وهي الأُمَّة التي طبيعتها الوصفُ الرَّائع لأَميرِ المُؤمنين (ع) الذي قال عن الإِنسان - الفرد المُستلَب (إِذَا أَقْبَلَتِ الدُّنْيَا عَلَى أحَدٍ أَعَارَتْهُ مَحَاسِنَ غَيْرِهِ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ عَنْهُ سَلَبَتْهُ مَحَاسِنَ نَفْسِهِ). والسببُ في ذلك قولهُ (ع) (أَزْرَى بِنَفْسِهِ مَنِ اسْتَشْعَرَ الطَّمَعَ، وَرَضِيَ بِالذُّلِّ مَنْ كَشَفَ ضُرَّهُ...

وهي الأُمَّة التي طبيعتها الوصفُ الرَّائع لأَميرِ المُؤمنين (ع) الذي قال عن الإِنسان - الفرد المُستلَب (إِذَا أَقْبَلَتِ الدُّنْيَا عَلَى أحَدٍ أَعَارَتْهُ مَحَاسِنَ غَيْرِهِ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ عَنْهُ سَلَبَتْهُ مَحَاسِنَ نَفْسِهِ).

والسببُ في ذلك قولهُ (ع) (أَزْرَى بِنَفْسِهِ مَنِ اسْتَشْعَرَ الطَّمَعَ، وَرَضِيَ بِالذُّلِّ مَنْ كَشَفَ ضُرَّهُ، وَهَانَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ مَنْ أَمَّرَ عَلَيْهَا لِسَانَهُ).

كذلكَ الأُمَّةُ المُستلبَةُ! وأَقصد بالأُمَّةِ هنا الاسلاميَّةُ المُستلبَةُ والمهزومةُ وأَخصُّ بالذِّكرِ [العربيَّةُ] منها وتحديداً العراقيِّين! فهم الْيَوْم عُصارةُ الإِستلاب وخُلاصةُ الإِنهزام النَّفسي والرُّوحي والمعنوي!.

ومن علامات الإِستلاب؛

١- لا نقبل بشيءٍ أَبداً ولا نرضى على أَحدٍ أَبداً وشعارنا [إِنِّي أَعترض] حتى صدقَ فينا قَول القائل [لا يُعجبهُ العَجب ولا صيام رَجب] لذلك ترانا مأزومونَ دائماً نبحث عمَّن نُفرغ بهِ أَزمتنا!.

الطَّاقة السلبيَّة سيطرت على عقولِنا وتفكيرِنا وعلاقاتِنا وفهمِنا للآخر وتحليلِنا للأُمور وعلى كلِّ شَيْءٍ! ولذلكَ لم نعُد نحترم أَحداً، ولا أَقول نُقدِّس لأَنَّني ضدَّ التَّقديس، كما لم نعُد نحترم أَيَّ جُهدٍ أَو إِنجازٍ أَو عملٍ، فكلُّ ذلك [خريط]!.

٢/ قولُنا للنَّاجح لماذا نجحتَ؟ نُلاحقهُ، نتربَّص بهِ، نلومهُ، نحطِّمهُ، نثير الشَّائعات بوجههِ! ونبرِّرُ، في نفسِ الوقتِ للفاشل! فالحسدُ والغيرةُ والحقدُ والنِّفاقُ هو الحاكِم، فكلُّ ما ينجزهُ غيري معيبٌ مهما كان عظيماً! وكلُّ ما أُنجزه أَنا فهو عظيمٌ مهما كانَ تافهاً، حتَّى تساوى المُصلِحُ والمُفسدُ وضاعت علينا معايير النَّجاح والفشل!.

كلٌّ منَّا يُحبُّ احتكار التَّصفيق والثَّناء لنفسهِ وَيَا ليتهُ أَنجز شيئاً حقيقيّاً! وصدقَ تعالى الذي قَالَ في كتابهِ الكريم (وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا).

٣/ مبهورُون بالآخر مهما كان سيِّئاً ونحقِّر ما نفعلُ مهما كان عظيماً! بسببِ انهزامِنا الرُّوحي والنَّفسي أَمامَ الآخر وانعدامِ الثِّقة بالنَّفس بالمُطلق!.

فهزُّ الأَردافِ مثلاً والتعرِّي والفساد الأَخلاقي والمَثليَّة حضارةٌ وتطوُّرٌ وتقدُّمٌ لأَنَّها جاءتنا من الآخر! أَمّا لطم الصُّدور على سيِّد الشُّهداء (ع) فتخلُّفٌ وهمجيَّةٌ!.

إِذا أَنفقَ النَّاسُ الملايين لحضورِ حفلةِ عُريٍ وعُهرِ في ستوديوم فهذه حضارةٌ ومدنيَّةٌ! لم يتذكَّر أَحدٌ التَّبذير والفقراء والإِنفاقِ في سَبِيلِ الله! أَمَّا اذا أَنفقَ المُحسِنونَ على مواكبِ سيِّدِ الشُّهداء (ع) فتقومُ الدُّنيا ولا تقعدُ متباكينَ على ترشيدِ الإِنفاقِ لأَنَّهُم يرمونَ بأَنفسهِم في التَّهلُكةِ!.

نِصفُ عدد الوِلايات الأَميركيَّة لا تُحدِّد السنِّ القانوني للزَّواج! فتشهد في الفترةِ من [٢٠٠٠ إِلى ٢٠١٠] ٦٠٠ أَلف حالة زواج لبناتٍ أَعمارهنَّ تتراوح بين [٩ إِلى ١٢] سنة! وكلُّ هذا حضارة ومدنيَّة! أَمَّا إِذا حصلَ هذا في قريةٍ نائيةٍ في بلادِنا فذلك انتهاكٌ خطيرٌ لحقوقِ الإِنسان!.

نتعامى عن كلِّ الجرائِم التي تتعرَّض لها المرأَةُ في بلادهِم ولا ننظر أَبداً إِلى كلِّ هذا التطوُّر والتقدُّم في مجال حقوقِ المرأَة في بلادِنا!.

إِنَّهُ الإِستلابُ الذي سلبَ عقولِنا وأَعمى بصرنا وبصيرتنا! حتَّى سلَّمنا مفاتيحها بيدهِم!.

٤/ التَّعميمُ من صفات المُستلَبين! لتبريرِ التَّقاعُس والفشل! فلا ننظر للنَّجاح وإِنَّما ننظرُ للفشلِ فنُعمِّمهُ لتبريرِ موقفِنا.

٥/ نحطِّم كلَّ سدودِنا وندمِّر كلَّ خنادقنا ونهدم كلَّ سواتِرِنا ولذلك فنحنُ مكشوفُون لا يحمينا شيءٌ.

٦/ مستهلِكون حتى للأَفكار وإِذا فكَّرنا في الإِنتاج فنَتاجنا التَّسقيط والسَّب واللَّعن والتهجُّم بِلا منطق!.

عقولُنا محشُوَّةٌ بما نستهلكهُ من وسائل التَّواصل الإِجتماعي من منشوراتٍ كاذبةٍ وأَخبار مُفبركةٍ! أَمَّا الكُتُبُ فقد (تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ).

٧/ نبدأ كلامنا بعلامةِ النَّفي [لا] ونختمها في أَغلب الأَحيان بـ [لا] والنتيجةُ صِفر!.

إِنَّنا أُمَّةً تعيشُ حياتها بين [لاءَين] فماذا تنتظر مِنها سِوى السَّراب؟!.

٨/ وأَوَّلُ كلمةً على لسانِنا ننطقها للردِّ على كلامٍ ما هي كلمة [أَخاف]!.

نَحْنُ أُمَّةٌ خائفةٌ، مرعوبةٌ في كلِّ مراحل حياتِنا! نولدُ ويولدُ معَنا الخَوف والرَّهبة! فالأُمُّ تُخيفُ صغيرها بالشُّرطي في الشَّارع والحكومة تُخيفُ شعبها بسجونِها ومعتقلاتِها والأَحزابُ تُخيفُ النَّاس بميليشياتِها!.

الأُمَّةُ الخائِفةُ لا تتسلَّق القِممَ! وإِنَّما تعيشُ كلَّ حياتِها بينَ الحُفرِ!

٩/ الخلافُ والإِختلاف في كلِّ شَيْءٍ والنِّزاع مُستمرٌّ لأَتفهِ الأَشياء فلا نتفقُ على شَيْءٍ ونختلفُ على كلِّ شَيْءٍ وفِي كلِّ شَيْءٍ حتى ذهبت إِرادتنا وعزيمتنا أَدراج الرِّياح كما تصفُ ذَلِكَ الآية الكريمة (وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ) حتَّى (مُزِّقْنا كُلَّ مُمَزَّقٍ).

١٠/ المُتميِّز عندنا مقموعٌ لأَنَّهُ يفضحنا! والفاشلُ المُجتر مُتطاوِلٌ بعُنُقهِ! لأَنَّنا أَمَّةٌ فاشلةٌ!

١١/ نُكرِّمُ عظماءَنا بعد مماتهِم، أَمَّا في حياتهِم فنستعظِمُ كلمة [شُكراً] أَو [أَحسنت] وإِذا صادفَ أَن كرَّمت جماعةٌ عظيماً في فنِّهِ أَو مُتميِّزاً في إِنجازهِ اشتعلت رؤُوس المُنافقينَ والحاسدينَ والحاقدينَ لتسقيطهِ واغتيالِ شخصيَّتهِ والطَّعنِ بنواياهُ وهذا رَسُولُ الله (ص) كرَّمَ كعب بن زُهير بن أَبى سلمى ببُردتهِ تكريماً لَهُ لقولهِ شِعراً.

١٢/ نتحاورُ بالرِّصاص وبكواتمِ الصَّوت والتَّسقيط والتَّشهيرِ لأَنَّنا امتلأنا حسداً فنسينا المنطق وأَخلاقيَّات الحِوار.

ضاقَ صدرُنا ببعضِنا واتَّسع للآخر لأَنَّنا أُمَّةٌ مُستلبةٌ، في عقلِها وتفكيرِها وإِرادتِها!.

لا نُحاورُ بتجرُّدٍ فأَحكامنا مُسبقة، دينيَّةٌ كانت أَو مذهبيَّة أَو إِثنيَّة أَو [مرجعيَّة] أَو حزبيَّة أَو حتَّى عشائريَّة ومناطقيَّة! وبذلكَ يَكُونُ الحوارُ للتَّسليةِ أَو لقضاءِ الوقت!.

كلُّ هذه الصِّفات والمميِّزات نقرأَها على مدار الْيَوْم في وسائل التَّواصل الإِجتماعي لتُثبتَ لكلِّ ذي بصرٍ وبصيرةٍ أَنَّنا أُمَّةً مُستلبةٌ، مهزومةٌ تجلدُ ذاتها وتحطِّمُ أَسوارها ولا تُبالي!.

كلُّنا نشعرُ بذلكَ! ولكنَّنا نُكابرُ ونُكابرُ ونُكابرُ حتى ظنَنَّا أَنَّنا المقصودونَ بالآيةِ الكريمةِ (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ).

‏ nazarhaidar1@hotmail.com

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق