تعرفت على وحدة الجنس البشري في البداية حين قرأت الآية القرآنية الكريمة: يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ، ولفت نظري في الآية كلمتان الناس ونفس واحدة، ولم يدر في نفسي ان النفس الواحدة هي ادم، كورونا يذكر الانسان بأصوله...
الفيروس covid-19 المعروف باسم كورونا ذكرني بحقيقة اؤمن بها منذ وقت طويل جدا، وهي وحدة الجنس البشري. فقد دخل هذا الوباء في كل البلدان وزار كل الشعب واصاب كل الاديان، دون ان يعبأ او يعترف بالفوارق الشكلية في الدين واللغة واللون والجنس.
تعرفت على وحدة الجنس البشري في البداية حين قرأت الآية القرآنية الكريمة: "يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ ". ولفت نظري في الآية كلمتان "الناس" و"نفس واحدة". ولم يدر في نفسي ان النفس الواحدة هي ادم، لأنني كنت اعتقد ايضا ان "قبل ادمكم هذا لألف الف ادم"، كما يقول حديث منسوب الى الامام علي. كما انني كنت اعطف هذه الآية على اية اخرى تقول : "كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً " ما لفت نظري الى ان الوحدة متمثلة في مجموع وليس فرد. وبقي هذا المفهوم اشبه باللغز الى ان انتهت البشرية من قراءة الشفرة الوراثية للإنسان وفك رموز ال DNA عام ٢٠٠٣ ضمن مشروع الجينوم البشري والتي تبين من خلالها ان "النفس الواحدة" عبارة عن "كلمة" مؤلفة من اربعة حروف هي: A, G, T, C. وان كل الاختلافات التي تبدو على البشر في الشكل ولون البشرة وما الى ذلك انما هي تنويعات في اشتقاقات هذه الكلمة، كما هو الحال في الاشتقاقات في اية لغة اخرى، فكثرة هذه الاشتقاقات لا تغير من حقيقة واحدة هي ان اللغة واحدة مهما اختلفت كلماتها. وحينما كان الشيوعيون يرددون شعارهم المعروف "يا عمال العالم اتحدوا!"، كنت اردد في قلبي:"يا بني ادم اتحدوا!"، وحينما ردد على مسامعي احد البعثيين شعارهم "امة عربية واحدة"، قلت في نفسي: "بل امة انسانية واحدة"!
هذه هي الحقيقة. فنحن، اعني البشر، نمثل حقيقة واحدة ولسنا حقائق متعددة. اما الاختلافات في اللون واللغة والقومية والدين والوطن فما هي الا تنويعات لهذه الحقيقة الواحدة. وحينما توعد ابليس بغواية الانسان، فانما كان يتحدث عن مخلوق واحد اسمه الانسان وليس عن مخلوقات متعددة. وقد نجح ابليس في وعيده حينما نسي بنو ادم حقيقتهم الانسانية الواحدة، وتمثل هذا النسيان في الحروب التي خاضوها فيما بينهم بسبب الارض والثروة والسلطة والدين.
بعد كل هذا الزمن الطويل الذي مر على ظهور "النفس الواحدة" على الارض جاء هذا الفيروس اللعين الذي تنبأت بقدومه الكاتبة الاميركية سلفيا براون في كتابها End of Days الصادر عام ٢٠٠٨، ليذكرنا بحقيقتنا الواحدة. وهذا ما على البشر ان يتذكروه مقابل النفوس التي سوف يزهقها هذا الفيروس، والا فان التضحيات سوف تذهب سدى.
اما القول بان ظهور الفيروس "مؤامرة" فلن اناقشه، لكني سوف اناقش من يقول ان ظهوره هو عقاب الهي.
وتستند مناقشتي هنا الى بديهية بسيطة وهي عدم امكانية تشخيصنا للعقوبة الالهية ما لم يخبرنا الله عنها في كتبه المقدسة المنزلة. لقد اخبرنا الله عن عقوبات انزلها بحق الامم التي سبقتنا في مرحلة الانبياء بدءاً من النبي نوح وانتهاء بالنبي محمد (ص). وقد انتهت هذه المرحلة، قبل اكثر من ١٤ قرنا، وقد توقف الله عن انزال الكتب المقدسة بعد القران، واصبح لزاما علينا لهذا السبب ان نبحث عن تفسير الظواهر الطبيعية والكونية والاجتماعية في القوانين الطبيعية والسنن الاجتماعية ونكف عن تحميل الله مسؤولية ما يصيبنا من كوارث ومصائب بما في ذلك طاعون الكورونا! وهذه عملية سهلة وميسورة وتقع ضمن امكانيات الانسان العقلية والمعرفية والعلمية.
اضف تعليق