لن تقبل الكتل السياسية بمرشح تقترحه ساحات التظاهر لمنصب رئيس الوزراء، لأنه يؤدي بالفاسدين من أعضائها الى المحاكم والسجون وغيرها من الذي يتصورون والذي لا يتصورون، فقد تحققت لهم من المكاسب والنفوذ والوجاهة ما لم يخطر لهم في بال، والقبول به يعني التقهقر الى حيث كانوا...
لن تقبل الكتل السياسية بمرشح تقترحه ساحات التظاهر لمنصب رئيس الوزراء، لأنه يؤدي بالفاسدين من أعضائها الى المحاكم والسجون وغيرها من الذي يتصورون والذي لا يتصورون، فقد تحققت لهم من المكاسب والنفوذ والوجاهة ما لم يخطر لهم في بال، والقبول به يعني التقهقر الى حيث كانوا، ومن يُحصر في زاوية ضيقة كهذه له استعداد لفعل أي شيء، حتى وان احترق الأخضر بسعر اليابس،
وسيبتكر من الذرائع ما يقنع به نفسه وانصاره لخوض معركة المصير، وربما يوغل في القتل والخطف والاغتيال، ولا يدري ان ذلك يضّيق الخناق على رقبته، ولنا في الماضي القريب والبعيد أمثلة يفترض الاعتبار بها، لذا عليه القبول بما خسره والانفتاح على ساحات التظاهر، فقد يكون بعدها مخرج ينجيه مما هو فيه، ويجنب البلاد حريقاً محتملاً شرارته تلوح في الأفق، كما لن تقبل ساحات التظاهر بمرشح من الكتل السياسية يسّوف مطالبها ويتستر على الفاسدين والمجرمين، وتذهب معه تضحيات ساحات التظاهر أدراج الرياح.
وكأنك يا أبو زيد ما غزيت، فليس بوسع المتظاهرين التنازل او التراخي عن استرجاع حق الشهداء الذي أصبح في مقدمة المطالب، وهذا ما تفرضه أخلاقيات الثائرين، واذا كان بالمقدور المساومة على سقف زمني او فقرة في هذا القانون او ذاك بغية حلحلة الأزمة او اخمادها او تحاشي انفلاتها، فأنه يتعذر غض الطرف عن 460 شهيدا وآلاف الجرحى والمغيبين، فذاك يفقد المنتفضين مصداقيتهم.
ويشجع من قتل الشباب والآخرين على استخدام العنف ثانية في قمع أي مطلب شعبي مستقبلا، بينما يتطلعون الى وطن تسوده ديمقراطية حقيقية وليست ديكورا، يجري فيه تداول للسلطة خال من الدم، ولا صوت فيه يعلو على صوت الجماهير. ولن يقبل الامريكان بمرشح في دواخله ميول لإيران، او من الذين يتبنون منهجها العقائدي والسياسي.
لأن في ذلك تعزيزاً لنفوذ طهران في العراق، ويعمل على تخفيف ضغوط الحصار عليها، ويشكل نافذة تطل من خلالها على العالم، بينما تريد تشديد الخناق، وتطهير الطريق ممن يعرقل مخططاتها بالهيمنة على المنطقة، ويقف حجرة عثرة أمام تحويل بغداد الى حليف استراتيجي لمشاريعها المستقبلية، او على أقل تقدير تحييد قدراته ازاء ما ينتاب الامة من تدهور وتشرذم، فهم يدركون تمام الادراك ان نهوض الامة مدخله العراق.
ولذلك كان أول عمود استهدفته، فتهاوت بعده جميع الأعمدة، فمعاركهم القادمة أطول من التي سبقتها، وبما ان ألذ الأطعمة تلك التي تطبخ على نار هادئة، لذا لابد أن تكون البداية بقص الأجنحة. ولن تقبل ايران بمرشح امريكي الهوى يزيح عنها جميع السواتر والحصون التي أنفقت عليها سنوات طويلة من العمل، وتغدو بعدها ارضا مكشوفة أمام أنظار الشيطان الأكبر، يفعل بها كما فعل بالعراق وسوريا وافغانستان وغيرها.
كما سيعاتب الأكراد ابنهم البار الذي أوصلوه لمنصب الرئيس، اذا لم يضع مصالحهم بحسبانه، لكن ما عاد مسك العصا من الوسط نافعا كما نفع غيره من الاخوة الرؤساء الذين جاءت بهم المحاصصة للقصور الباذخة، ويعلم ان مسكها من أحد طرفيها، يعني ربح شريك وخسران الآخرين، يخيل لي انه لعن اليوم الذي كان من بين مطامحه أن يكون رئيسا.
وثمة طرف آخر يقبع خلف الجميع، فرح بما حدث للشركاء، ومع ان الأزمة لن تضعه في المقدمة بالرغم من تطلعه لها، لكنه يظن ان حصته من الثمار لن تكون قليلة، وأبرزها الشماتة بفشل من يدير السلطة، متناسيا انه شريك في المستنقع، وسيلوحه اذا ما انحرفت الأزمة (من النار طشار) كما يقول مثلنا العراقي . كم هو شائك المأزق الذي وقع فيه الرئيس، واذا كان في نيته ارضاء الجميع فذاك من المُحال، اختر يا فخامة الرئيس شخصا من المحايدين لرئاسة الوزراء، اما قاضيا او استاذا جامعيا، وارم بكرة النار في ملعب المتصارعين، قبل أن تحترق بها كما احترق السيد عبد المهدي.
اضف تعليق