1- مقدمة
ان حشد وتخصيص الموارد الاقتصادية والمصرفية بكفاءة لأغراض الانتاج والتنمية من المتطلبات الرئيسية لتحقيق معدلات نمو عالية وقابلة للاستمرار وهذا يتطلب وجود نظام مصرفي ومالي متطور، وبالتالي فان اصلاح القطاع المالي والمصرفي يعمل على خلق انظمة مصرفية ومالية سليمة وقادرة على التنافس وفي الوقت ذاته تعزز الاستقرار الكلي والاسراع في وتيرة النمو الاقتصادي. ولعل ان الاهداف الرئيسية للإصلاح تتضمن:
* اصلاح وتحديث انظمة المدفوعات والمقاصة والتسوية والتي بدورها تساهم في تسهيل المدفوعات.
* تطوير الاسواق المالية وتعزيز قدرتها في مجال ادارة السياسة النقدية.
2- وصف لإداء الاقتصاد العراقي:
يمكن وصف الاداء الاقتصادي في العراق في عدة سطور، فتدهور الاداء الاقتصادي على المستوى الكلي ابتداء من مطلع الثمانينات وعلى المستويين الداخلي والخارجي يعود الى الاتي:
* فعلى المستوى الخارجي (فان تدهور الاداء الاقتصادي يعود الى تورط العراق في حرب طويلة الامد مع إيران مما ادى الى استنزاف كافة الاحتياطات من الموجودات الاجنبية ودخوله في اتفاقيات ساهمت في زيادة المديونية، يضاف الى ذلك تجميد الارصدة لدى البنوك العالمية من أثر الحصار الاقتصادي المفروض من قبل الامم المتحدة بسبب دخول الكويت.
* اما على المستوى الداخلي (فتتمثل بتدهور شروط التبادل التجاري وتقليص الاسواق الاقليمية يرافق ذلك سياسات مالية وسيطة ادت الى تدهور وزيادة العجز المالي وعجز الحساب الجاري لميزان المدفوعات مع تنامي المديونية الداخلية. بالإضافة الى الديون الخارجية وترجع الاحتياطات الاجنبية وتراكم مناظرات المدفوعات الأجنبية نتيجة لذلك.
لقد ساعد تدهور اوضاع الاقتصاد الكلي في العراق في ضعف النظام المالي والمصرفي مما جعل الاجهزة المالية والمصرفية غير كفؤة في تخصيص وحشد الموارد، كما ان القطاع المصرفي في العراق مازال مثقل بالاختلالات الهيكلية التي يعكسها عدم وجود المنافسة وتركيز المساهمات في السوق، ويمكن تشخيص نقاط الضعف الهيكلي في النظام المصرفي بالآتي:
* الابتعاد عن الائتمان الموجه.
* القروض المتعثرة.
* ضعف كفاءة انظمة المدفوعات.
* ضعف الافصاح والرقابة.
* ضعف استخدام التكنلوجيا في العمل المالي والمصرفي.
ولإصلاح القطاع المالي والمصرفي وتحريره لابد من:
* سياسة اصلاح المشروعات المملوكة للدولة والخصخصة واعادة الهيكلة.
* سياسة تحقيق الاستقرار.
* السياسات الهيكلية.
* سياسة الاصلاح الاقتصادي.
* سياسة تعديل الاسعار وتحريرها.
* سياسة اصلاح القطاع الخارجي وتحرير التجارة.
* سياسة الاصلاح الضريبي وإصلاح الانفاق والموازنة العامة.
وفي مجال الاصلاح الضريبي والانفاق والموازنة لابد من الإشارة الى اهمية الموازنة العامة كقناة رئيسية للإصلاح الاقتصادي، فالموازنة العامة في المالية العامة الحديثة اصبحت من اهم الوثائق الاقتصادية التي تملكها الدولة لكونها توفر معلومات تتعلق بأثر السياسات الحكومية في استخدام الموارد على مستوى التوظيف والنمو الاقتصادي وتوزيع الدخل داخل الاقتصاد، كما تستخدم الموازنة العامة لتحقيق هدف العمالة الكاملة، وتستخدم كوسيلة لتحقيق الاستقرار الاقتصادي، وتعتمد استراتيجية الموازنة العامة في تحقيق ما سبق ذكره. على تغير الطلب الكلي في الاتجاه المناسب مستخدمتاً في ذلك الضرائب والنفقات ويجب ان يتوافق حجم الموازنة وتكوينها مع الظروف الاقتصادية للدولة بهدف تحقيق بعض الاهداف المرغوبة وتجنب الاثار الغير المرغوبة، وهنا لابد من الاشارة الى ضرورة الاصلاح الضريبي واصلاح الانفاق والموازنة لما تحقق الاخيرة من اهداف اقتصادية تساهم بشكل او باخر في تحرير واصلاح النظام المالي والنقدي والمصرفي (اثار مباشرة وغير مباشرة).
* عوامل ضعف الموازنة العامة:
- النفقات العامة في موازنة الحكومة العراقية هي نفقات إدارية بالمرتبة الاولى وتحويلية بالمرتبة الثانية، وبالتالي فان النفقات الادارية تشير الى وجود خلل في الاداء الاقتصادي للحكومة.
- هيمنة الضرائب غير المباشرة على الهيكل الضريبي في العراق، مما يشير الى تحمل جميع شرائح المجتمع وبدون الاستثناء للعبء الضريبي متمثلاً في ارتفاع اسعار السلع المختلفة.
- لقد ساهم الوضع الحالي للموازن العراقية والذي ركز على النفقات الادارية وبخاصة رواتب الموظفين الذين يثقلون كاهل الموازنتين على حساب احداث تحسين وتغير في الهيكل الاقتصادي الانتاجي في تغذية الاتجاه التضخمي الحلزوني، وبالتالي لم يتحقق التحسن المنشود في الوضع المعيشي للمواطنين.
* المقترحات:
- التركيز على الجانب الانتاجي في كافة وزارات الحكومة لأجل العمل على التيار العيني وزيادة حجم الانتاج من اجل السيطرة على مشكلتي التضخم والبطالة المتفشيتين في العراق.
- ادخال نظام رقابة فعال اثناء تنفيذ الموازن العامة وعدم التهاون في هذا الشأن لأنه تطبيق وسائل وطرق واساليب رقابة فعالة من شانه انه يساهم في الحد من ظاهرة الفساد الاداري والمالي في العراق.
- تشجيع القطاع الخاص، والعمل على التنسيق من قبل الحكومة العراقية لان الخبرة والكفاءة الحكومية غير مؤهلة للعمل في بعض المجالات والتي تعد ضرورة وحيوية للمجتمع والتي قد تتوفر مقوماتها في القطاع الخاص، وبالتالي فان الامر يتطلب ادخال بعض التعديلات في الموازنة العامة والتي يجب ان تتسم باتجاه تشجيع ودعم القطاع الخاص.
- اصلاح جذري لنظام الموازنة يقوم على اعادة هيكلية النظم الاقتصادية والمالية والمحاسبية والادارية المرتبطة بها (الموازنة العامة) يأخذ على عاتقه اعداد وصياغة خطة هدفها الاساس احداث اصلاح متكامل الجوانب يأخذ بنظر الاعتبار الجوانب والعوامل البيئية والسياسية الاجتماعية والادارية والمحاسبية المؤثرة في الموازنة
- ان الطريقة الوحيدة لتقليص عجز الموازنة في العراق هو توسيع وتنويع مصادر الايرادات العامة غير النفطية وضبط الانفاق للحكومة وتخفيض من عوامل الضغط على الموازنة العامة.
- اعادة التوازن لموازنة الدولة لصالح البرنامج الاستثماري على حساب النفقات التشغيلية وهذا يتطلب وجود قطاع خاص فعال، فضلاً عن انسياب الاستثمارات المحلية والاجنبية الى شرايين الاقتصاد الوطني.
* الاصلاحات المالية والمصرفية:
مثلما تكلمنا عن دورة الحكومة باستخدام ادواتها المالية (الانفاق والضرائب) لما لهما من دور في تحقيق بعض الاهداف الاقتصادية والمساهمة بشكل اواخر في عملية الاصلاح الاقتصادي فان سياسات اصلاح القطاع المالي والمصرفي هي الاخرى تساهم في حلله الاقتصاد العراقي وتحريكه، فإصلاح النظام المالي والمصرفي في العراق يعني ايجاد نظام مالي يستند الى عوامل والية السوق وقادر على الوفاء بمتطلبات اقتصاد أكثر تحررا وتوجها نحو القطاع الخاص ويشمل:
- تحرير اسعار الفائدة والازالة التدريجية على تخصيص الائتمان والاتجاه نحو عوامل والية السوق لتمويل عجوزات الموازنة والانتقال الى استخدام الادوات الغير مباشرة للسياسة النقدية.
- اعادة هيكلة محافظ البنوك وتعزيز الاجراءات القانونية والتنظيمية التي تشرف على انشطة القطاع المالي والمصرفي وتمارس الرقابة عليه بالشكل الذي يتماشى مع المعايير الدولية.
ولتحقيق هذه الاهداف لابد من:
* اعادة تأهيل المصارف التجارية بالعراق وبالخصوص مصرفي الرافدين والرشيد باعتبارهما من أكبر المصارف الحكومية.
* اعتماد التقنية المصرفية الحديثة من اجل الاسراع في عملية التخصيص وحشد الموارد وزيادة كفاءة العمل المصرفي.
* زيادة قدرات القطاعات المالية والمصرفية من خلال التدريب العالي ولتطوير الكفاءة التشغيلية لتمكنها من مواكبة التغيرات المتسارعة والمتطورة في مجال الصناعة المالية والمصرفية كي تكون على استعداد لمقابلة وتوفير متطلبات العولمة.
* دمج المصارف الصغيرة مع بعضها البعض بهدف انشاء المصارف الشاملة او ما يعرف (ببنوك الصيرفة الشاملة) الامر الذي يساهم في خلق نظام مالي ومصرفي يتسم بالكفاءة واعتبار عملية الدمج والتملك وسيلة اساسية لبعض المصارف لكي تتوسع في الاعمال والربحية وتحقيق وفورات الحجم وخلق مؤسسات مالية قادرة على المنافسة واحتلال حيز ومكان مناسب في عالم الصناعة المصرفية في ضوء متطلبات لجنة بازل/2.
اضف تعليق