أيهما أقرب لقطاع غزة مواجهة عسكرية مع الاحتلال الصهيوني، أم صفقة، وهل الصفقة تقتصر على صفقة تبادل للأسرى أم ستكون أشمل وأعمق لتشمل بالإضافة لصفقة التبادل، تهدئة طويلة بموجبها يسدل الستار عن سنوات من الحصار الصهيوني. سأنطلق في قياس الوزن النسبي لمستقبل غزة القريب ضمن...
أيهما أقرب لقطاع غزة مواجهة عسكرية مع الاحتلال الصهيوني، أم صفقة، وهل الصفقة تقتصر على صفقة تبادل للأسرى أم ستكون أشمل وأعمق لتشمل بالإضافة لصفقة التبادل، تهدئة طويلة بموجبها يسدل الستار عن سنوات من الحصار الصهيوني.
سأنطلق في قياس الوزن النسبي لمستقبل غزة القريب ضمن تحليل حسابات الربح والخسارة للأطراف ذات العلاقة المباشرة في صناعة الأحداث، وهم بالدرجة الأولى حماس وإسرائيل وبالدرجة الثانية السلطة الفلسطينية ومكونها الرئيس حركة فتح.
أولاً: حركة حماس وإسرائيل وتقاطع حسابات الربح ضمن سيناريو الصفقة.
تتقاطع المكاسب بين الفاعلين الرئيسين حماس وإسرائيل في:
1. تحييد قطاع غزة من مواجهة عسكرية مصلحة لحماس ولإسرائيل فالأولى تعاني من حصار قاسي أنهك الحجر والشجر في قطاع غزة، وكل الأطراف لا تستطيع توقع نتائج الحرب وتداعياتها، أيضاً تريد إسرائيل أن تتفرغ لمعركة الضفة الغربية والقدس وتمضي في الضم دون تداعيات.
2. إتمام صفقة تبادل بموجبها تتمكن حماس من الافراج عن مئات الأسرى في السجون الصهيونية، وتتمكن إسرائيل من إعادة جنودها المأسورين لدى كتائب القسام.
ثانياً: حركة حماس وإسرائيل وتقاطع حسابات الخسارة ضمن سيناريو الصفقة.
تهدئة طويلة ستساهم في نهضة قطاع غزة وعزل الرئيس محمود عباس وهو ما سيمكن إسرائيل من الانفراد بالرئيس محمود عباس وبذلك ستظهر حماس أنها وإسرائيل تحققان هدفاً مشتركاً وستتهم ضمنياً أنها متواطئة في تمرير خطة الضم أمام الشعب الفلسطيني، وسيظهر نتانياهو أنه يقوض عملية السلام، وينصاع أمام القوة العسكرية التي تنتهجها حماس.
ثالثاً: موقع السلطة الفلسطينية وحركة فتح من المشهد.
العلاقة بين السلطة الفلسطينية ممثلة بالرئيس محمود عباس وحركة حماس متوترة وأزمة الثقة بين الطرفين كبيرة، كما هي العلاقة بين الرئيس عباس ونتانياهو في الفترة الأخيرة، وعليه فإن مصلحة السلطة حتى وإن لم تعلن، إلا أنها ستكون سعيدة في حال دفعت حماس نحو المواجهة مع إسرائيل في المرحلة المقبلة، وإبعاد سيناريو الصفقة، حيث تخشى السلطة بأن تصبح حماس بديلاً محتملاً في المرحلة المقبلة لاسيما في قطاع غزة، وأن توجه أموال المقاصة عبر طرف ثالث لقطاع غزة مباشرة لشراء الهدوء، وتمرير الصفقة الشاملة التي تدعمها أطراف محلية وإقليمية ودولية.
وعليه فإن أدوات السلطة في تحقيق هذا الهدف كثيرة وأهمها:
• دعم مجموعات صغيرة مسلحة في غزة لإطلاق قذائف نحو الاحتلال الصهيوني.
• زيادة وتيرة العقوبات على قطاع غزة لدفع الناس نحو الانفجار، وهو ما سيدفع حركة حماس لتحويل هذا الانفجار نحو إسرائيل كما صرح في أكثر من مناسبة رئيسها في غزة يحيى السنوار.
• شيطنة إعلامية لحركة حماس لدفعها نحو تبني خيار المقاومة المسلحة لمواجهة الضم كمدخل لتحسين صورتها واستعادة شعبيتها.
الخلاصة: في تقديري أن حركة حماس ومعها جزء من فصائل المقاومة ستعمل على تعزيز سيناريو خيار الصفقة الشاملة لا سيما صفقة تبادل للأسرى والتي تدعم البيئة الاستراتيجية لكافة الأطراف انجازها خلال عام 2020م، ولكن في تقديري قد يكون نتيجة لمواجهة عسكرية محدودة ستندلع في حال اتخذ نتانياهو قرار الضم، فلا أعتقد أن حركة حماس المقبلة على انتخابات داخلية في يناير/2021 والتي تعتبر رأس حربة المقاومة في فلسطين ستسمح لإسرائيل بتحييد قطاع غزة وتمضي في قرارات الضم، وعليه فإنني أرى المشهد بأن تذهب حماس في اتجاهين:
• تعزيز مقاومتها العسكرية والشعبية في الضفة الغربية كرد على صفقة القرن.
• الرد على قرارات الضم من قطاع غزة سيكون متدرجاً ما بين السياسي والدبلوماسي والقانوني والشعبي والعسكري، بحيث ترسم حماس لوحة نضالية كما رسمتها بدماء أكثر من ستين شهيداً في 14/5 تاريخ نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وتكون حوارات وقف اطلاق النار مستندة على سيناريو الصفقة.
وفي خلاصة الخلاصة أقول: كم أتمنى أن لا يكون نمط التفكير عند قيادة شعبنا كما جاء في هذا المقال، وأن أكون مخطئاً في محاكاة المشهد، لأنني أؤمن أن المدخل الرئيس لمواجهة الضم يتمثل في ثلاثة خطوات:
1. وحدة وطنية قولاً وفعلاً.
2. أن نعمل على تحويل الضم من تهديد للمشروع الوطني إلى فرصة عبر إصلاح منظمة التحرير الفلسطينية واعادة التوافق على برنامج وطني جوهره تبني خيار الدولة الواحدة الديمقراطية، وإعادة بناء نظامنا السياسي وفقاً لهذا الخيار.
3. أن تكون مقاومة الضم ليست استعراضاً ولا مادة للسجال السياسي والمناكفة الاعلامية بل نتاج لإستراتيجية وطنية متوافق عليها بين كافة الأطراف، وتكون راشدة قادرة على إحداث تحول في الموقف الصهيوني والدولي.
في الختام، أكرر أن فرص انجاز صفقة تبادل في هذا التوقيت قوية، وعلى كبير المفاوضين الفلسطينيين مروان عيسى استغلال الفرص عبر تحريك الوساطات الاقليمية والدولية، وأستند إلى أربعة مؤشرات تدعم ذلك:
• الحكومة الائتلافية في إسرائيل ووجود غانتس الذي يقع على عاتقه مسئولية أخلاقية كونه كان رئيساً للأركان عندما تم أسرهم.
• الحراك الميداني الشعبي داخل دولة الاحتلال المطالب بعودة الجنود الصهاينة المأسورين لدى حماس يدعم ذلك.
• الواقع الصعب الذي يعشه أسرانا، وحجم الوعود في الآونة الأخيرة من قبل قيادات حماس للأسرى بقرب موعد الحرية.
• حاجة المقاومة لإنجاز كبير في هذا التوقيت من شأنه أن يحشد همم الشعب الفلسطيني للتحلل من كافة الاتفاقيات التي كبلت الوعي الجمعي الفلسطيني، والعودة إلى المسار السليم المتمثل في المقاومة بكافة أشكالها.
في الختام: ما سبق كتبته قبل مؤتمر السيد أبو عبيدة الناطق اسم كتائب القسام يوم الخميس الفائت، وجوهر كلمة أبا عبيدة: إعلان الضم بمثابة إعلان حرب، وهو ما يعزز مسار السيناريوهات السابقة، حيث أن قطاع غزة وفقاً للمتغيرات الأخيرة سيكون أمام:
1. تراجع نتانياهو عن قرارات الضم لا سيما أن وفداً أمريكياً رفيع المستوى في إسرائيل اليوم لمناقشة حيثيات الضم وتداعياته، وعليه فإن سيناريو الصفقة سيزداد.
2. موجة تصعيدية محدودة تنتهي بالصفقة، ومدخل الصفقة الشاملة يبدأ بصفقة تبادل للأسرى.
3. حرب شاملة سيكون لها نتائج على حالة الأمن والاستقرار الاقليمي والدولي وهو ما تعمل الأطراف الدولية والاقليمية والمحلية على تحييده.
اضف تعليق