الصورة الرابعة ان الاغلبية الغالبة من الاحزاب السياسية اعتمدت هذه الزبائنية طيلة عقود مضت في تمويل وجودها ونشاطها الإعلامي، فتحولت من تمويل المخابرات الإقليمية والدولية الى زبائنية الريع الحكومي من خلال بيع المناصب وعقود الفساد الكبرى فيما جميع هذه الاحزاب تطالب لمكافحة الفساد والحد منه...

نشر أستاذنا الدكتور مظهر محمد صالح دراسة تحليلية عن الزبائنية الاقتصادية في عراق الامس واليوم، وكيف حولت هذه الزبائنية مفهوم الوظيفة العامة من نموذج نفاذ القانون الى نماذج منفعة خاصة تلغي مضمون العقد الاجتماعي بمساواة المنفعة الشخصية مع المنفعة العامة للدولة، وهكذا تراكمت ممارسة السلوك المجتمعي الاعوج بما يمكن ان نطلق عليه تزايدا في استخدام المال العام في هذه الزبائنية سياسيا والتي بدات في ابسط صورها في تحميل الوظيفة أثقال اعداد متراكمة من الموظفين بلا إنتاجية حقيقية تضيف الى موارد الموازنة العامة وتقدم خدمات عالية الجودة بمواصفات على الاقل ما متعارف عليه في دول المنطقة المجاورة!

ثاني هذه الصور ظهور شرائح مجتمعية بعناوين مختلفة لتصدير هذه الزبائنية لقوى سياسية تصدت لسلطان الحكم بشتى العناوين المجتمعية، حتى اصبحت اجتماعات المضايف وبيوت بعض رجال الدين والفعاليات المجتمعية، مجرد دلاليات لترويج هذه الزبائنية السياسية، ناهيك عن تبادل المنفعة التي افقدت القانون هيبته وبالتالي جعلت حالة اللادولة هي السائدة!

الصورة الثالثة تتمثل في تحول دكاكين الصيرفة الى بنوك لغسل الأموال بعناوين عقائدية لتوظيف ريع الزبائنية السياسية في التعامل مع دول الجوار الإقليمي، كل حزب حسب اجنداته ومصادر اعتماده العقائدي، مما هشم الهوية الوطنية بعد ان وجد الجيل الجديد ما بعد ٢٠٠٣ ان الأموال تتدفق خارج سياق هذه الهوية بعناوين طائفية وعرقية!

الصورة الرابعة ان الاغلبية الغالبة من الاحزاب السياسية اعتمدت هذه الزبائنية طيلة عقود مضت في تمويل وجودها ونشاطها الإعلامي، فتحولت من تمويل المخابرات الإقليمية والدولية الى زبائنية الريع الحكومي من خلال بيع المناصب وعقود الفساد الكبرى فيما جميع هذه الاحزاب تطالب لمكافحة الفساد والحد منه.

كيف يمكن إنهاء الزبائنية السياسية واعتماد نموذج الهوية الوطنية في عقد اجتماعي دستوري؟

اي جواب للمساواة بين المنفعة العامة للمواطن / الناخب والمنفعة العامة للدولة يتضارب مع اجندات حزبية واضحة وصريحة تبدا بالجوانب العقائدية ولا تنته عند تصريحات الانفصال بعناوين كونفيدرالية، لذلك يفترض باي حديث عن هذه الزبائنية السياسية التي ولدت الزبائنية الاقتصادية ومن ثم التخادم المجتمعي، للعيش في حالة اللادولة والخضوع لاحكام العشيرة ليس في كرمها واخلاقيات المضايف بل في أسوأ نماذجها من التهديد بالكوامة والنهوة، في زمن بات العالم يتصدر سياسات الجيل الخامس من ثورة المعلوماتية!

كلما تقدم يهدد اجيالنا المقبلة وعلى المدى المنظور بعد ان انهت الزبائنية الاقتصادية ريع الحكومة وحولتها الى درب الإفلاس المادي والذي بالتأكيد يهدد الزبائنية السياسية، عندها لن تجد هذه الشرائح الطفيلية من يمولها وستعود الى واقعها الأليم كعصابات جريمة ولكن ستكون اكثر تنظيما، وسط حالة من الفوضى غير الخلاقة، وتكون بندقية للايجار لهذا او ذاك من القوى الإقليمية والدولية لمحو ما تبقى من جغرافية العراق بعد ان يصبح مجرد تاريخ، ولله في خلقه شؤون!

..........................................................................................................
* الآراء الواردة في المقال قد لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق