هذا ماسيحصل في العراق العام المقبل فيما لو جرت الإنتخابات المحلية في موعدها، وهناك ممارستان إنتخابيتان متزامنتان، الأولى لإختيار أعضاء مجالس الحكم في المحافظات، بإستثناء إقليم كردستان بالطبع الذي تتوفر فيه شروط عمل سياسي مختلفة عن بغداد، وبقية مدن العراق في الوسط والجنوب والغرب.
والسؤال الأهم الذي على العراقيين الإجابة عنه، هو لماذا سيشارك جمع كبير من المواطنين في الإنتخابات تلك برغم كل الدعوات لمقاطعتها، وبرغم العذابات والفشل السياسي الذي أربك الأوضاع في هذا البلد الغني الواسع الذي تضربه الأزمات، ويفتقد مواطنوه الى الثقة فيما بينهم، ويتوجه قادتهم الى ساحات السياسة والحرب لكي يعمقوا تلك الأزمات، ويحركوا الوجدان الديني والقومي، ويستثمروا الجهل والتخلف والتعصب كوسيلة لإستقطاب المزيد من المؤيدين والمناصرين والمخدوعين الذين ضللتهم الشعارات العالية، والصاخبة، والفارغة، والبعيدة عن الحقيقة؟
الإجابة متوفرة برغم أنها صادمة، فالولاء الحزبي والطائفي والقومي، والتعلق بالرموز الدينية يمنع العراقيين عموما من تغيير الأوضاع السلبية خاصة وإن الشركاء جميعهم متهمون، وفي الوقت عينه هم بعيدون عن الإتهام في نظر الموالين والأنصار، وهم يتعرضون الى الإتهام من أنصار المنافسين بمعنى أدق إن الإتهام عند الطرف المقابل يعد نوعا من التسقيط المتعمد الذي ينقصه الدليل، وحين يوجه الإتهام لقادتهم السياسيين المباشرين يقومون على الفور برد تلك الإتهامات، فهم لايصدقون إن الذين يحبونهم ويوالونهم ويقدسونهم يمكن لهم أن ينحرفوا ولو قليلا عن الطريق المستقيم.
هناك السياسيون الذين يمثلون رمزا عاليا ويستخدمون الشعارات القومية والطائفية، وهناك رجال الدين والعلماء الذين لديهم أنصار كثر ويوجهون الأنصار بالتصويت لمرشحين قريبين منهم ويحظون بثقتهم، وهناك رموز دينيون يشكلون قوى سياسية موالية لهم تستقطب أعدادا متزايدة من المناصرين والمتدينين، وهناك السياسيون الذين يعتمدون على قبائلهم الكبيرة ويحرضونهم على دعم ترشيحهم بكل قوة، وهناك من يستخدم الإغراءات، بل ويتعمد سياسيون وتنفيذيون ومسؤولون عن الخدمات تعطيل مشاريع البنى التحتية والطرق بإنتظار موسم الإنتخابات ليستخدمون ذلك كورقة في صالحهم.
وهناك أيضا رجال الأعمال الطامحون والذين يملكون وسائل إعلام مهمة وممولة من مالهم الخاص ومايملكونه من شركات وسيكون لهم حظ كبير في الإنتخابات القادمة، بينما سيكون للقوى العمالية واليسار حضور مهم وقوي على مستوى الدعاية والأصوات العالية لن يوفر لهم مكاسب كبيرة، ولكنه يمثل تحديا مثيرا للقوى الفاعلة الأخرى.
كل واحد من هؤلاء سيستقطب عددا لابأس به من العراقيين، ويبقى الناقمون الذين سيقاطعون لكنهم لايشكلون أهمية تذكر، بينما سيلجأ الكثير الى التصويت بوصفه مهما لإحداث تغيير ما في البنية السياسية، وطريقة مثلى للتخلص من الفاسدين.
اضف تعليق