لأول مرة تتعرض الدولة لحالة استقالة رئيس الوزراء، ومع هذه الاستقالة اكتشفنا ان الدستور العراقي لم يعالج هذه الحالة، وهذه هي احدى الثغرات التي يتعين سدها عند تعديل الدستور، وكان ينبغي ان يكلف رئيس الجمهورية شخصا اخر لتولي المنصب خلال ١٥ يوما، الامر الذي لم يحصل...
لأول مرة تتعرض الدولة لحالة استقالة رئيس الوزراء، ومع هذه الاستقالة اكتشفنا ان الدستور العراقي لم يعالج هذه الحالة، وهذه هي احدى الثغرات التي يتعين سدها عند تعديل الدستور، وكان ينبغي ان يكلف رئيس الجمهورية شخصا اخر لتولي المنصب خلال ١٥ يوما، الامر الذي لم يحصل مما جعل الناس يتحدثون عن خرق دستوري، او فراغ دستوري، او حكومة تصريف اعمال.
وهذه هي ليست المرة الاولى التي يتاخر فيها تشكيل الحكومة، فقد سبق ان شهدنا تاخيرا استمر لعدة اشهر. والسؤال الذي احاول الاجابة عنه هنا هو متى تتحول فيه الحكومة القائمة الى حكومة تصريف اعمال؟
وقبل الاجابة لابد لي ان اورد تعريفا مقتبسا لحكومة تصريف الاعمال يقول: "حكومة تصريف الأعمال أو حكومة تسيير الأعمال هي حكومة مؤقتة ناقصة الصلاحية لأغراض تصريف الامور في بعض الأوقات قد تكون مرحلة انتقالية أو انتخابات أو ظرف طاريء حال عن عدم تاسيس حكومة جديدة أو تاخرها ولا يحق لهذه الحكومة البت بالامور المهمة والمصيرية،"
و يستند هذا التعريف الى مبدأ في القانون الدستوري يقول بعدم جواز خلو البلاد من ادارة ما، فاذا تاخر تشكيل الحكومة الجديدة بعد اجراء انتخابات او بسبب انحلال الحكومة القائمة بالاستقالة او غيرها فان الادارة بحدها الادنى يجب ان تستمر لحين تشكيل حكومة جديدة. فكيف تعامل الدستور العراقي مع هذه الحالة؟
استخدم الدستور مصطلح "تصريف الامور اليومية" في مادتين تعالجان حالتين.
الحالة الاولى وردت في المادة ٦١ وهي حالة سحب الثقة من الحكومة حيث قالت: "في حالة التصويت بسحب الثقة من مجلس الوزراء بأكمله، يستمر رئيس مجلس الوزراء والوزراء في مناصبهم لتصريف الامور اليومية، لمدة لا تزيد على ثلاثين يوماً، الى حين تأليف مجلس الوزراء الجديد"، وهذه الحالة لم تحصل عندنا في العراق، ولا تنطبق على الحالة الراهنة.
اما الحالة الثانية فقد وردت في المادة ٦٤ المتعلقة بحل مجلس النواب، حيث نصت المادة على ما يلي: "يدعو رئيس الجمهورية، عند حل مجلس النواب، الى انتخاباتٍ عامة في البلاد خلال مدةٍ اقصاها ستون يوماً من تاريخ الحل، ويعد مجلس الوزراء في هذه الحالة مُستقيلاً، ويواصل تصريف الامور اليومية"، وايضا لم تحصل هذه الحالة سابقا، ولا تنطبق على الحالة الراهنة.
اما المادة ٨١ فقد عالجت حالة ثالثة مختلفة وهي "خلو المنصب لاي سبب كان"، لكن المادة لم تذكر هذه الاسباب؛ لذا برزت تفسيرات واجتهادات للحالات التي تنطبق عليها كلمة خلو وهل تشمل الاستقالة ام لا. وهنا رأيان الاول يقول بالانطباق والثاني ينفي ذلك.
وبغض النظر عن هذا الاختلاف فان المادة ٨١ تقول:
"اولاً :ـ يقوم رئيس الجمهورية، مقام رئيس مجلس الوزراء، عند خلو المنصب لاي سببٍ كان.
ثانياً :ـ عند تحقق الحالة المنصوص عليها في البند "اولاً" من هذه المادة، يقوم رئيس الجمهورية بتكليف مرشحٍ آخر بتشكيل الوزارة، خلال مدةٍ لا تزيد على خمسة عشر يوماً".
ويفهم من هذه المادة ان استقالة شخص رئيس الحكومة، اذا اعتبرناها احد مصاديق خلو المنصب، لا تؤدي الى استقالتها، وانما تبقى الحكومة قائمة ولكن برئاسة رئيس الجمهورية الذي يكلف شخصا بتشكيل الحكومة الجديدة خلال ١٥ يوما. وبدوره يتعين على رئيس الوزراء المكلف ان يشكل حكومته خلال ٣٠ يوما. فيكون المجموع ٤٥ يوما كحد اقصى تكون الحكومة القائمة برئاسة رئيس الجمهورية مؤقتا. لكن اللافت هنا ان الدستور لا يتحدث عن حكومة تصريف اعمال يومية، مما قد يسمح بالقول ان الحكومة القائمة يمكن ان تستمر كحكومة كاملة الصلاحيات لحين تشكيل الحكومة الجديدة حالها حال الحكومة القائمة عند اجراء الانتخابات وقبل تشكيل الحكومة الجديدة.
اضف تعليق