هذا الاختيار اثبت مرة أخرى تشبث الطبقة الحاكمة في السلطة، وعدم نيتهم بإعطاء الرئيس الجديد الحرية الكافية لاختيار وزراء حكومته المقبلة والتي من شأنها وضع القواعد الاساسية التي ستبنى عليها اركان الدولة القوية والقادرة على تشخيص الأخطاء التي وقعت بها الحكومات السابقة، ومن ثم الشروع بمعالجتها بصورة تدريجية...
ولد القصر الرئاسي وأفصح عن مولوده الجديد مرشح رئاسة الحكومة المقبلة والتي انتظرنا طويلا لرؤية خطواتها الاولى التي تتمثل بهذا الإعلان على لسان رئيس الجمهورية برهم صالح.
صالح بعد ان تأكد من عدم تحمل الكتل السياسية وخصوصا الشيعية مسؤوليتها امام الجماهير الغاضبة وبعد ان منحهم الفرصة الأخيرة في تقديم رئيس حكومة مقبول وغير جدلي من قبل عامة الشعب وهو ما دعت اليه المرجعية الدينية في أكثر من موقف.
نفاذ الصبر ادى بصالح الى تكليف محمد توفيق علاوي الذي تضاربت المواقف حياله، واختلفت ردود الأفعال الشعبية والكتل السياسية ازاء هذا التكليف، بينما تتفاءل البعض الآخر بأن الأوضاع ستذهب نحو الأفضل ويعود الاستقرار ليكون سيد الموقف.
ساحات التظاهر أعلنت رفضها لترشيح علاوي، والأخير دعاهم للاستمرار بالاحتجاج السلمي لتحقيق الإصلاحات المنشودة، ولم نعرف ما الذي ستبوح به الأيام القليلة القادمة.
لنأتي في البدء الى الآلية التي جاء عبرها علاوي، فهي تشبه بنسبة كبيرة الاسلوب الذي كلف به الرئيس المستقيل عادل عبد المهدي وهذا ينبأ بعدم تغير الأحوال بشكل ملموس، طالما الكتل السياسية هي من اختارت المكلف وليس الشارع المنتفض.
هذا الاختيار اثبت مرة أخرى تشبث الطبقة الحاكمة في السلطة، وعدم نيتهم بإعطاء الرئيس الجديد الحرية الكافية لاختيار وزراء حكومته المقبلة والتي من شأنها وضع القواعد الاساسية التي ستبنى عليها اركان الدولة القوية والقادرة على تشخيص الأخطاء التي وقعت بها الحكومات السابقة، ومن ثم الشروع بمعالجتها بصورة تدريجية.
خطاب رئيس الحكومة المكلف أعاد للأذهان الخطابات المنمقة التي تعودنا سماعها من قبل رؤساء الحكومات السالفة، نحن اليوم ليس بحاجة لحكاواتي جديد بقدر ما نحتاج الى رئيس قادر على وضع الكتل السياسة واراداتها خلف ظهره والشروع بالمسيرة الإصلاحية التي ناشدت بها الجماهير منذ مطلع اكتوبر من عام 2019 ولغاية الآن.
ان الاختلاف بخطاب هذا الرئيس عن سابقيه هو توعده بفضح الجهات التي تحاول إعاقة المشروع الإصلاحي، وبالتالي يعرف الشعب من يقف الى جانبه ومن يتعامل مع المواقف بوجهين دون النظر للمصلحة الشعبية العامة، كما أكد على اتخاذه المتظاهرين السلميين سبيل من سبل تحقيق احلام الشعب.
اصوات الرفض تعالت في ساحات التظاهر، ومشهد قطع الطرقات داخل المدن عاد مجددا ما يعني الرفض التام لمرشح صالح. الوضع ذاهب وبحسب المعطيات الموجودة نحو المجهول، اذ من المتوقع ان تعم الفوضى في اغلب المدن المنتفضة ونعود الى المربع الاول، ما يعني ان ترشيح علاوي ذهب مهب الريح سوى انه اسقط المسؤولية عن الكتل السياسية امام الشعب.
امتناع المتظاهرين عن تقديم مرشح يحمل المواصفات التي حرصوا على توفرها في المرشح الجديد، فسح المجال امام الاحزاب السياسية لتقديم مرشحا رغما على انوفهم، رغم ما عانوه طيلة الايام المنصرمة وقدموا الآلاف من الشهداء والجرحى وبالتالي جاء الرئيس على غير مقاساتهم ومخالف لرؤاهم.
ان اي مرشح لرئاسة الحكومة اذا ما اراد انجاح حكومته عليه ان يوازن بين الاطراف الدولية اللاعبة في العراق، وهذا التوازن يوفر له ارضية مريحة لتنفيذ برنامجه الحكومي الذي اوعد باكماله خلال فترة حكمه.
بينما تبقى العيون شاخصة صوب جهود رئيس الحكومة الجديد وما سيفعله من اجل اجراء انتخابات مبكرة نزيهة خالية من التزوير وبإشراف اممي حقيقي، اذ لا نتوقع هنالك حل افضل من خيار الذهاب لصناديق الاقتراع يعبر بها الشعب عن ارادته بشكل مباشر وفعلي، كون الاحزاب المسيطرة على مفاصل الدولة لن تقبل بأي مرشح يأتي خارج منظومتهم، وهذا لا يتحقق سوى بالأصابع البنفسجية.
اضف تعليق