي وخلفائه نهرو وانديرا غاندي...
اختار العرب طريق الدبابة وسيلة للحكم فادخلوا شعوبهم في نفق مظلم لم ينتج الا الدم والخراب.
الامن الغذائي:
بالرغم من عدد سكان الهند الهائل (مليار و350 مليون انسان) ينتج الهنود اغلب ما يستهلكوه من الطعام. ورغم وجود مشكلة في نوعية الغداء (نقص البروتين الحيواني) لاقلية فقيرة من السكان فقد نجحت الهند في تجنب المجاعة لا بل هي تصدر كثير من منتجاتها الغذائية للعالم.
اما العرب ورغم ان الطبيعة حبتهم بالنيل ودجلة والفرات فلا زالوا يستوردون الجزء الاكبر مما يأكلوه.
الامن والاقليات:
بسبب الديموقراطية والفدرالية فقد نجحت الهند في احتواء مشاكلها الامنية رغم بقاء مشكلة كشمير. ومع ذلك يعيش الهنود بشكل عام بتعايش وان كان هناك تمييز متزايد ضد المسلمين في السنوات الاخيرة بسبب سياسات رئيس الوزراء الحالي مودي. مع هذا يعيش في الهند اقل بقليل من 200 مليون مسلم وهو ثالث اكبر عدد للمسلمين في العالم. وفي النهاية فان العلاقة بين الهندوس والمسلمين في الهند اقل عنفا بكثير من العلاقة بين الشيعة والسنة!
اما العرب وبسبب الديكتاتورية فدخلوا في سلسلة لا اول لها ولا اخر من الحروب الاهلية في لبنان والصومال والسودان والعراق وسوريا وليبيا واليمن كما هجرت طوائف واديان فغادر اليهود واضطهد المسيحيون والايزيديون والكورد والشيعة واستقل جنوب السودان. كما غرق العالم العربي بالارهاب والتفجيرات والاغتيالات وتوج كل ذلك بداعش.
النظام التعليمي:
للهند نظام تعليمي يشار اليه بالبنان. وقد وصلت نسبة الامية فيها الى حوالي 20% فقط. ونسبة انخراط الاطفال بالمدارس تبلغ الان 96%. كما ان مستوى التعليم متقدم نسبيا ويمتاز الهنود بسمعة ممتازة في الرياضيات والبرامجيات والطب. وللهنود ثقافة علم وعمل جعلتهم مرغوب بهم في كل انحاء العالم.
للعرب واحد من اسوأ انظمة التعليم في العالم. وباستثناء تونس والاردن ولبنان ودول الخليج الصغيرة - وربما مصر - فان العالم العربي لا يعلم ابنائه بما فيه الكفاية وان علمهم فيملأ عقولهم بسخافات نظريات المؤامرة وغيرها مما يعطل العقل بدلا من تحفيزه.
انتاج الكهرباء:
تمكنت الهند من الاكتفاء الذاتي بانتاج الكهرباء من مصادر مختلفة.
لا تزال هناك دول عربية مثل العراق ولبنان - والى وقت قريب مصر ايضا- تغرق في الظلام في الصيف والشتاء بسبب عدم توفر الكهرباء.
الاسلحة النووية وبرامج الفضاء:
للهند برنامج نووي متقدم ولها ترسانة من حوالي 150 قنبلة ذرية كما ان لديها برنامج فضاء ايضا. وكان لديها مخزون اسلحة كيمياوية لكنها تبرعت طوعا ودمرته. وسياستها النووية المعلنة هي عدم البدء باستخدام الاسلحة النووية وابقائها للردع فقط.
كان للعرب محاولات نووية وكيمياوية وجرثومية في مصر والعراق وسوريا وليبيا. لكن حماقة قادة العرب ادت الى استخدام اسلحة العرب الكيمياوية ضد شعوبهم كما حدث في العراق وسوريا.
السينما:
تنتج الهند حوالي 1800 فيلم كل عام ولها صناعة سينما راسخة توفر المتعة والدخل لسكان البلاد.
ليس لدى اي دولة عربية (صناعة) سينما راسخة الا مصر وربما لبنان (جزئيا). اما باقي الدول فلديها افلام تنتج هنا وهناك.
بعد هذه المقارنة، هل لا زلت يا عزيزي العراقي - وربما العربي - تعتقد انك افضل حالا من الهنود؟
اتعلم لماذا الهندي افضل منك؟
لان الهندي لا يبدأ يومه وهو يعتقد انه محور الكون والعالم كله يتأمر ضده. ولانه ايضا يؤمن بقيمة العلم والعمل معا.
اما نحن العرب فصم بكم عمي فهم لا يفقهون!
اضف تعليق