اذا كان كل سبب من تلك الاسباب، يمتلك نوعا من المصداقية في تحليل ما حدث، حسب وجهة نظر المحللين، ليس في بلجيكا وحدها، فهل يعفينا ذلك من البحث عن اسباب اخرى؟
كل سبب من تلك الاسباب يمكن ان يرد عليه من جهة اخرى، لماذا لايقوم بمثل هذه العمليات مجموعات سكانية اخرى تنتمي الى اديان متعددة مثل (المكسيكيين – الفيتناميين - اليابانيين – الصينيين) وتنويعات غيرها ضد الدول التي احتلتها وقتلت ونكلت بمواطنيها؟
أشاد أنصار «داعش» على وسائل التواصل الاجتماعي بالهجمات، وكتب أحدهم على «تويتر» إن «الدولة بإذن الله ستجبركم على أن تعيدوا حساباتكم ألف مرة قبل أن تتجرأوا على قتل المسلمين ثانية، واعلموا أنه أصبح للمسلمين دولة تدافع عنهم وتثأر».
الملاحظ في جميع العمليات الارهابية التي ضربت اوربا، والمرشحة لضربها من جديد، أن البعد الديني، وإن لم يكن الدافع الوحيد وراء ظاهرة التطرف، هو العامل الأساس وراء تعبئة ارهابيين جدد وتجنيدهم.
ماذا عن العولمة والهويات المتوترة داخلها؟، مصدر هذا التوتر هو (الاستعلاء والفوقية) الذي تتمتع به هويات على حساب هويات اخرى، تقابلها بالانعزال والانغلاق. وهو مايقود الى (صراع الهويات).
مالذي يقود الى خلق هذه الحالة من التوتر بين الهويات داخل العولمة؟، الشعور المتزايد بانها تتعرض (للاندثار أو الانثلام أو التطويع) بحكم ان العولمة تسعى لفرض هوية «متجانسة» ثقافياً واقتصادياً واجتماعياً، وذلك بتذويب الحدود والحواجز الثقافية والفكرية والاقتصادية بين الأمم والشعوب، وفقاً لمصالح خاصة وضيقة وأنانية، يلعب فيها رأس المال والاحتكارات الدور الأبرز والأساس.
كيف تتم مواجهة سلبيات العولمة (وهي واقع متحقق) أو وجهها السيئ؟، على الهويات الوطنية والخاصة تعزيز دورها من خلال استراتيجيات جديدة أساسها التعاطي مع العلم والتكنولوجيا الحديثة، وتأكيد الجوانب الإيجابية في ثقافة مجتمعاتنا وهوياتها، بما يعزز شخصيتها المستقلة المنفتحة، وغير المنغلقة.
اعتماد وسائل إعلامية حديثة تقوم على نشر الحقيقة، ليس دعاية أو ترويجاً، ولكن الحقيقة كما هي، والتبصير بالتحديات لمواجهتها، بما يحفظ الهوية والقيم، نقد تراثنا وتاريخنا بما له وهو شيء كثير، وما عليه وهو شيء ليس بالقليل، خصوصاً نبذ جوانب التعصب والتطرف وادعاء الأفضليات وامتلاك الحقيقة، لأن ذلك سيقربنا من المسار الكوني، بل ومن أنفسنا أيضاً. "عن الهوية والعولمة/ عبد الحسين شعبان".
لماذا يكره منفذو التفجيرات الإرهابية ضحاياهم؟؟، يرى الروائي والكاتب العراقي المقيم في العاصمة البلجيكية بروكسيل علي بدر ان منفذي التفجيرات الارهابية الذين يعيشون في أوروبا، ليسوا شخصيات غريبة عن هذه المجتمعات التي عاشوا وتربوا في كنفها؛ لكنهم يعانون من حالة حصار نفسي ومعنوي وشعور بتفوق الآخر عليهم. ويشير بدر إلى أن الشعور بالدونية إزاء "الرجل الأبيض" يخلق مشاعر مزدوجة من الإعجاب والغيرة والحسد وشعورا مريرا بالكراهية.
غالب بن الشيخ، رئيس المنتدى العالمي للأديان من أجل السلام، يرصد عوامل عدة ساهمت بتغذية الارهاب، منها سهولة خطاب التنظيمات المتطرفة، إذ تتوجه إلى المسلم فتقول له: «حياتك انهارت في هذه الدنيا وعليك أن تفكر في الآخرة، وعليك أن تستحق أيضًا دخول الجنة، وبالتالي يجب أن تموت شهيدًا».
وهو يدعو الى إعادة النظر في الفكر اللاهوتي الإسلامي كي نخرج من فكرة الإصلاح، إعادة النظر في ما يخص الفكر والتنوير والأنسنة، علينا أن نهتم بالإنسان، بحرية التعبير والمساواة بين المواطنين، وإزالة هالة القداسة عن العنف، أن تكون هناك نظرة جدية واكاديمية إلى كل ما يتعلق بالتاريخ الإسلامي.
اضف تعليق