في كل مرحلة من مراحل تاريخ الأمم تظهر أحداث تؤثر فيها وتنسحب على أثرها نتائج متباينة، هذه النتائج ربما تكون في صالح تلك الدول أو العكس قد تؤثر في استقلال وطبيعة وبنية تلك الدول، ايضاً في كل مرة تظهر ثورة أو نزعة انفصالية أو تغيير نظام سياسي سرعان ما يمتد ليشمل دول أخرى سواء بدافع خارجي أو إن هذه الدول هي تتشابه في صفاتها من ناحية هيكلية النظام السياسي أو المعاناة أو تتشابه بالطموح والأهداف أو بنفس البنية التكوينية للمجتمع من طوائف أو قوميات أو جماعات فكرية أو قوى معارضة أو حتى تتصف بالحكم الدكتاتوري لذلك يكون هدف الشعوب إزالة هذه النظم وهذا ما حدث في دول الربيع العربي.
أما اليوم فنسمع كثيراً برغبة أقاليم بالانفصال عن الدول الام سواء كانت بدافع قومي أو اقتصادي أو بدواعي سوء المعاملة أو عدم الحصول على تمثيل حكومي أو تشكو من سوء توزيع الموارد، وهذا ما شهدناه في المدة الأخيرة من رغبة الانفصال وتكوين دولة مستقلة كما هو الحال في استفتائي كردستان العراق وكتالونيا في اسبانيا.
أما كتالونيا فبطبيعة الحال اجرت استفتاء الانفصال وهي ماضية نحو تكوين دولتها والسؤال هنا ما هي الأسباب الكامنة وراء تلك الخطوة؟ وما هي الأسباب التي دفعت بالسلطات الاسبانية إلى إغلاق بعض مراكز الاقتراع واعتقال عدد من الناشطين لا سيما بعد رفض المحكمة الاسبانية لقرار الاستفتاء؟
بعض المواقع والصحف المهتمة لا سيما الاسبانية لخصت أسباب الانفصال فيما يلي:
1- الرغبة في إيجاد دولة جديدة لا سيما بعد تنامي أزمات العالم الاقتصادية أو الاجتماعية او حتى السياسية، والإقليم يتمتع بقرابة الـ 20% من اقتصاد اسبانيا وبالتالي فانه في ظل اغلب الأزمات الاقتصادية كان قد تجاوزها بفضل حجم الصناعة والنشاط الاقتصادي والموارد المتاحة لديه ولذا تطمح حكومة الإقليم لتشكيل دولة مثل هولندا أو الدنمارك في جنوب أوروبا، بمعنى بلد صغير ولكن لديه صلات تجارية قوية مع بقية العالم.
2 – تعزيز اللغة الكتالونية في مختلف النواحي وجعلها اللغة الرئيسية وتعزيز الهوية والثقافة الكتالونية.
3- ينظر سكان الإقليم الى أنفسهم على أنهم كانوا دولة مستقلة استولت عليها اسبانيا.
حتى وان تمتعت بميزة اقتصادية وعوائد مالية إلا إن ذلك لا يعني إن برشلونة ستكون بعيدة عن العواقب الوخيمة والتي منها صعوبة الاعتراف بالدولة الجديدة لا سيما انه لا يوجد دعم لها من دول عظمى أو إنها اصلاً لا تحظى بتأييد أو دعم أوربي وبالتالي هناك إمكانية لفرض عقوبات عليها سواء من اسبانيا أو بقية الدول الأوربية خصوصاً إنها سوف تخرج عن منظمة اليورو وبالتالي هناك صعوبة في التعامل معها وفوضى مالية ذات اثر كبير، يضاف إلى كل ذلك سوف تشهد عزلة من جيرانها ايضاً اذ سيفقد نادي برشلونة كل امتيازاته وحرمانه من المشاركة في البطولات الاوربية، لذلك ما بعد الاستفتاء هناك ترقب للخطوة القادمة فإن المضي نحو تشكيل الدولة الجديدة له عواقب كبيرة ربما تؤدي بالإقليم إلى العزلة.
ان الإقليم قد يمضي نحو إعلان الدولة وتحمل أية عواقب مع الاعتماد على الاعتراف التدريجي وتحمل أعباء المرحلة لا سيما مع وجود تشجيع لإقامة أقاليم أخرى مثل إلباسك وغيرها، ولكن هل ستسمح الدولة الاسبانية بتفككها الجغرافي، هنا سيكون الترقب سيد الموقف لمعرفة ما هي الخطوات القادمة.
اضف تعليق