يعيش الشرق الاوسط الكثير من التناقضات في المصالح السياسية والامنية والاقتصادية، وقد برزت جملة من هذه التناقضات مع الاوضاع المرتبكة التي تعيشها بعض الدول التي غالبا ما تكون مصداقا واضحا لتلاعب الدول الاقليمية في المنطقة لتطبيق اجنداتها الخاصة، وهي دول اطلق عليها تسمية "الدول الفاشلة"، التي تتحكم فيها القوى المسلحة وترتفع فيها وتيرة الصراع من اجل السلطة ويغيب فيها مفهوم الدولة بعد ان تضعف اغلب مؤسساتها، وهو ما يلاحظ (على سبيل المثال) في ليبيا واليمن.
من القضايا السياسية الغريبة التي تثار بين الحين والاخر، مسألة الرهائن، وما تتبعه بين خفاياها من استخدام قنوات الدبلوماسية الرسمية لتمرير صفقات مشبوهة تجمع بين المصالح المتناقضة والتوافقات السرية لدول اقليمية تعتبر لاعب اساسي في ساحة الدول الضعيفة، ومن بين ابرز الامثلة على اجتماع المصلحة ونقيضها، تلك التي تجري بين السعودية كطرف، وايران كطرف اخر، فالدولتان تمارسان سياسية عدائية تجاه الاخر، ومساحة الصراع فيما بينهما تمتد على طول خط الخليج والبحر المتوسط وشمال افريقيا وغيرها من مناطق النفوذ التي يتم التنازع عليها بطرق واساليب مختلفة يظهر بعضها ويختفي اكثرها، وقد شكلت ازمة خطف الرهائن احدى تلك المظاهر فيما بينهما.
فقد خطف نور أحمد نكبخت في 21 تموز/يوليو 2013 وهو خارج من منزله في صنعاء من قبل مسلحين من تنظيم "القاعدة"، وفق ما أفادت مصادر قبلية يمنية، بينما خطف عبد الله الخالدي القنصل السعودي من امام منزلة في عدن جنوب اليمن في 28 اذار/مارس 2012 وظهر في عدد من اشرطة الفيديو التي بثها تنظيم القاعدة طالبا من الرياض التفاوض مع الخاطفين من اجل اطلاق سراحه، وكان تنظيم "قاعدة الجهاد في جزيرة العرب" يطالب في المقابل بفدية والافراج عن سجينات في السعودية ينتمين الى التيار الجهادي، ومع ان العديد من الرهائن (من كبار المسؤولين او من يتمتعون بصفة رسمية ودبلوماسية رفيعة) تعرضوا للتصفية الجسدية، ولم يكن حالهم مثل حال المفرج عنهم، الا ان التوقيت والجهة الخاطفة وطريقة اطلاق السراح وطبيعة الدول التي ينتمي لها الرهائن والدول التي كان الرهائن مختطفون فيها، وغيرها الكثير من الاسئلة، كلها مثار جدل وتضع المتلقي في حيرة من امره.
ويرى باحثون ان مناطق الصدام بين هذه الدول المتصارعة غالبا ما توفر (في الوقت ذاته) ابوابا خلفية لتفاهمات خلف الكواليس، قد تجري من خلالها التوصل الى اتفاق مصلحي يخدم الطرفين، مثلما جرت عملية اطلاق سراح الرهائن بطريقة تشبه الى حد بعيد ما يجري في افلام هوليود (الاكشن)، وغالبا ما تتم هذه التفاهمات برعاية جهات رسمية يمكن ان تحظى بمقبولية لدى الطرفين، او تتم عن طريق قنوات غير رسمية، لكن نسب نجاحها غير مضمونة (كما حدث في ازمة الرهائن اليابانية- الاردنية مع تنظيم داعش) لاعتبارات كثيرة.
تحرير دبلوماسي إيراني في اليمن
فقد أعلنت وسائل الإعلام الإيرانية الرسمية أنه تم تحرير الدبلوماسي الإيراني نور أحمد نكبخت، الذي خطف في اليمن في 2013 وإعادته إلى طهران، وذلك في عملية قامت بها أجهزة الاستخبارات الإيرانية، وعرض التلفزيون الرسمي الإيراني في بث مباشر لقطات تظهر الدبلوماسي لدى وصوله إلى مطار مهر أباد في طهران، وقال نكبخت للتلفزيون الرسمي "خطفني مجهولون مسلحون وإرهابيون فيما كنت أغادر منزلي للتوجه إلى عملي واحتجزت رهينة"، وأضاف "بذل جنود مجهولون من (أجهزة الاستخبارات الإيرانية) في وزارة الاستخبارات ووزارة الخارجية وهيئات أخرى الكثير من الجهود" من أجل تحريره، وتابع الدبلوماسي الإيراني الذي بدا في صحة جيدة، متحدثا عن ظروف احتجازه "أنه أمر يصعب وصفه"، وأضاف "كنت في وضع صعب فعلا ولا أعرف ما كان يحدث في العالم الخارجي".
وجاءت عودة الدبلوماسي الإيراني نور أحمد نكبخت إلى بلده بعد ثلاثة أيام على إطلاق سراح القنصل السعودي عبد الله الخالدي الذي اختطف في عدن في جنوب اليمن في 28 آذار/مارس العام 2012، من جهته صرح وزير الاستخبارات محمود علوي أن عملية الإنقاذ جرت "بأقل خسائر ممكنة"، وأضاف في تصريحات بثتها وكالة الأنباء الرسمية أن طهران رفضت "كل الشروط التي وضعها الإرهابيون"، وأكد نائب وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان للتلفزيون الحكومي أن وحدة من وزارة الاستخبارات حررت الرهينة "بعد سلسلة من العمليات المعقدة في منطقة صعبة في اليمن"، واحتجز مسلحو القاعدة الدبلوماسي الإيراني في منطقة نائية بين محافظتي شبوة (جنوب) والبيضاء (وسط)، وفق مصادر قبلية وأمنية يمنية، وفي كانون الثاني/يناير 2014 قتل الدبلوماسي الإيراني علي أصغر أسدي بالرصاص في هجوم شنه مجهولون في حي يأوي عدة سفارات في صنعاء، وكانت هذه أول عملية اغتيال لدبلوماسي إيراني في اليمن، وجرت وسط توتر طائفي كبير في البلاد، حيث يتهم السنة إيران بدعم الميليشيات الشيعية الحوثية التي استولت على السلطة في صنعاء، فيما تنفي إيران هذه الاتهامات بالتدخل. بحسب فرانس برس.
تحرير دبلوماسي سعودي في اليمن
فيما اطلق سراح دبلوماسي سعودي كان محتجزا منذ حوالى ثلاث سنوات لدى تنظيم القاعدة في اليمن ووصل الى السعودية، على ما اعلنت وزارة الداخلية، ، واكد المتحدث باسم وزارة الداخلية في تصريح لوكالة الانباء الرسمية ان الافراج عن الخالدي هو نتيجة "جهود بذلتها اجهزة الاستخبارات السعودية"، ولم يقدم مزيدا من التفاصيل. بحسب فرانس برس.
وستجرى للخالدي فحوص طبية قبل لقائه بأفراد عائلته، كما اضاف، وذكر المتحدث بأن الخالدي قد خطف من امام منزله في عدن، ثم سلم في "صفقة مشبوهة" الى اعضاء من "الفئة الضالة"، اي تنظيم القاعدة، وقد حصل الافراج عن الدبلوماسي السعودي بعد قرار اتخذته السعودية بنقل سفارتها من صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون الشيعة، الى عدن، تعبيرا عن دعم الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، وقد تمكن هادي من الفرار في 21 شباط/فبراير من العاصمة حيث وضعه الحوثيون في الاقامة الجبرية والاستقرار في عدن التي يعلن منها باستمرار انه الرئيس الشرعي لليمن ويتحدى الحوثيين، وتعتبر واشنطن ان القاعدة في جزيرة العرب اخطر فروع التنظيم السني المتطرف، وتنتشر القاعدة في جزيرة العرب في جنوب وجنوب شرق اليمن حيث استفادت من ضعف السلطة المركزية لبسط نفوذها.
اضف تعليق