ربما اقتربت ساعة الحسم بالعسكري بالنسبة لكبرى محافظات العراق مساحة، الانبار، التي سقطت جل مناطقها تحت سيطرة تنظيم "داعش" العام الماضي، وبحسب ما اوضحه وزير الدفاع العراقي، فان اعلان تحرير مركز المدينة، الرمادي، يمكن ان يعلن عنه في نهاية الشهر الجاري، فيما تبقى مدينة (الفلوجة) التي تتوسط المسافة بين مركز الانبار والعاصمة العراقية بغداد، وتعتبر المعقل الأبرز للتنظيم الإرهابي في العراق، مثلما كانت المعقل الأبرز لتنظيم (القاعدة) بعد عام 2003، تحت حصار القوات الأمنية والمتطوعين والعشائر السنية الداعمة لجهود الحكومة المركزية في تخليص مناطق غرب البلاد من عقدة التنظيمات الإرهابية.
وقد اسقطت طائرات الجيش العراقي منشورات امهلت فيها سكان المدينة (الرمادي) مدة (72) ساعة لمغادرة البلدة قبل ان تتحول الى منطقة عمليات عسكرية، ما يعني ان ساعة الصفر قد اقتربت كثيرا.
خلال المسيرة الناجحة للقوات العراقية التي نجحت في تطويق تمدد تنظيم داعش داخل الأراضي العراقي، بعد ان حدت من كسبه للمزيد من الأراضي، إضافة الى استرجاع المدن والمناطق التي سيطر عليها سابقا، كانت هناك المزيد من العقبات التي اعاقت بصورة مباشرة وغير مباشرة تقدم هذه القوات التي حاولت كسب عامل الزمن والإسراع بحسم المعارك غربا وشرقا من اجل الوصول الى محافظة (الموصل) أبرز معقل لتنظيم داعش شمالا، سيما وانه يسيطر عليها بالكامل منذ أكثر من عام... وقد تنوعت المعرقلات بين:
- "نيران صديقة" بعد ان قصفت طائرات الجيش الأمريكي ضمن قوات "التحالف الدولي" قوة صغيرة من الجيش العراقي قرب الفلوجة، معتبرة انها جاءت "عن طريق الخطأ" وإنها المرة الأولى التي يتعرض فيها الجيش العراقي الى نيران صديقة من التحالف الدولي... لكن هل يمكن ان تكون الأخيرة؟ وهل يمكن اعتبارها فعلا ضربة تمت عن طريق الخطأ، سيما وان الولايات المتحدة الامريكية تحاول ارسال قوات برية تشارك في تحرير باقي مدن العراق، خصوصا مدينة الموصل.
- "تدخلات إقليمية" بدأتها تركيا بإرسال المئات من جنودها الى شمال العراق، أيضا، بحجة تدريب قوات "البشمركة" الكردية والمتطوعون من المناطق الشمالية والغربية، ومع رفض العراق لتواجد أي قوات اجنبية تحمل السلاح على أراضيه، فان التدخلات الإقليمية مستمرة، بل ان السعودية التي أعلنت قيام تحالف إسلامي ضد الإرهاب، وضعت على اجندتها محاربة المشاركة في مكافحة الإرهاب في العراق من دون دعوة العراق الى التحالف او إعطاء اذن مسبق من الحكومة العراقية بمشاركتها.
- "ضغوط سياسية" يعاني العراق منها منذ عام 2003 وحتى وقتنا الراهن، فأزمة الإرهاب التي ضربت الشرق الأوسط امتدت لتشمل دولا أخرى في الغرب، فيما دعت تعقيدات المشهد السوري الدول الكبرى والإقليمية للمشاركة في "لعبة الأمم" والبحث عن فرصة المكسب وحماية المصالح وضرب الأعداء في صراع معقد للغاية... كما ان الضغوط السياسية لم تكن خارجية فحسب بل هناك ضغوط سياسية داخلية، لكنها بطبيعة الحال امتداد للضغوط الخارجية أيضا.
ويبدو ان الخلاف حول وجود "قوات برية" اجنبية تمارس مهامها القتالية على الأراضي العراقية سيزداد بعد طي صفحة محافظة الانبار، وتامين الحدود الغربية للبلاد، ومع الصعود شمالا باتجاه الموصل، وقد يعني تفجر المزيد من الخلافات، وربما توقف عمليات تحرير الموصل، مثلما حدث سابقا في مدينة "تكريت".
في سبيل ذلك، على الحكومة العراقية الإصرار على مطالبها السابقة التي أعلن فيها رئيس الوزراء العراق، حيدر العبادي، عن "عدم حاجة العراق الى قوات برية اجنبية، ولم نطلب من اية دولة ارسال قوات برية اجنبية وسنعد ارسالها عملا معاديا"... من اجل المحافظة على وحدة الصف العراقي الذي يرفض وجود أي قوات اجنبية برية قد تشارك فعلا في القتال ضد تنظيم داعش.
وفي ذات الوقت، ان تبقي الحكومة العراقية على دعواتها وترحيبها "بدعم القوات العراقية بالأسلحة والتدريب والاستشارة" من قبل الجميع مساهمة منها في دعم العراق للتصدي الى خطر الإرهاب والقضاء عليه.
اضف تعليق