طريق الإِستثمار، الإِستراتيجي والمُستدام، فمَن يعتقد بأَنَّ الدَّولة قادِرة على فعلِ كلِّ شيءٍ وأَنَّها قادرَة على البِناء والتَّنمية من دونِ الإِعتماد على الإِستثمار فهوَ واهِمٌ. الدَّولة تُديرُ البناء والتَّنمية وعلى مُختلف المُستويات، ولا تُنفِّذها بنفسِها، وبمُراجعةٍ سريعةٍ لحالِ الدُّول التي نمَت وتطوَّرت فسنلحَظ ذلكَ بشكلٍ...
١/ كلُّ الأَزمات الحاليَّة التي يمرُّ بها العراق وعلى مُختلف الأَصعدة، هي نتيجةً طبيعيَّةً للفسادِ والفشلِ الذي مُنيت بهِ القوى السياسيَّة الحاكمة منذ ٢٠٠٣ ولحدِّ الآن.
والمُشكلة ليست في أَسمائِها وأَزياء زعاماتِها وانتماءاتِها الدينيَّة والمذهبية والإِثنيَّة والعشائريَّة والمناطقيَّة وإِنَّما في العقليَّة التي تتحكَّم في طريقةِ فهمهِم ووعيهِم واستيعابهِم للأُمور وبالتَّالي في طريقةِ تفكيرهِم في الحلُول والوسائِل والسُّبل والأَساليب التي يسلكونَها والسِّياساتِ التي ينتهجُونها.
تراكمَ كلُّ ذلكَ فأَنتجَ فشلاً ذريعاً في بناءِ الدَّولة العصريَّة القويَّة [دَولة الدُّستور والقانُون والمُؤَسَّسات].
٢/ فهل من حلٍّ؟!.
أَكيد، وهو يبدأُ من إِعتراف هذهِ القِوى بفسادِها وفشلِها، ثم تبني عليهِ قراراً شُجاعاً يقضي بالتَّنحِّي عن السُّلطة وإِفساح المجال لجيلٍ جديدٍ وعقليَّةٍ جديدةٍ للتصدِّي للمسؤُوليَّة.
إِنَّ بقاء نفس القِوى بنفسِ الزَّعامات وبنفسِ المنهجيَّة وبنفسِ العقليَّة لإِدارة [الدَّولة] [٤] سنوات أُخرى، يعني إِستمرار الفَساد وإِستمرار الفشَل، وهوَ دليلٌ على عدمِ إِحساس [العِصابة الحاكِمة] بالمسؤُوليَّة إِزاء بلدِها وشعبِها قيدَ أَنمُلةٍ.
والسَّببُ في كلِّ ذلكَ هو غَياب الحسِّ الوطني، فالمسؤُول الذي يتحلَّى بهِ ولو بنِسبةٍ، لا يتشبَّث بالسُّلطة إِذا فشلَ.
٢/ في المُستوى المنظُور وإِلى حينِ إِجراء التَّغيير الحقيقي والإِصلاح الشَّامل، فإِنَّ أَمام الدَّولة طريقَينِ لتجاوُز الأَزمة الماليَّة؛
- الأَوَّل هو طريق الإِقتراض مع كلِّ مخاطرهِ قصيرة الأَمَد وبعيدة الأَمَد.
وهو الطَّريق الأَسهل والأَسرع، للَّذي شعارهُ [إِصرف ما في الجَيب يأتيكَ ما في الغَيب] و [منُو أَبو باچِر]!.
ويبدو لي أَنَّ [العِصابة الحاكِمة] عصَبت رأسها بهذَينِ الشِّعارَين ولذلكَ لجأَت لسلُوكِ هذا الطَّريق لسهُولتهِ وسُرعتهِ.
- الثَّاني هوَ طريق الإِستثمار، الإِستراتيجي والمُستدام، فمَن يعتقد بأَنَّ الدَّولة قادِرة على فعلِ كلِّ شيءٍ وأَنَّها قادرَة على البِناء والتَّنمية من دونِ الإِعتماد على الإِستثمار فهوَ واهِمٌ.
الدَّولة تُديرُ البناء والتَّنمية وعلى مُختلف المُستويات، ولا تُنفِّذها بنفسِها، وبمُراجعةٍ سريعةٍ لحالِ الدُّول التي نمَت وتطوَّرت فسنلحَظ ذلكَ بشكلٍ لا يقبل الجِدال.
فما الذي يمنعُ العراق من توسيعِ الإِستثمار؟!.
أ/ الفساد المالي والإِداري.
ب/ السِّلاح خارج سُلطة الدَّولة، خاصَّةً في الوسط والجنُوب، والذي يقفُ حجرَ عثرةٍ بوجهِ أَيِّ استثمارٍ، تارةً على أَساس مصالحِ هذهِ العشيرةِ أَو ذاكَ الحزب، وتارةً على أَساسٍ سياسيٍّ وطائفيٍّ، وأُخرى على أَساسِ الولاءِ والعداءِ!.
ج/ غَياب الدَّولة التي تتحمَّل مسؤُوليَّة التَّفاوض معَ رأسِ المالِ المُستثمَر، وكذلكَ مكان وحجم ونوعيَّة الإِستثمار، بالإِضافةِ إِلى مسؤُوليَّة حمايتهِ.
في العراق لا تُفاوض الدَّولة وإِنَّما الأَحزاب والكُتل والزَّعامات، من خلالِ سماسرةٍ ومكاتبَ إِقتصاديَّة مُنتشرةً في الوِزاراتِ التي تُديرها أَحزاب وتيَّارات!.
٣/ لو كانت الدَّولة هي التي تُفاوض وتُقرِّر وتحمي، لاتَّكأَت على قانون رقم (٣٥) لسنة ٢٠١٥ والذي نظَّم عقدَ المُعاهدات والإِتِّفاقيَّات مع أَيَّة دَولة في هذا العالَم، لحمايةِ المصالحِ العُليا وحقُوق المواطنِين.
إِنَّ خَشية العراقيِّين على بلادهِم وسيادتَها واستقلالَها وعلى خيراتِها ومصادر الطَّبيعة والطَّاقة التي تحتضنَها سببهُ إِنعدام ثقتهُم بمُؤَسَّسات الدَّولة التي فرَّطت بمصالحهِم الوطنيَّة العُليا طِوال الأَعوام الماضية، لعدمِ تحمُّلها المسؤُوليَّة القانونيَّة إِزاء أَيَّ مشروعٍ إِستثماريٍّ في البِلاد.
ولا ننسى الإِنقسام في الولاءِ [سياسيّاً وإِثنيّاً وطائفيّاً] والذي يحوِّل كلَّ مشرُوعٍ للإِستثمار إِلى صراعٍ سياسيٍّ أَو طائفيٍّ يعصِفُ بالبلادِ.
اضف تعليق