ما يحاول ماكرون فعله هو استغلال لمساحة يوفرها واقع ان فرنسا لا تعد عدوة لايران وحلفائها في لبنان والعراق وبالتالي فان تدخلها ليس مرفوضا من حيث المبدأ كما هو الحال عليه مع الولايات المتحدة وادارة ترامب، هناك ايضا العلاقة الخاصة مع لبنان المستعمرة السابقة ورئيسه اللاجيء السابق...
ليس هناك جديد يذكر في زيارة ماكرون لبيروت ثم بغداد. فرنسا ومنذ عهد الجنرال ديغول مرورا بشيراك وانتهاء بماكرون كانت دائما تحرص ان تكون لها سياسة خارجية مستقلة عن السياسة الامريكية. (امثلة على ذلك انسحاب فرنسا من القيادة العسكرية للناتو وعدم مشاركة فرنسا منذ عام 1996 في التحالف الامريكي البريطاني ضد العراق ورفضها الغزو الامريكي عام 2003).
ما يحاول ماكرون فعله هو استغلال لمساحة يوفرها واقع ان فرنسا لا تعد عدوة لايران وحلفائها في لبنان والعراق (حزب الله وتحالف الفتح) وبالتالي فان تدخلها ليس مرفوضا من حيث المبدأ كما هو الحال عليه مع الولايات المتحدة وادارة ترامب.
هناك ايضا العلاقة الخاصة مع لبنان المستعمرة السابقة ورئيسه اللاجيء السابق في فرنسا الذي يحاول ان يجد (منفذا) ما خارج الاستعصاء المهيمن على لبنان اليوم.
وفي العراق هناك رئيس حكومة عاجز (او غير راغب) في اداء واجبه الرئيس وهو حفظ الامن والتصدي للميليشيات فتراه هو ايضا يحاول الهروب الى الامام فساعة يزور واشنطون وساعة يلتقي ملك الاردن ورئيس مصر ويبحث عن (محور) ما هنا او هناك خارج الصراع الايراني الامريكي الذي يشل حركته.
هل ستؤدي (الاندفاعة) الفرنسية في لبنان والعراق الى (اختراق) ما؟ لا اعتقد لان الاوضاع في البلدين وصلت الى حالة هي اشبه بالاقفال. فحزب الله يسطر على لبنان بقوة مسلحة لا يمكن قهرها. وكل الطبقة السياسية المتحالفة معه او المجبرة على التعايش معه اصبحت منبوذة تماما في الداخل والخارج مما ادى الى افلاس البلاد وعدم وجود جهة راغبة بمساعدة لبنان وجاءت كارثة ميناء بيروت لتوصل النظام باكمله الى حافة الانهيار.
اما في العراق فليس لماكرون الكثير ليقدمه ليغير الاوضاع على الارض. المشكلة العراقية هي اليوم مشكلة الميليشيات قبل الاحزاب وقبل الفساد وقبل حتى ايران. وهذه المشكلة لن تختفي لان رئيس دولة اجنبية (شرف) العاصمة!
في النهاية ورغم التشابه الصوري بين الحالتين اللبنانية والعراقية فان هناك اختلافا جوهريا. في لبنان حزب الله اقوى من الدولة. في العراق - ورغم ان البعض يقول ان الميليشيات اقوى من الدولة - فانا اعتقد ان الدولة اقوى وهي قادرة لو توفر القائد الحقيقي (وليس المزيف مثل الكاظمي المشغول بمصوره العالمي!) ان تنهي الميليشيات وتعيد فرض القانون.
في الختام لا تعدو زيارة ماكرون لبيروت وبغداد اكثر من مناسبة علاقات عامة. فكلنا نعشق فيروز ونجلها. لكن لقاء ماكرون بها لن يغير اي شيء في لبنان او في اي مكان اخر.
اضف تعليق