q

حساب الأيام وعد الساعات والثواني تعود من جديد في معادلة النووي الإيراني... بعد اقتراب نهاية المهلة الأخيرة في 30/حزيران... وما بعدها يمكن ان يعني أحد ثلاث أمور... فأما يصار الى التمديد لأشهر إضافية... او أيام أخر، كما حدث عند توقيع "الاتفاق المرحلي" او "إطار العمل"... او قد يحدث ما ليس بحسبان أحد... انهيار المباحثات النووية وعودة الوفود المفاوضة الى بلدانها من دون التوقيع او الموافقة على أي شيء... طبعا الاحتمالان الأوليان احتمال العمل بهما وارد بشكل كبير... اما الاحتمال الثالث فهو مستبعد في الوقت الحالي، والسبب بسيط... فالأجواء المحيطة بالمفاوضات الحالية بين ايران والقوى الكبرى الست... أجواء يحيطها التفاؤل (وان كان حذرا) بإمكانية ابرام اتفاق نهائي مع ايران يضمن سلمية برنامجها النووي مقابل رفع العقوبات الاقتصادية عنها... ودمجها في المجتمع الدولي والإقليمي.

لكن هل هذا كل شيء؟

الضغوط التي تمارس في الجولات الختامية للمفاوضات، عادة، ما تكون هائلة على الدول... لكنها تكون أكثر ضغطا على الوفود المشاركة والتي تمثل السياسية العامة للبلد الذي تمثله... فهي اما ان تحمل على الاكتاف... كما شهدنا ذلك عند عودة وزير الخارجية الإيراني "ظريف" بعد ان استقبله جمع من المؤيدين لسياسية الإصلاحيين في التفاوض والتقارب مع الغرب... او يتهم بالخيانة والضعف... كما شهدنا، أيضا، الاتهامات التي وجهت لوزير الخارجية الإيراني "ظريف" من قبل "المتشددين" في التيار المحافظـ، ومن على منصة البرلمان الإيراني.

وبمناسبة ذكر البرلماني الإيراني او "مجلس الشورى"... الذي اعد العدة لمشروع قانون "الخطوط العريضة لمشروع إلزام الحكومة بحفظ المنجزات النووية"، لسحب البساط من "حكومة الإصلاحيين" وإعطاء الكلمة الفصل للموافقة او الرفض في أي اتفاق نووي إلى "المجلس الأعلى للأمن القومي"... وهي هيئة يسيطر عليها المرشد الأعلى للثورة "خامنئي"... وطبعا فان مشروع القانون المقترح يرفض الموافقة على:

- تفقد الأماكن العسكرية والأمنية والحساسة غير النووية.

- مقابلة العلماء النوويين الإيرانيين او الاطلاع على أي وثائق او اسرار نووية إيرانية.

- رفع فوري للعقوبات الاقتصادية كشرط أساسي لتوقيع أي اتفاق نووي مع الغرب.

وغيرها من الشروط التي اعتبرها البعض "تعجيزية" لإرباك المفاوضات النووية او لتقييد حركة حكومة روحاني امام دفع المفاوضات نحو تحقيق أهدافها... طبعا هذا الموقف من البرلمان، يذكر بموقف "الكونغرس الأمريكي" المتصلب بوجه "أوباما" وإدارة البيت الأبيض، حتى ان الرئيس الأمريكي طالبهم "بالتوقف عن إطلاق النار"... في إشارة الى ضغوط كبيرة مارسوها لمنع تقدم المفاوضات نحو النجاح.

فرنسا هي الأخرى ما زالت متصلبة كثيرا في مواقفها... حتى تم اعتبارها من أكثر الأطراف "صرامة" تجاه إيران والاتفاق النووي... موقف ايدته "إسرائيل" و"السعودية" بصورة خاصة، و"الخليج" بصورة عامة... كما شجع موقف فرنسا الى عقد صفقات أسلحة ضخمة شملت السعودية... وقطر... والامارات، فيما يتجول وزير الخارجية الفرنسي "فابيوس" في الشرق الأوسط حاملا "رسالة سلام" بين الإسرائيليين والفلسطينيين... وهو ما يذكر بإيام وزير الخارجية الأمريكي "كيري" والدور الأمريكي السابق في المنطقة... "فابيوس" ردد عباراته الشهيرة بوجوب "التزام أقصى درجات الحزم" مع إيران بشأن المفاوضات النووية... سيما وان "الأمور لا تزال غير واضحة" جيدا بالنسبة له بعد 20 شهرا من المباحثات والمفاوضات التي وصفت بالماراثونية والشاقة والدقيقة.

التصلب في المواقف لم يأت من طرف دون اخر... بل جاء من داخل إيران... مثلما جاء من الغرب... ومن حلفائهم في الشرق الأوسط... بل وحتى من داخل دائرة صنع القرار في الولايات المتحدة الامريكية... بمعنى اخر، الجميع متصلبون... لكن الغريب في الامر... وربما الطريف أيضا... عندما نعلم ان الجميع يرغب بنهاية سعيدة للمفاوضات تؤدي الى ابرام "الاتفاق التاريخي" المنتظر.

قد يكون التصلب مفيد أحيانا... وكما يقولون لإبرام اتفاق "محكم" او اتفاق "غير سيء" كما تطالب إسرائيل... ومنع إيران من استغلال رفع العقوبات لتقوية اقتصادها... ولإمداد حلفائها بالسلاح الذي يهدد إسرائيل ودول الخليج العربية.

لكن قد يكون التصلب مضرا أيضا... فماذا لو انهارت جميع المباحثات السابقة عند حدود التعنت لطرف امام مطالب الأطراف الأخرى... او أصر أحد الجهات على تمرير فقرة لا يستسيغها الاخرون... عندها ما الذي يحدث؟ وهل سيتقبل المجتمع الدولي فكرة انتهاء المفاوضات التي علق عليها الجميع امال كبيرة؟ وحتى لو قبل بانتهاء الحوار بالفشل... فماذا بعد الفشل؟ هل سننتظر الرئيس الأمريكي القادم ليعيد المفاوضات من جديد... ام سينفذ ما ذهبت اليه إسرائيل من قصف المفاعلات النووية الإيرانية... طبعا دوامة الاحتمالات السلبية لا تنتهي عند حدود... والقوى الكبرى وإيران تدرك ذلك جيدا... وتعلم ان نجاح المفاوضات هو المخرج الوحيد لهذا الجهد، والفشل ستكون له الكثير من السلبيات... مثلما تعلم ان التصلب يفيد لكن ليس التصلب الذي ينهي المفاوضات الى الفشل.

اضف تعليق