امام الحكومة العراقية الآن خيارات كثيرة منها ان ترضخ لمطالب المتظاهرين عبر مطالبة مجلس النواب بتشريع قوانين من شأنها انصاف الطبقات الاجتماعية كافة، اذ لا تزال طوابير الخريجين تمكث في المنازل منتظرين سفينة النجاة ان تبحر وتخلصهم من حرمانهم وتنتشلهم من اوضاعهم التي رافقتهم ردحا من الزمن...

بسبب الاضطرابات الجارية في اغلب المدن العراقية اجبرت على المكوث لساعات طويلة في الدار، اخذت بتصفح القنوات الفضائية ابتداء من الدينية وصولا الى الاخبارية التي تعج شاشاتها بالاخبار العاجلة والقرارت التي تصدر من السلطات التشريعية والقضائية وغيرها، فضلا عن بثها ما يخص المتظاهرين.

تابعت الكثير من الاحداث في جميع المدن العراقية فوجدت ان الشعب عازم على اجراء تغيير، واستمرار محاولة الحكومة لصق التهم غير الموجودة بالمتظاهرين.

لا ينكر احد مدى الضابية السائد على الاوضاع في العراق فلا يمكن تخمين اين ستستقر الامور واي المنعطفات ستأخذ في الايام القادمة، فقد تكون مجرد زوبعة انتشرت وتأخذ بالانحسار يوما بعد آخر وتعود الحياة للمؤسسات الحكومية والاهلية.

ولكن في حال لم تمر موجات الغضب مرور الكرام وتطورت الاحداث لتصل الى درجة اسقاط الحكومة المشكلة وانهيار النظام القائم فأن العراق سيعود الى المربع الاول وعودة الفوضى لتكون السمة الابرز في اغلب المحافظات.

في حال حدث التوقع السالف الذكر فأن هذه الصورة تفتح الباب امام امريكا لاعادة يدها لتحريك الاحداث وفق ما تشتهيه، وبذلك يدخل البلد حالة فراغ امني وتشريعي فضيع وتبقى العجلة غير قابلة للحركة بما يخدم المواطن والوطن.

قد يكون الذي حصل تقف خلفه اياد خفية او على اقل تقدير تشعر بالراحة من حصوله، فان امريكا بالتأكيد ترقص فرحا لخروج المتظاهرين في العراق في امل منها على تغيير نظام الحكم والخوض في معترك المناكفات الحزبية والطائفية من جديد، لاسيما وهي تعرف ان الطبقة السياسية الحاكمة لايمكنها تسيير الامور دون العودة اليها واخذ مشورتها ووضع بصمتها في جميع التوافقات.

لو نذهب بعيدا نحو مظاهرات لبنان نجدها عفوية الى حد ما وتحاول اصلاح ما يمكن اصلاحه من ارتفاع الضرائب وسوء الخدمات المقدمة للمواطنين الى جانب العجز الحاصل في الميزانيات والتراجع الملحوظ في المجال السياحي والاقتصادي، لكن في الوقت ذاته يمكن ان يكون المستفيد من الانتفاضة هي امريكا التي تبحث عن ذريعة لتقليل نفوذ الدول المهيمنة في المنطقة.

هذه الدول من جهتها تراقب الاحداث بحذر شديد وتدرك مدى ابعاد ما يجري وبالتالي سيقل نفوذها بشكل او بآخر لاسيما وان المتظاهرين يرددون شعارات بأن الجميع فاسد والجميع يتحملون المسؤولية فيما آلت اليه الامور في وطنهم.

من جميع ما حصل في لبنان والعراق يمكن ان نقول ان المستفيد منه بنسبة كبيرة هو ادارة البيت الابيض، ومن الممكن القول هي من حركت جهات من اجل تحريك الجماهير وإثارة حماسهم بصرف النظر عن حجم الخسائر التي تقع في صفوف المتظاهرين ما دام الهدف اكبر من ذلك وهو خلق ازمة حقيقة في البلاد ومن ثم التدخل بدافع حماية المؤسسات الحكومية والنظام الجديد الذي ولد على ايديهم.

امام الحكومة العراقية الآن خيارات كثيرة منها ان ترضخ لمطالب المتظاهرين عبر مطالبة مجلس النواب بتشريع قوانين من شأنها انصاف الطبقات الاجتماعية كافة، اذ لا تزال طوابير الخريجين تمكث في المنازل منتظرين سفينة النجاة ان تبحر وتخلصهم من حرمانهم وتنتشلهم من اوضاعهم التي رافقتهم ردحا من الزمن، ولا يقل شأنا الطبقات الاجتماعية الاخرى فالارامل والايتام باتو يشكلون الجزء الاكبر من ابناء الوطن الذي خاض الحروب الداخلية والخارجية.

لا تزال الفرصة سانحة امام الحكومة العراقية لتفويت الفرصة على الجهات الخارجية التي لاتريد بالعراق خيرا، فبأستطاعتها سن قوانين بموجبها تقليل الضغوطات على المواطنين الذي ضاقت بهم السبل ولا يجدون المخرج من ازماتهم وحالتهم المعيشية المتردية.

وهنا علينا ان نتذكر ان لا احد يريد بالعراق خيرا سوى اهله المخلصين الذين يعملون على اخراج البلاد من النفق المظلم الذي سارت فيه منذ الاحتلال ولغاية الآن، وعلينا ان نتأكد جيدا ان اي بلد يتعاون معنا على قدر مصلحته فلا امريكا تعطي من اجل اسعادنا ولا غيرها تضحي من اجل ترميم جراحنا.

اضف تعليق


التعليقات

مسلم عباس
العراق
صحيح ان هناك صراع نفوذ في العراق، وصحيح ان هناك دول سوف تربح واخرى تخسر في حال نجح الحراك او فشل، لكن ان يتهم المواطن الجوعان المعدم المسروق حقه بان تحركه جاء لان امريكا دفعته فهذا ظلم كبير ليس للمواطن المعدم فقط، بل للبلد ككل، هل نحن بهذا المستوى من غياب التفكير لدرجة ان امريكا تستخدم ابنائنا ضد حكومتهم؟2019-10-29