شهر مضى على انطلاقة التظاهرات الاحتجاجية. تخلل هذه الفترة ثلاثة امور: الاول الاتساع المتواصل لحجم التظاهرات؛ والثاني اتخاذ السلطات التشريعية والتنفيذية عددا من الاجراءات \"الاصلاحية\"؛ والثالث استمرار المرجعية في اصدار توجيهاتها...

شهر مضى على انطلاقة التظاهرات الاحتجاجية. تخلل هذه الفترة ثلاثة امور: الاول الاتساع المتواصل لحجم التظاهرات؛ والثاني اتخاذ السلطات التشريعية والتنفيذية عددا من الاجراءات "الاصلاحية"؛ والثالث استمرار المرجعية في اصدار توجيهاتها ورسائلها التي تشمل مختلف الاطراف.

والاهم من ذلك، ان كل ذلك لم يؤدّ الى انهاء المتظاهرات وعودة المواطنين الى بيوتهم. ولا توجد اية مبادرات جدية للتوصل الى حل سياسي، وحينما استخدم كلمة "حل"، فانني لا افترض وجود مشكلة، ذلك ان التظاهرات ليست مشكلة وانما حدث اجتماعي كبير يستدعي استجابة مناسبة له. وبحسب المطالب التي يتحدث عنها الناس والكتاب، فان الجهة الموجهة اليها هذه المطالب هي الطبقة الحاكمة بفرعيها التشريعي والتنفيذي. وفي هذا مفارقة؛ ففي الوقت الذي يطالب فيه المتظاهرون بتغيير النظام السياسي القائم، فانهم يطلبون من هذا النظام تحقيق جملة مطالب اصلاحية من بينها مكافحة الفساد، التهمة الموجهة اصلا الى اركان النظام وشخوصه، او كل من تولى منصبا رسميا منذ عام ٢٠٠٣، حسب احد المنشورات.

قد يوحي هذا الكلام باننا وصلنا الى طريق مسدود، وهو كذلك باستثناء خطوة او خطوتين يمكن ان تخرج الوضع من عنق الزجاجة. لكن هذا الاستثناء متوقف على اجراء عملية جراحية كبرى للنظام السياسي تفتح الباب امام اصلاحه اصلاحا جدريا، وانما اقول "اصلاحا جذريا" لاني اقول بان نظام مرحلة ما بعد النظام الدكتاتوري يعاني من عيوب تاسيسية كبرى كانت هي السبب في كثير من الظواهر السلبية التي تظاهر ضدها المواطنون الفعالون. ومع انني دائم القول بان مشكلات المجتمع العراقي لا يمكن ان تحل الا في اطار دولة حضارية حديثة، الا انني ارى في المادة ٦٤ من الدستور الدائم مخرجا ممكنا، وقد يكون وحيدا، من الحالة الراهنة، يجنبنا الوصول الى نهاية طريق مسدود.

وتقول المادة ٦٤: "اولا، يُحل مجلس النواب، بالاغلبية المطلقة لعدد اعضائه، بناءً على طلبٍ من ثلث اعضائه، او طلبٍ من رئيس مجلس الوزراء وبموافقة رئيس الجمهورية، ولا يجوز حل المجلس في اثناء مدة استجواب رئيس مجلس الوزراء. ثانياً :ـ يدعو رئيس الجمهورية، عند حل مجلس النواب، الى انتخاباتٍ عامة في البلاد خلال مدةٍ اقصاها ستون يوماً من تاريخ الحل، ويعد مجلس الوزراء في هذه الحالة مُستقيلاً، ويواصل تصريف الامور اليومية."

وبناء على هذه المادة وتطويرا لها، يمكن اقتراح الخطوات التالية:

اولا، يسن مجلس النواب العراقي قانون انتخابات جديدا يمثل ويلبّي طموحات المواطنين وذلك على اساس (الانتخاب الفردي والدوائر الانتخابية المناطقية المساوية من حيث العدد لعدد النواب) ضمن سقف زمني محدد اقصاه شهر , بالاعتماد على الخبراء و المتخصصين والاستعانة بالمنظمات الدولية .

ثانيا، الغاء مفوضية الانتخابات و الاستعاضة عنها بأدارة انتخابية مستقلة من القضاة و النقابات و ممثلي المجتمع المدني .

ثالثا، تنفيذ المادة ٦٤ من الدستور الدائم والتي تنص على الاجراءات التالية:

١. حل مجلس النواب بالاغلبية المطلقة لعدد اعضائه، بناءً على طلبٍ من ثلث اعضائه، او طلبٍ من رئيس مجلس الوزراء وبموافقة رئيس الجمهورية.

٢. يدعو رئيس الجمهورية الى انتخاباتٍ عامة في البلاد خلال مدةٍ اقصاها ستون يوماً من تاريخ الحل،

٣. اعتبار مجلس الوزراء في هذه الحالة مُستقيلاً، ويواصل تصريف الامور اليومية.

رابعا، تحال حزمة المطاليب والاصلاحات الى مجلس النواب ومجلس الوزراء الجديدين للشروع بتنفيذها ضمن حقب عاجلة، ومتوسطة، وبعيدة المدى، حسب طبيعة الاجراء.

والنقطة الرابعة مهمة بصورة خاصة، لان الناس يطرحون ما يرغبون من المطالب، ولا يمكن النظر فيها الا من قبل برلمان وحكومة يشعر المواطنون انهما يمثلان الشعب بطريقة افضل.

..........................................................................................................
* الآراء الواردة في المقال قد لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق