في خطوة تصعيدية على مستوى العلاقات الخليجية اقدمت عليها بعض دول الخليج بإعلانها مقاطعة دول قطر على خلفية تصريحات نسبت لأمير قطر (محمد بن تميم)، فيها اشارات واضحة لضرب قمة السعودية الاخيرة مع الرئيس ترامب، واهم ما في تلك التصريحات والتي استفزت السعودية عندما اعتبر ان لإيران دوراً مهماً في المنطقة ولا يمكن تجاهلها، كما وانه قد اتصل بالرئيس الايراني حسن روحاني مهنئاً اياه بمناسبة اعادة انتخابه لدورة رئاسية جديدة.
هذه التصريحات اعتبرتها السعودية استفزازاً لها وبعبارة ادق خروجاً من العباءة السعودية التي ترى في نفسها المسيطر والمتحكم الاساسي والمتزعم الوحيد لدول الخليج العربية، لذلك فالموقف قد اخذ منحنى تصاعديا فبعد الحملة الاعلامية ضد قطر، جاء اعلان السعودية والبحرين ومصر والإمارات اضافة الى حكومة هادي اليمنية وجزر المالديف.
(والقائمة مفتوحة وربما تضم مزيداً من الدول) عن قطع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر وحظر السفر اليها وإغلاق المنافذ البرية والبحرية والجوية معها وبهذا لم يتبق لها سوى منفذاً وحيداً مع إيران، وفي غضون تلك الازمة سعت أطراف خليجية كالكويت وعمان للعب دور الوسيط في محاولة لتهدئة الازمة ما بين دول الخليج ومحاولة اخيرة لحفظ البيت الخليجي ومجلس التعاون.
فيما يرى البعض ان العلاقات السعودية القطرية لم تشهد استقرارا لا سيما بموضوع الخلافات الحدودية ما بين الدولتين ودعم قطر لجماعة الاخوان المسلمون في مصر وحركة حماس الفلسطينية، ونتيجة لذلك قد سحبت السعودية والبحرين والإمارات سفرائها من قطر في عام 2014 إلا ان بعض الوساطة ساهمت في تهدئة الازمة آنذاك، كما وان مصر والسعودية تتهم قطر بتأجيج اوضاع ليبيا ودعم التمرد هناك، والغريب في الامر أن من ضمن الاتهامات مؤخراً التي طالت قطر ونتيجة للازمة الاخير هو ما ادعته الدول المقاطعة بأن قطر تدعم الحوثيين الامر الذي تنفيه قطر وتدعم ذلك عبر مشاركتها بالتحالف العربي بالضد من الحوثيين والأمر الاخير كان السبب في ابعاد قطر من التحالف العربي.
هذه الخلافات ولدت ردود فعل دولية اغلبها دعت للتهدئة واحتواء الازمة فيما اعتبرت ايران الامر تصعيداً لا يصب في مصلحة الشرق الاوسط ككل، ايضاً بدورها قطر وعبر بيان لخارجيتها دعت للتهدئة وأعربت عن اسفها لقرار تلك الدول المضر بالعلاقات وبأنها ملتزمة بلوائح مجلس التعاون الخليجي ونفت أية صلة لها بدعم الارهاب وإشارات بأن الحملة قادتها اطراف مغرضة ووسائل اعلام هدفها التشويه على سمعة قطر ومحاولة لعزلها، وبنفس الوقت طمأنت مواطنيها ورعاياها والمقيمين على اراضيها بأن قطع العلاقات وإغلاق الحدود لن يؤثر على ايصال المواد اللازمة لكل ما تحتاجه، فيما يشير البعض لاحتمالية ان تسعى ايران لفتح المنفذ مع قطر ودعمها بكل ما تحتاج لتعويض اغلاق بقية المعابر كما وان ايران وروسيا وتركيا اعربت عن نيتها عقد اجتماع للنظر في الازمة الأخيرة، وأشارت بعض المصادر لاحتمالية دخول العراق في ذلك الاجتماع.
في خضم تلك الازمة يتسائل البعض اين موقف العراق وبعبارة ادق كيف سيوظف العراق تلك الازمة لصالحه او على الأقل لتسوية بعض الخلافات مع دول الخليج او كيف سيستفاد للحصول على دعم حقيقي سواء كان معنوياً عبر دعم التجربة الحديثة والعملية السياسية وبناء مواقف ايجابية عربية داعمة لتوجهات الحكومة العراقية سواء في مكافحة الارهاب او دعم الاستقرار الداخلي ككل، او حتى مادياً لإعادة اعمار المناطق المحررة مؤخراً من تنظيم داعش؟
هناك ثلاث وجهات نظر عراقية داخلية: الاولى ترى بضرورة الوقوف مع قطر خصوصاً انها ستشهد تقوية لعلاقاتها مع ايران وبالتالي الاستفادة من تلك الخلافات، الرأي الاخر يدعو للوقوف مع دول الخليج وإعلان قطيعة مع قطر لا سيما هناك تحسن تشهده العلاقات ما بين العراق والسعودية وبالتالي الانضمام اليهم يزيد من اواصر تلك العلاقات، الرأي الاخير يدعو للعب دور الوسيط.
هذه الآراء اطلقتها بعض الكتل السياسية حتى وان لم تصرح علناً وإنما ايحاءات لذلك لا سيما عبر الوسائل العامة، وبطبيعة الحال قد بنت تلك الاراء نتيجة لطبيعة توجهها وموقفها من المحور الايراني او السعودي او القطري، لكن الرأي التحليلي الارجح والأقرب للصواب هو: على صانع القرار العراقي الوقوف على الحياد أو الدخول كوسيط تهدئة، وعدم تشجيع طرف على حساب الاخر؛ وتوظيف الازمة السعودية- القطرية لصالح العراق وليس لصالح دول معينة.
اضف تعليق