ياسر شاب من أهالي منطقة المعامل، استطاع الوصول للدراسات العليا، مع حجم التنافس مع الآخرين، لكن اجتهد ونجح، ومع ظروفه الاقتصادية الصعبة حيث تعتبر منطقة سكنة (المعامل) من أفقر مناطق بغداد، بل هي مهملة من زمن دكتاتورية صدام الى زمن حكام الديمقراطية، لم تتغير كثيرا، ياسر مع دخوله الكورس الدراسي الأول، بدا التعب النفسي شديد عليه، فالكتب المطلوبة منه أسعارها مرتفعة ويحتكرها بعض الباعة في شارع المتنبي، ومسالة استعارتها من الخيال، فلا توجد مكتبة عامة في منطقة المعامل كي يمكنه المطالعة أو الاستعارة، مما اضطره للتغيب يومين والعمل كعامل بناء، كي يتمكن من شراء كتاب واحد بأربعين إلف دينار.
بقي ياسر يفكر بباقي الكتب المطلوبة منه كيف سيحصل عليها، تحسر كثيرا لان منطقته لا توجد فيها مكتبة عامة، فلو تواجدت لحلت مشكلته ومشاكل ألاف الطلاب من أهالي المناطق التي سحقتها الحكومات بإهمالها.
إحياء سكنية عديدة تعيش في إطراف بغداد في منطقة المعامل، (حي العماري، حي النصر، حي البتول، حي الولداية، حي الرشاد)، وهي (تتشابه بانعدام الخدمات، نتيجة إهمال الدولة لها، وانتشار الفقر والجهل، مع كثافة سكانية كبيرة جدا، هنالك ألاف من الطلاب المدارس والجامعات، ممن يهمهم تواجد مكتبة عامة لتحضير بحوثهم وتقاريرهم، أو لغرض التثقف والاطلاع، فالكتب أسعارها مرتفعة واغلب سكان الإطراف من محدودي الدخل، فقضية تواجد مكتبة عامة كبيرة قضية مهمة، غفل عنها الساسة، أو لانغماسهم في الفساد لا يجدون الوقت للاهتمام بالشعب ومطالبه.
وهنا نكتب مطلبنا بإنشاء مكتبة عامة كبيرة في منطقة المعامل كحق مغتصب الى حد ألان.
التقينا ببعض المواطنين للتعرف على أرائهم حول قضية المكتبة:
● الطلاب والحاجة لمكتبة عامة
يقول الحاج مطر الحلفي (من أهالي حي ألعماري): في الحي ألاف الطلاب في الاعداديات والمعاهد والجامعات، ونحن نفتخر بأبنائنا الذي يكملون دراستهم، ولا توقفهم ظروف المعيشة وصعوبة الحياة في إطراف بغداد، لكن اعتقد إن الطلاب يحتاجون مكتبة عامة كبيرة، تكون قبلة للطلاب والمثقفين للمطالعة واستعارة الكتب واكتشاف العالم، هذا الأمر سهل جدا على حكومتنا الغنية بأموال النفط، ونحن لا نطالبها ببناء معامل للقضاء على البطالة، أو بناء مجمعات سكنية للقضاء على أزمة السكن، بل كل ما نريده مكتبة عامة للناس.
فالطلاب اليوم يعانون من قضية الوصول للكتاب، بسبب الندرة وارتفاع الأسعار وغياب المكتبة العامة عن مناطقنا.
ويضيف حسن عبد (من سكنة الولداية): أنا طالب دراسات عليا ومن أهالي حي النصر، وعندما أحتاج كتاب ما فعلي إن اذهب لمناطق بعيدة عن دار سكني، وللحصول على الكتب، فالأمر مرتبط بالذهاب الى الباب المعظم أو الباب الشرقي أو الجادرية، وحتى أسعار الكتب مرتفع جدا يصعب علينا الشراء، فلو كانت مكتبة عامة في مناطقنا فالأمور تصبح سهلة جدا، وهو حق إنساني قد غيبته الطبقة السياسية، ومن العجيب ونحن في عام 2017 وتغيب المكتبات العامة عن إحياء بغداد، نطالب بمكتبة عامة كبيرة تكون للمطالعة والاستعارة تسهل الأمور علينا.
● مشكلة ارتفاع أسعار الكتب
يضيف الأستاذ علاء الخويلدي (من أهالي المعامل): ان قضية ارتفاع أسعار الكتب، من أهم القضايا التي تواجه الطلاب والباحثين وهواة القراءة، فلا يستطيع شباب أهالي الاطراف شراء الكتب، وبالتالي تتعطل قضية المعرفة وتصبح قراءة كتب بديلة اقل قيمة علمية واقل سعرا، أو تكون نسخة غير أصلية لا تجذب القارئ، من هنا يتبين أهمية إنشاء مكتبة عامة للمطالعة والاستعارة، تكون خير عون لعشاق الكتب، هذا الأمر من ابسط الحقوق، لكن مع الأسف قامت الطبقة السياسية العفنة باغتصابه، نتيجة سوء إدارة الدولة، فنطالب الحكومة بإنشاء مكتبة عامة في منطقة المعامل.
وتضيف المواطنة أم فاطمة (من سكنة حي البتول): نشاهد في الأفلام كيف إن للمكتبة العامة ارتباط بالأجيال في المجتمعات الغربية، ومنذ عقود طويلة والمكتبات تنتشر في مدن أوربا، بحيث ولدت أجيال متنورة مثقفة، إما نحن فمن زمن الطاغية صدام والى الان نفس الحال تفتقد إحياء إطراف بغداد لمكتبة عامة واحدة، مع تواجد كثافة سكانية وتواجد طلاب جامعيين ودراسات عليا وباحثين وإعلاميين وطلاب مدارس، وكل هذه الشرائح تحتاج للمكتبة العامة، خصوصا إن اغلب أهالي منطقة المعامل والإحياء القريبة منها (حي ألعماري، حي النصر، حي البتول، حي الولداية، حي الرشاد) تحت خط الفقر أو من ذوي الدخل المحدود، فقضية إنشاء مكتبة عامة كبيرة قضية ملحة لأهالي هذه المناطق.
● الحل الحقيقي
أخر لقائتنا كانت مع الأستاذ عبدالله الموسوي (من أهالي المعامل) فقال: عندما أفكر بقضية حاجة الطلاب لمكتبة عامة، فانا أجد إن من المهم إن تنشئ بين حي ألعماري وحي النصر، أو على الشارع السياحي، حيث تتواجد مساحات شاسعة من دون بناء، فيمكن إنشاء مكتبة مع مقاهي حديثة، مع سينما، مع متنزه للقراءة، تكون منظومة متكاملة، كأي مؤسسة حكومية من موظفين وحرس للحماية، ومنع أي تجاوز مع أهمية حفظ النظام، كي لا يضيع المنجز.
هكذا فقط يمكن إن تتطور الأجيال، حيث يصبح لها ارتباط بالمكتبة، وتصبح قبلة للالتقاء والتباحث بين المثقفين، وتزدهر الحياة الثقافية.
هذا المقترح ممكن جدا تحقيقه، ويجب إن يجعله أهالي الإحياء الفقيرة كشرط لانتخاب الأحزاب، مع المطالبة بمستشفى وخطوط نقل حكومية، حيث على الجماهير إن تتثقف في المطالبة بحقوقها، وتترك دور الهرولة وراء الساسة، بل حان الوقت بجعل الساسة هم من يهرولون وراء الشعب.
اضف تعليق