عادة ما يلجأ تنظيم داعش الارهابي لمختلف التكتيكات التي يهدف من ورائها للسيطرة على مدينة ما او عند تعرضه لهجوم عسكري يقوم بالمناورة بمختلف الاساليب لعله يظفر بأطول مدة للثبات والمواجهة، وهذا الاسلوب قد استخدم سابقا لا سيما من قبل تنظيم القاعدة بمختلف اجياله (سواء كان في الجيل الاول "عهد اسامة بن لادن" او الجيل الثاني "الزرقاوي والظواهري" او جيل "تنظيم داعش والبغدادي") ومن أبرز ما يلجأ اليه التنظيم هو ما يعرف (بالخلايا النائمة) والتي يمكن تعريفها بالآتي:
الخلايا النائمة
هي تسمية تطلق على الخلايا التي تستخدمها التنظيمات المتطرفة لتنفيذ عمليات في أماكن بعيدة عنها لأهداف معينة، ودائما ما يوظفها داعش ويستخدمها في هجماته كما وإنها صنفت إلى مراحل وألحقتها بمسميات مثل (الذئاب المنفردة – مناصرين – مؤيدين)، وكل هذه المسميات يمكنها الانضواء تحت اسم الخلايا المنظمة إذا سنحت لها الظروف (المكان – والزمان – مدى ولاء الأفراد – إمكانية الأفراد على تنفيذ عملية)، البعض اخذ يطلق عليها بالخلايا اليقظة باعتبارها استخدمت ووظفت في اماكن عدة إلا ان داعش لا يزال يستخدم مصطلح الخلايا النائمة في مراسلاته وبعض بياناته.
أنواع الخلايا النائمة
الخلايا المنظمة: وهي خلايا منظمة ومتواصلة مع قيادة «داعش»، ولها مسؤول وتصنف في تنظيم داعش كما يلي:
خلايا A: وتكون مهيأة من كافة النواحي اللوجستية والتدريب والتموين، ويبلَّغ أفراد الخلية بالعملية ونوعها ومكانها، وتنتظر ساعة الصفر وبهذه الحالة يقطع عنها الاتصال، ولا يجوز لها استخدام الهواتف او أي وسيلة اتصال، ويتم التخلص من أجهزة الجوال ومسح كل المعلومات وإتلاف أجهزة الحاسوب ورميها في مكان بعيد عن الإقامة وخفض تحركات الخلية.
خلايا B: وهي خلايا قيد التدريب والتموين ولا يوجد اتصالات إلا عن طريق رئيس الخلية، الذي يكون على تواصل مع الجهات التي تحدد له مهام التعبئة والتموين ومستلزمات العملية، ولا يجوز إطلاع عناصر الخلية على الخطة ولا عن مكانها إلا بعد إكمال التدريب.
خلايا C: وهي خلايا تشكلت ولكن لم تباشر بالتدريب، ولم تحدد لهم أي عملية ويتصرف أفراد الخلية بشكل طبيعي في المجتمع ويمارسون حياتهم العادية دون قيود ويكون اتصالهم بمسؤول الخلية بشكل خيطي، أي لا يعرف أفراد الخلية أحدهم الآخر ويتصل بهم مسؤول الخلية بين فترة وأخرى بشكل منفرد.
آلية عمل الخلايا الخيطية
يعتبر النموذج (C) هو الأهم في الخلايا الخيطية، وعنصر هذه الخلية هو مفتاح الاتصال مع الخلايا (B) وخلايا (A)، ويكون أعضاء خلية (B) مرتبطين بمسؤول الخلية بشكل منفصل بحيث لا يعرف أحدهم الآخر ويكون ارتباط مسؤول الخلية (B) مع مسؤول الخلايا (C)، وعادة ما يكون بدرجة (والي).
الخطوة التالية هو ارتباط الخلية (A) بمسؤول الخلية (B)، ويكون متواصلا مع الخلية (B) للحصول على توقيت التنفيذ. أما مسؤول الخلية (C) فيكون مرتبطا في لجنة خاصة، هي الأخرى تقع ضمن هيكلية (مكتب العمليات السرية) ـ المكتب الأمني، ثم بالمستشار الأمني لأبو بكر البغدادي، وعلاقة الخلية (C) مباشرة باللجنة المشرفة على الخلايا، التي عادة تتكون من أربعة أشخاص، يتمتعون بالخبرات العالية وعلى مستوى الاستشارة والتنفيذ وهنا تكلف الخلية (C) الخلية (B) بعد تسلم الأوامر من مكتب العمليات السرية، وحينها يستلم الشفرة وساعة الصفر. الخطوة الأخيرة، أن يبلغ مسؤول الخلية (B) عناصر الخلية (A) بشكل منفرد للحضور إلى مكان تنفيذ العملية.
مخاطر الخلايا النائمة
البعض يسوق لفكرة بأن مدينة الموصل قد سيطر عليها تنظيم داعش في حزيران 2014 خلال ليلة وضحاها، فيما ارجع البعض الاخر السبب للانسحاب المفاجئ للقوات العراقية، والرأي الثالث ارجعه لعديد المقاتلين الكبير الذي استخدمه التنظيم خلال هجومه، ورأي يرجع السبب للتهاون الذي ابداه بعض الاهالي، وغيرها من المسببات وبغض النظر عن ايهما الاصح، إلا ان ما يهمنا بأن المدينة كانت على اهبة الاستعداد لذلك التغيير وهنا الحال ينطبق على اصل الموضوع اعلاه "بأن التنظيم قد زرع خلاياه النائمة خلال المدة السابقة فيما كانت احداث العاشر من حزيران هي استنهاض لتلك الخلايا" وهنا محور الكلام والتطبيق الفعلي لفائدة تلك الخلال فبمجرد تلقيها دعم خارجي وإشعار بالاستيقاظ استنهضت قواها وانتشرت في بقية المدن والحال ينطبق على الموصل وصلاح الدين والانبار وأطراف بغداد، وهذا الامر ينطبق على معظم هجمات التنظيم لا سيما هجماته في الدول الاوربية وغيرها.
وبعد الشروع بعمليات تحرير المدن الخاضعة لسيطرة التنظيم ابتدأت معها عمليات تطهير ربما لم تكتمل في كثيراً من المدن إلا انها مستمرة، فيما يبقى الخطر الاكبر والتحدي الاصعب هو تغلغل الخلايا النائمة من جديد في المدن المحررة، وخير دليل على ذلك ما حدث مؤخراً في الساحل الايسر لمدينة الموصل فبعد اعلان تحرير الساحل بأكمله وتطهير اغلب احيائه والتهيؤ للبدء بالساحل الايمن، اوعز التنظيم لخلاياه النائمة بتنفيذ هجمات منها انتحارية ومنها مواجهات وخلفت العديد من الضحايا وربما بعضهم تسلل مع النازحين او هو اصلاً لم يغادر الساحل الايسر وبقى على اتصال مع التنظيم يتلقى الاوامر مما جعل القيادات الامنية تراجع خططها وأعلنت عن إستراتيجية جديدة لمعالجة ملف الخلايا النائمة في الساحل الايسر ربما تستمر لمدة ثلاثين يوماً وهذا ما يفسر تأخر انطلاق معركة الجانب الايمن من المدينة.
فمشكلة الخلايا النائمة هي متجذرة ومستقبلية وتظهر باستمرار كما هو الحال في مدن ما بعد التحرير (صلاح الدين والانبار وديالى وغيرها) وأما عن سبل مواجهة تلك الخلايا فيكمن بما يلي:
1- تكثيف الجهد الاستخباري بمختلف المناطق لا سيما ما يعرف بمناطق الرخوة الأمنية.
2- الاعتماد على عناصر محلية لها دراية بأوضاع تلك المناطق لتزويد القوات الامنية بأية معلومات او تحركات مشبوهة.
3- عدم الاكتفاء بتحرير المناطق فحسب وإنما الشروع بعمليات تدقيق مكثف لمن تبقى في المدن المحررة اضافة الى الوافدين ممن كانوا خارج تلك المناطق ابان حكم داعش.
4- تغيير نمط وعمل والية السيطرات الامنية وتقليل عديدها وتحسين ادائها عبر الاستعانة بالطرق الحديثة في الكشف عن الارهابيين.
5- الاستعانة بوسائل الاتصال الحديثة للكشف عن تحركات الارهابيين وتفكيك الخلايا النائمة قبل تنفيذها عمليات ارهابية.
اضف تعليق