اليوم وبعد مشاورات ومباحثات ماراثونية، بدات مع ظهور النتائج الاولية للانتخابات، يكاد العراقيون يتحصلون على كتلة كبيرة، او يتمنون ذلك، تمثل الطيف الوطني، لتشكل الحكومة القادمة التي ستكون بمثابة التاج الجديد، لكنه بالتاكيد لن ينهي وجع الراس والجسد بضربة واحدة، كون مصادر الوجع متعددة ومتفاقمة وتحتاج الى جهود متمادية...

يقول المثل الروسي (تاج القيصر لايحميه من وجع الراس).. خلاصة ما اراده من اخرج هذا المثل، ان التاج بكل ما يحمله من هيبة، لايمكنه ان يمنع الشعور بالالم، وان كان من الماس واللؤلؤ!

منذ العام 2005 والعراقيون، يذهبون للانتخابات ليصنعوا تاجا لدولتهم، على امل ان يجدوا طريقا للخلاص من وجع الراس والامراض الاخرى التي استوطنت الجسد العراقي، نتيجة الحروب والحصار، ومن ثم الاحتلال الذي اتى بوجع مضاف وبعض من امل للذين ظنوا به ذلك! لكن المشكلة ان اوجاعهم زادت وتفاقمت حتى باتت الدولة تبحث عن نفسها وسط ركام من مشاكل بلغت ذروتها في السنين الاخيرة، بفعل تغوّل آفة الفساد الذي صحّر الحياة وعطل مشاريع التنمية، ناهيك عن الانقسام السياسي المستمر، والذي تسبب باجتياح داعش الارهابي للبلاد. وجاء هذا الاخير مترافقا مع الازمة الاقتصادية الحادة، نتيجة انخفاض اسعار النفط، ومن ثم قلة المياه، التي نتجت عنها تداعيات بيئية تنذر بكارثة حقيقية، لاسيما في البصرة.

اذنن، لم تحم التيجان السابقة، الجسد العراقي من الوجع، وانما زادته اوجاعا، حتى فقدت الناس الثقة بالعملية السياسية التي لم تنتج، طيلة الاعوام السابقة، سوى المزيد من الخراب، فكانت نسبة المشاركة في الانتخابات الاخيرة متدنية، لتنذر الساسة بان الشعب، بات في واد وهم في واد اخر، وان كان واديهم مخضرا وانيسا تحيطه المياه والوجوه الحسنة!

اليوم وبعد مشاورات ومباحثات ماراثونية، بدات مع ظهور النتائج الاولية للانتخابات، يكاد العراقيون يتحصلون على كتلة كبيرة، او يتمنون ذلك، تمثل الطيف الوطني، لتشكل الحكومة القادمة التي ستكون بمثابة التاج الجديد، لكنه بالتاكيد لن ينهي وجع الراس والجسد بضربة واحدة، كون مصادر الوجع متعددة ومتفاقمة وتحتاج الى جهود متمادية.. الاّ ان الاهم هو ان يوضع قطار البلاد على السكة الصحيحة لينطلق باتجاه الامل وليس لتحقيقه كاملا، بالضرورة، لان ذلك يحتاج الى وقت طويل، لكن المؤكد ان راحة الراس من صداعه الطويل والجسد من الامه القاسية، ستبدا ان وجد الناس انفسهم منطلقين الى الامام، ولو بخطوات وئيدة، يرونها تبدأ بحكومة بعيدة عن المحاصصة، وياتي ممثلوها بالاختيار المبني على الكفاءة وليس بشراء المناصب وارضاء المكونات!

ونعتقد ان هذا لن يتحقق الا بشرط اساس، هو تحرر الارادة الوطنية، ولو نسبيا من تاثيرت المرجعيات الخارجية لبعض القوى السياسية التي استمرأت العمل تحت وصاية الاخرين، او العمل وفقا لمشاريعهم التي تتعارض مع مشاريع اوصياء اخرين لهم من يمثلهم ايضا، وهو ما بقينا نعاني منه طيلة السنين الماضية ومازلنا، لان الارادة الوطنية هي مفتاح حل كل مشكلة، بل ان المشاكل كلها تاتي من وصاية الاخرين واجنداتهم، حين يجعلون من الدول ميادين للصراع فيما بينهم وبواسطة اهل البلاد، فيغدو الصراع السياسي هنا غير ايجابي، لانه لم يكن للتنافس من اجل الافضل للبلاد، وانما من اجل تطبيق اجندات متعارضة، وهو ما عطل انطلاق القطار الوطني واصاب جسد البلاد بالوهن، وراسها بالصداع المزمن، مع ان العلاج شخصه الشعب والنخب الخيرة فيه منذ وقت مبكر، لكن المشكلة ان البعض من الساسة لم ياخذوا الاّ براي من يمدهم بالراي من الخارج، فتداخلت السموم وهشمت عظام الجسد الواهن ولم تعد التيجان قادرة على منع الاوجاع حتى تجلت بشكل لا يمكن الاستمرار معه، فكان الحديث عن الكتلة الاكبر ووجود حكومة ومعارضة، ضرورة لبداية الخلاص الذي نامل ان يكون حقيقة، ونحن ننتظر جلسة البرلمان الاولى، والتي سيتبين فيها الخيط الابيض من الخيط الاسود، او نبقى في ظلامنا الطويل، وهو ما لايتمناه العراقيون بالتاكيد.

.............................................................................................
* الآراء الواردة في المقال قد لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق