لكنك شيعي منذ زمن طويل، ولادة وانتماء.. منذ معاوية كنت شيعيا، ذهب وبقيت انت.. ومنذ يزيد كنت شيعيا، ذهب وبقيت انت.. ثم جاء الحجاج وقطف الرؤوس حين اينعت.. انه رأسك.. لكنه ذهب وبقيت انت.. ثم جاء صلاح الدين، بطل التحرير النحرير، ليعمل سيفه فيك مقتلة عظيمة.. لكنه رحل وبقيت انت.. كل زمن من تلك الازمان، لم تكن ايران وثورتها موجودة، لكن الاتهامات نحوك تتطاير من كل صوب وجهة.. تارة انت شعوبي، تفخر بأصلك غير العربي، رومي او فارسي او نبطي، فلا فرق بينها، طالما انت تشعر بالتفوق على الأصل البدوي للغازين والفاتحين وبناة جبال الجماجم في كل مدينة.. لم تكن ايران وثورتها موجودة، ولم تكن تلحن بلفظك العربي، وكنت انت من يعلم أصحاب اللغة لغتهم، وتضع لهم قواعدها، وتحفظ لهم شعرها، وتطارد احاديث نبيها اليعربي، الذي لم يفرق بين عربي واعجمي الا بالتقوى.
ولم تكن عروبيا بما يكفي حتى لو كنت خارجا من بطون قبائل اليمن او مكة او القبائل التي استقرت في العراق، لأنك شيعي بامتياز، وكأن شيعيتك تتصادم ولا تتوافق مع العروبة ومتطلباتها.. كانوا يفخرون بمذاهبهم وطوائفهم، وكنت تخفي ذلك الفخر بين ضلوعك، وكنت محقا في ذلك.. فالعيون ترصدك، والعقوبات مصير كل اعلان عن ذلك الفخر.. وعقوباتهم شتى، اقلها المطاردة وأكثرها القتل..
كل زمن من تلك الازمان، لم يقض عليك، بل قضى عليهم، لانهم لا يعرفون ان العقائد ليست فكرة في العقل ، بل هي فكرة تستحوذ عليه.. لكنك شيعي، حين تتحدث عن وحدة المسلمين فتلك تقية تبرع فيها، وحين تتحدث عن العروبة، فتلك تقية تهرب اليها، وحين يعلو صوتك لا تجد غير القمع دواء له يرتد عليك.. فلا صوت للمقموعين والمهمشين في بيئة امتلكت أدوات القمع والاقصاء والاستبعاد.. لم يتغير شيء في زماننا الحالي، فلا زالت شيعيتك مطاردة، فقد ظهرت أسماء جديدة لجلادين ومستبدين جدد، فالبيئة العربية والإسلامية ولّادة ورحمها لا ينضب.. لكن المعادلة تغيرت، فمحاضر الاتهام استبدلت مفردات قاموسها ولغتها، لان الزمن تغير، فانت في كل مكان تكون فيه، وباي لغة تتحدث، تبقى إيراني الهوى، لا شيء لك بأوطانك وهمومها، بل هي ليست اوطانك، فما انت والاوطان؟ انه احتكار عروبي بامتياز، وما انت الا متقي تقاة من الاخرين.. أصبحت بين فكي كماشة، ايران وثورتها، ونواياك التي تحاكم عليها.. ولا ينفعك أي انكار للتهمة.. تغيرت المعادلة، وتغيرت انت أيضا.. لقد أصبحت ماليء السمع والبصر، وأصبح لك صوت يسمعه الجميع.
لكنك أيضا محاصر، بين ايران وثورتها، وبين جلادين جدد، لا يعترفون بموقعك في الوسط، فإما ان تختار قسرا ايران وثورتها، واما ان تختار قسرا صفوف جلاديك، وحتى في هذا الاختيار، انت تتقي تقاة منهم، هكذا يفسرون خياراتك.. ليس كل شيعي هو إيراني الهوى، فالكثير من الشيعة ضد ايران الثورة والدولة والولي الفقيه، لكنهم أيضا ضد كل الجلادين بمختلف ازيائهم ولغاتهم.. لكن سلمان لا يفرق بين هذا وذاك، وهو الذي لا يفرق بين بول الناقة وحليبها.
فالشيعي اليمني إيراني الهوى، والشيعي العراقي كذلك، والشيعي السعودي، واللبناني، والبحراني، والسوري، والمصري، والمغربي، والامريكي، والألماني، والاسترالي، وحتى الذاهب في رحلة سياحية الى القمر او المريخ، هو إيراني الهوى، لأنه يوما سيعود الى الأرض، ويجب ان يختار قسرا اما ان يكون في صف ايران وثورتها ووليها، او صف الجلادين الجدد.. سلمان لا يفقه ذلك، لان الأرض حتى اللحظة لم تتحقق كرويتها لديه، ويفترض بمثل هذا الفهم، ان لا شيء يعود الى نقطته الأولى، لكن الأرض كروية في حالة الشيعي وانتمائه، فهو يعود الى نقطة انطلاقته الأولى، ايران وثورتها ووليها.
سلمان، صوت من ذهبوا قبلك ينادون عليك، ستذهب مثلما ذهبنا، وستنكسر مثلما انكسرنا، وستهزم مثلما انهزمنا، فالشيعة هذه ارضهم، واوطانهم، ومراتع صباهم، وصوتهم يعلو حتى اننا نسمعه واضحا في قبورنا التي سارت عليها اقدام الملايين، وستسير على قبرك ملايين أخرى، وعند الله الملتقى.
اضف تعليق