تعد ظاهرة ارتفاع درجات الحرارة في موسم الصيف في العراق من القضايا البيئية والجغرافية ذات التأثير الكبير على حياة السكان واقتصاد البلاد ويشتهر العراق بمناخه القاسي الذي يتجاوز في كثير من الأحيان درجات الحرارة التي يمكن للإنسان تحملها بسهولة، وتعود أسباب هذا الارتفاع في درجات الحرارة إلى مجموعة من العوامل...

تعد ظاهرة ارتفاع درجات الحرارة في موسم الصيف في العراق من القضايا البيئية والجغرافية ذات التأثير الكبير على حياة السكان واقتصاد البلاد ويشتهر العراق بمناخه القاسي الذي يتجاوز في كثير من الأحيان درجات الحرارة التي يمكن للإنسان تحملها بسهولة، وتعود أسباب هذا الارتفاع في درجات الحرارة إلى مجموعة من العوامل الجغرافية والمناخية، بالإضافة إلى تأثيرات التغير المناخي العالمي.

في هذا التقرير، سنستعرض بالتفصيل ما هي الموجة الحارة وما سبب خطورتها وإلى أي مدى يمكن أن تكون خطيرة وما هو دور التغيّر المناخي وماذا عن المستقبل؟

تعد هذه القضية من الأمور الملحة حيث يعاني المواطن العراقي يومياً من درجات حرارة مرتفعة قد تصل إلى مستويات خطرة، مما يتسبب في الكثير من المشاكل الصحية والاجتماعية والاقتصادية.

تمر مناطق متفرقة من العالم العربي حاليا بموجة شديدة الحرارة تكسرت معها بعض الأرقام القياسية، وخرجت الهيئات المختصة بالطقس لتحذير الناس من التعرض المباشر لشمس الظهيرة وترطيب أجسامهم قدر الإمكان، خاصة وأن هذه الموجات المتتالية -كما يبدو- لن تهدأ في وقت قريب.

ما هي الموجة الحارة؟

تُعرِّف الهيئة الدولية المعنية بتغير المناخ الموجة الحارة بأنها ارتفاع في درجات الحرارة عن معدلاتها في مكان ما لمدة تبدأ من يومين وتمتد إلى شهر، وقد يكون ذلك مصحوبا بارتفاع نسبة الرطوبة.

ويعني ذلك أن الأمر لا يتعلق بدرجة الحرارة، بل بالفارق بينها وبين المعدلات، فعلى سبيل المثال حينما تسجل بعض المدن البريطانية 33 درجة مئوية، فإن تلك تعد موجة حارة لأن المعتاد هناك في الصيف هو ما بين 20 و24 درجة، بينما لو كانت نفس الدرجة في السعودية أو الجزائر أو المغرب، فإنها طبيعية.

وتحدث الموجات الحارة بسبب تأثر منطقة ما بمرتفع جوي يعلوها على مسافة تصل إلى ما بين 3000 و7500 متر، ولفهم الفكرة تخيل أن الضغط في المرتفع الجوي يشبه حملا ثقيلا جدا من الحديد يضغط على شخص يحمله، هذا الشخص هو الهواء الساخن بالأسفل قرب الأرض، وبسبب طبقات الهواء المتراكمة أعلاه ينضغط هذا الهواء الساخن فوق منطقة ما.

ومن عادة الهواء عندما يسخن قرب الأرض فإن كثافته تنخفض، وبالتالي يرتفع للأعلى ويحل مكانه هواء بارد، وهكذا دواليك. لكن في حالة الموجة الحارة، فإن الضغط الشديد من الأعلى يمنع الهواء الواقع قرب سطح الأرض من الارتفاع للأعلى، فتزيد درجة حرارته.

أضف إلى ذلك أن منطقة الضغط المرتفع تمثل ما يشبه العازل الذي يمنع الهواء البارد خارجها من الدخول إليها، بل يدور حولها، مما يمنع من تهدئة درجة الحرارة في منطقة الموجة الحارة، فترتفع درجة الحرارة لهذا السبب أيضا بمعدلات أكبر.

تكمن خطورة الموجات الحارة في أثرها المباشر في صحة الإنسان، وبشكل خاص بسبب اندماجها مع الرطوبة، فمع ارتفاع الرطوبة تكون درجات الحرارة أكثر تأثيرا.

ويشرح ما يُسمى مؤشر الحرارة ذلك الأثر بالجمع بين درجة حرارة الهواء والرطوبة النسبية في محاولة لتحديد درجة الحرارة التي يشعر بها الإنسان حقاً.

كمثال على ذلك، فإن الهيئات المختصة بالطقس في بلادك قد تعلن أن درجة الحرارة اليوم هي 38 مئوية على سبيل المثال، وتضيف أنك ستشعر بها وكأنها 42 مئوية، وتُسمى الأخيرة بـ"درجة الحرارة المُدرَكة"، ويمثل هذا الفارق تأثير الرطوبة في رفع الشعور بالحرارة.

وبحسب هذا المؤشر، فإن وصول درجة الحرارة إلى ما بين 27 و32 درجة مئوية تعني وجوب الحذر المتوسط، فمن الممكن أن يتضرر الإنسان مع التعرض للشمس فترات طويلة، أما لو ارتفعت الحرارة إلى ما بين 32 و41 درجة مئوية فإن ذلك يعني ضرورة الحذر الشديد، لأن ذلك يفتح الباب للإصابة بالإجهاد الحراري.

ويُعرّف الإجهاد الحراري بأنه عدم قدرة الجسم على التكيّف مع ارتفاع الحرارة وبالتبعية لا يتمكن من تبريد نفسه، ويتسبب ذلك بأعراض تبدأ بالعطش والجفاف وقد تصل إلى صدمة حرارية يصاب خلالها الشخص بصداع شديد وفقدان للتركيز والتهاب في الجلد.

إلى أي مدى يمكن أن تكون خطيرة؟

وتبدأ مستويات "الخطير" و"الخطير للغاية" إذا ارتفعت درجات الحرارة أعلى من 41 درجة مئوية وصولا إلى 54 درجة، وفي هذه الحالة من الخطير جدا التعرض للشمس بشكل مستمر، حيث يمكن أن يتطور الإجهاد الحراري إلى مستويات تدخل في مرحلة فقدان كامل للوعي مع اختلاجات قد تؤدي للوفاة في النهاية.

وأظهرت دراسة صدرت في دورية "نيتشر ميدسن" العام الماضي أن درجات الحرارة المرتفعة في عام 2022 قد تكون مسؤولة عن 70 ألف حالة وفاة إضافية في أوروبا، حيث قام الباحثون في معهد برشلونة للصحة العالمية بمراجعة التقديرات الأولية للوفيات المرتبطة بالحرارة لصيف 2022، وكان ثاني أكثر الأعوام حرارة على الإطلاق في تاريخ القياس.

هذا ليس جديدا أو مفاجئا، ففي 2010 تسببت موجة حارة غير مسبوقة بقتل 11 ألف شخص في روسيا، وخلال شهري أبريل/نيسان ومايو/أيار سنة 2015 اجتاحت موجة شديدة الحرارة الهند وقتلت في البداية 1118 شخصا، ثم ارتفع عدد القتلى ليصل إلى 1700 في نهاية شهر مايو/أيار، ولم تمر أسابيع قليلة حتى ضربت موجة شديدة الحرارة باكستان في يونيو/حزيران التالي وقتلت 1300 في كراتشي بشكل رئيسي.

ما هو دور التغيّر المناخي؟

وقد أشارت الدراسات في هذا النطاق إلى أن تغير المناخ يؤدي إلى زيادة كبيرة في تواتر وشدة ومدة موجات الحرارة، ويرجع ذلك في المقام الأول إلى ارتفاع درجة حرارة الغلاف الجوي للأرض بشكل عام بسبب الأنشطة البشرية مثل حرق الوقود الأحفوري.

ويؤدي تراكم الغازات الدفيئة مثل ثاني أكسيد الكربون إلى احتجاز المزيد من الحرارة في الغلاف الجوي، مما يؤدي إلى ارتفاع عام في متوسط درجات الحرارة العالمية، ومع ارتفاع متوسط درجات الحرارة ترتفع احتمالية حدوث الموجات الحارة بدرجات أكبر.

أضف إلى ذلك أن ارتفاع درجات الحرارة يؤدي إلى زيادة معدل التبخر من الماء واليابس، مما يؤدي إلى زيادة بخار الماء في الغلاف الجوي، وهو الأمر الذي يرفع من قيمة مؤشر الحرارة سالف الذكر، ويؤدي إلى زيادة حدة الموجات الحارة بالتبعية.

وتُظهر بيانات الرصد أن موجات الحر أصبحت أكثر تواتراً وشدة خلال العقود القليلة الماضية، فعلى سبيل المثال تفاقمت موجات الحر الأوروبية بين عامي 2003 و2019 مقارنة بأي تاريخ سابق لتلك الفترة، وذلك بسبب ارتفاع درجات الحرارة الأساسية بفعل تغير المناخ.

ماذا عن المستقبل؟

تتنبأ النماذج المناخية بأنه مع استمرار ارتفاع درجات الحرارة العالمية، ستصبح موجات الحرارة أكثر شيوعا وشدة. فعلى سبيل المثال توصل فريق بحثي دولي في مارس/آذار الماضي إلى أن تغير المناخ يدفع موجات الحر لتصبح أطول في المدة وأقوى في التأثير، وبنى الباحثون عمليات محاكاة حاسوبية أدخلت فيها بيانات متوسط درجات الحرارة العالمية ومعدلات الموجات الحارة وحالات الضرر الصحي الناتجة عنها، وأظهرت نتائج المحاكاة ارتباطا قويا بين شدة وطول ومعدلات الموجات الحارة وانبعاثات غازات الاحتباس الحراري المسببة لتغير المناخ.

وتتفق نتائج تلك الدراسة مع أخرى توصل إليها فريق من جامعة كاليفورنيا إيرفين في 2017 تربط بين الارتفاع السريع في متوسط درجات الحرارة بسبب التغير المناخي في الهند كنموذج بحثي خلال الفترة بين 1960 و2009 وارتفاع تردد الموجات الحارة بها.

وفي دراسة نشرت قبل عدة أعوام بدورية "كومينيكيشنز إيرث آند إنفيرونمنت"، فحص العلماء البيانات التاريخية لتطور درجات الحرارة وكمية الكربون المنبعثة إلى الغلاف الجوي، ووجدوا أنه حتى إذا تمكنت دول العالم من إيقاف ارتفاع درجة الحرارة عند درجتين مئويتين بحسب اتفاقية باريس، فإن تجاوز الحد "الخطير" لحالات الإجهاد الحراري التي قد تكون قاتلة سيكون أكثر شيوعا بمقدار 3 إلى 10 أضعاف بحلول عام 2100 في الكثير من المناطق حول العالم.

ويخشى العلماء من أن الأمر لن يتوقف عند حدود المشكلات الصحية، فالموجات الحارة بهذا التردد وهذه الشدة باتت تؤثر بالفعل على الأمن الغذائي في العديد من الدول، حيث ترفع معدلات تلف المحاصيل الهامة أو إصابتها بالأمراض.

وإلى جانب ذلك، بات من السهل أن تصاب الماشية بالأمراض، ومع تغيرات درجة حرارة المياه تأثرت الثروة السمكية بوضوح، الأمر الذي يمكن أن يؤثر في اقتصادات كاملة، وبشكل خاص تلك التي تعمل في الرعي والزراعة وصيد الأسماك. ويرى فريق من الباحثين أن ذلك قد

يؤدي بدوره إلى توترات سياسية ربما تتطور لتصبح صراعات عسكرية، وهو ما يضع على عاتق كوكبنا حملا إضافيا يعلم الله وحده إلى أي مدى سيصل تأثيره. بحسب موقع “الجزيرة نت”.

كيف يؤثر على طريقة عملنا؟

رصدت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية درجات حرارة قياسية خلال الأيام القليلة الماضية من شهر يوليو/تموز الجاري، ولم تنكسر موجة الحرّ الشديد في عموم أوروبا وأمريكا الشمالية وآسيا وشمال أفريقيا وغيرها من بقاع العالم.

وفي ظل ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض، بات يتعيّن على الناس أن يتحمّلوا أنماطا بعينها من الطقس تستمر لفترات أطول، بحسب جون أبراهام أستاذ العلوم الحرارية بجامعة سانت توماس في الولايات المتحدة.

يقول أبراهام: "موجة الحر التي كانت تنكسر في غضون يوم إلى يومين، باتت تستمر لفترة أطول من ثلاثة إلى خمسة أيام. وأولئك الذين كانوا يتعايشون مع يوم أو اثنين من الحر الشديد، سيجدون صعوبة أكبر في التعايش مع فترة أطول من درجات الحرارة المرتفعة".

ويتوقع علماء أن استمرار التغير في المناخ سيدفع درجات الحرارة إلى الارتفاع وسيدفع الناس إلى التعايش مع موجات الحر الشديد، وفي ظل ذلك ستتغير الطريقة التي يحيا بها الناس.

وستتغير، تبعا لذلك، الطريقة التي يعمل بها الناس. وعليه، يحتاج العمال إلى الوقوف على ما ينتظرهم في المستقبل – كما تحتاج الشركات إلى الاستعداد من أجل حماية العمال.

يقسّم الخبراء التغيرات التي ستطرأ على مكان العمل بشكل عام إلى فئتين: الأولى هي العمل في العراء والبيئات غير المكيّفة – كالعمل في مجال الزراعة أو التصنيع حيث لا مجال للسيطرة على درجات الحرارة المرتفعة. وفي 2022، سقط كنّاس في شوارع مدريد ميتاً بسبب ضربة شمس، وذلك بعد العمل في ظل درجات حرارة شديدة.

ويقول باحثون إن عددا من التغييرات الكبرى يتعيّن إحداثها في هذه الأنواع من بيئات العمل من أجل حماية العمال.

يقول أبراهام: "العمل في العراء تحت درجات حرارة مرتفعة يتطلب نوبات عمل أقصر وفترات راحة أطول، فضلا عن الإكثار من العمل ليلا". على أن ترحيل ساعات من عمل هذه الفئة من العمال إلى المساء لا يعتبر حلا نهائيا؛ فلا تزال هناك مخاطر ماثلة.

ومن تلك المخاطر أن درجات الحرارة ليلا باتت تشهد ارتفاعا بوتيرة أسرع من نظيراتها في أثناء النهار، وفي ذلك يقول أبراهام: "عندما تكون درجات الحرارة في أثناء العمل ليلا مرتفعة على نحو لا يستطيع معه هؤلاء العمال إنعاش أجسامهم، فسيجد هؤلاء وقتا أصعب في النهار التالي"، إضافة إلى مشكلات أخرى قد تعترض طريق هؤلاء العمال في الليل ومن ذلك مسألة الرؤية.

ويعتقد أبراهام أنه بالنسبة للعمال في بيئات لا يمكن السيطرة على درجات حرارتها، قد تصبح مراكز التبريد مكيفة الهواء أمراً شائعا، وسيتعين على أصحاب الأعمال إتاحة فترات من الراحة للعمال من أجل خفض درجات حرارة أجسامهم بما يكفي للعمل مجددا.

أما الفئة الثانية من العمال، فهم الذين يعملون من داخل بنايات أو في بيئات مكيفة، وهؤلاء أكثر أمانا فيما يتعلق بالتعرّض لدرجات حرارة أعلى، لكن ينبغي عليهم كذلك أن يتوقعوا حدوث تغييرات على روتين عملهم اليومي.

يقول منصور سومرو، المحاضر في كلية إدارة الأعمال بجامعة تيسايد: "التدابير المعاصرة كالعمل عن بُعد، والعمل المختلط، والعمل لأربعة أيام في الأسبوع ... والعمل ست ساعات في اليوم أسبوعيا بدلا من ثماني ساعات – هي تدابير أثبتت جدوى في حالات موجات الحر الشديد".

ويضيف منصور: "والحدّ من الانتقال والسفر إلى مكان العمل، وهو ما يفقد خلاله الموظفون جزءا من طاقتهم؛ فضلا عن أن الموظفين يمكن أن يشعروا بمزيد من الراحة أثناء العمل من المنزل رغم درجات الحرارة المرتفعة وذلك بفضل ارتداء ملابس غير رسمية".

وفي كلتا بيئتَي العمل، شرع العديد من العمال في تغيير جداول عملهم بحيث يبدؤون مبكرا أكثر وينتهون قبل وصول درجات الحرارة إلى الذروة في منتصف النهار – وهو إجراء يتوقع منصور أن يصبح أكثر شيوعا.

دور أرباب الأعمال

ربما يحتاج أرباب الأعمال إلى تقديم تدابير جديدة للعمال.

يقول الباحث منصور سومرو إن عددا من أرباب الأعمال يقومون بتقييمات دورية لمخاطر ارتفاع درجات الحرارة من أجل تحديد فئات العمال الأكثر عُرضة للخطر، بما في ذلك العُمال الأكبر سِناً والحوامل وذوي الإعاقة.

ويضيف منصور بأن "هذه الفئات يمكن أن تحصل على علاوات متى دعت الحاجة". ويتوقع الباحث أن يشرع المزيد من أرباب الأعمال في تنفيذ تلك التدابير مع استمرار الارتفاع في درجات الحرارة.

وعلى نحو مشابه، يتوقع منصور إقبال الشركات على تنفيذ المزيد من المبادرات الخاصة بالحفاظ على صحة ورفاه العمال في ظل درجات حرارة مرتفعة.

وقد تتضمن تلك المبادرات إطلاق وِرش تدريبية حول إدارة الإجهاد الحراري أو الإعلان عن خطط تستهدف تعزيز اللياقة البدنية والتغذية من أجل مساعدة العمال على التكيف مع التغيّر المناخي.

ويرى منصور أن الاستثمار في البنية التحتية يمكن أن يكون أيضاً ذا جدوى في هذا الصدد.

يقول سومرو: "تعمل الشركات على إتاحة بيئات عمل مقاومة لدرجات الحرارة المرتفعة، ومن ذلك تدشين بنية تحتية مستدامة ذات نظام تكييف أكثر جودة".

ويعدّ تغيير ساعات العمل، استجابةً للتغيّر المناخي، تدبيرا جيدا يمكن أن يلجأ إليه أرباب الأعمال.

يقول الباحث منصور سومرو: "تؤثر درجات الحرارة المرتفعة على أداء العمال وإنتاجيتهم بشكل سلبي، ما يدفع الشركات إلى التحرك من أجل تفادي ذلك قدر المستطاع".

ويوضح منصور: "العمال يعانون المرض ويتغيبون عن العمل أياما فيخسرون بذلك أجر تلك الأيام بما يعود بالضرر على عائلاتهم. أما أرباب الأعمال، فيتكبدون نفقات العلاج الطبي للعمال وكذلك تراجُع إنتاجيتهم، فضلاً عن الدخول في نزاعات قضائية".

وعلى الرغم من أن مسؤولية حماية العمال تقع على كاهل الشركات التي يعملون بها، يرى الباحثان أبراهام ومنصور أن التشريعات يجب أن تلعب دورا ناجزا في هذا الصدد.

ومن الأخبار الجيدة في هذا الصدد، شروع عدد من الحكومات بالفعل في تطبيق قوانين تتناول العمل في ظل درجات حرارة مرتفعة.

وأعلنت إسبانيا، بعد أن سجلت درجات حرارة غير معهودة في شهر أبريل/نيسان، عن تشريعات جديدة تتعلق بكل من أرباب الأعمال والعمال على السواء.

وبموجب التشريعات الجديدة، يتعين على أرباب الأعمال تهيئة بيئة عمل مناسبة، فضلا عن خفض ساعات العمل أو عمل تغييرات في جداول العمل.

ورغم الضرورة، يرى باحثون أن معظم الدول غير مستعدة بعد للاستجابة السريعة لدرجات الحرارة المرتفعة في بيئات العمل.

وفي يوليو/تموز2023، رصد تقرير بحثي صادر عن جامعة أوكسفورد "ارتفاعا غير مسبوق على طلب التكييف".

ويقدّر البحث أن الطاقة المطلوبة لتشغيل أجهزة التكييف بحلول عام 2050 ستعادل مجموع الطاقة الكهربية لكل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي واليابان في عام 2016.

على أن التغير المناخي، وتبعاته على مستقبل العمل، هو أمر غير مؤكد وقد يتغير. ومع ذلك يؤكد الخبراء أن الطقس الحار سيغيّر طريقة العمل المعهودة. بحسب موقع “BBC News”.

توقعات بتسجيل درجات حرارة قياسية عام 2024

استنتج فريق دولي من علماء المناخ أنه يوجد احتمال بنسبة 90 بالمئة أن يسجل صيف عام 2024 رقما قياسيا جديدا في متوسط درجات الحرارة.

وتشير مجلة Scientific Reports إلى أنه وفقا للعلماء يرتبط ارتفاع درجات الحرارة بزيادة حدة ظاهرة النينيو المناخية، التي تتحكم في الطقس والتيارات الهوائية فوق المحيط الهادئ.

ويقول العلماء: "أظهرت حساباتنا أن احتمال تسجيل درجات حرارة عالمية جديدة، فضلا عن احتمال تسجيل درجات حرارة صيفية مرتفعة بشكل قياسي في العديد من مناطق العالم، يتجاوز 90 بالمئة، إذا كانت ظاهرة النينيو هذا العام معتدلة أو قوية. وسيؤثر هذا الاتجاه بشكل خاص في مناطق خليج البنغال وبحر الصين الجنوبي والبحر الكاريبي، حيث قد تحدث موجات حارة لمدة عام تقريبا.

وتوصل فريق علماء المناخ الدولي، الذي يرأسه البروفيسور كونغوين تشو من الأكاديمية الصينية لعلوم الأرصاد الجوية، إلى هذا الاستنتاج من دراستهم لتأثير ظاهرة النينيو في مناخ

الأرض عام 2023. ويتوقع العديد من الباحثين أن تحافظ ظاهرة النينيو على قوتها في العام الماضي أو حتى تشتد في عام 2024، ما قد يؤدي إلى تسريع ظاهرة الاحتباس الحراري.

واستنادا إلى ذلك، درس الفريق العلمي كيف تغيرت درجات الحرارة في العالم خلال أعوام 1880- 2023 وقارنوها مع تغير شدة ظاهرة النينيو خلال نفس الفترة الزمنية. ووفقا للنتائج وضعوا برنامج كمبيوتر يسمح بالتنبؤ في كيفية تأثير ظاهرة النينيو في درجات الحرارة على الأرض بصورة عامة وفي بعض المناطق بصورة خاصة.

وأظهرت حسابات العلماء أن درجات الحرارة في العالم ستكون أعلى مما كانت في منتصف القرن العشرين بمقدار 1.03-1.2 درجة مئوية. وأن هذا الارتفاع سيشمل وفقا لهم العديد من المناطق الجنوبية من الهند وبنغلاديش قبالة ساحل خليج البنغال، وبحر الصين الجنوبي، والبحر الكاريبي، بالإضافة إلى مناطق كثيرة قبالة الساحل الشرقي لإفريقيا وألاسكا وشمال غرب أمريكا الجنوبية. وستحدث في بعض هذه المناطق، موجات حر تستمر 150- 250 يوما، ما سيشكل خطورة على صحة البشر ويهدد حياة النباتات والحيوانات المحلية. نقلًا عن موقع “RT”.

كيف يمكن التعامل مع موجات الحر المتكررة؟

ستصبح موجات الحر أكثر تكراراً مع استمرار الاحترار العالمي، وهو ما يزيد من احتمال وصول درجات الحرارة إلى مستويات خطرة، ويمكن للحر أن يؤثر على الجميع، لكن بعض الفئات الضعيفة، ككبار السن والأطفال الرضع، تواجه مخاطر أكبر بالتعرض لأذى خطير.

إليكم ما تحتاجون لمعرفته حول تأثيرات الحر على الجسم وكيفية الحفاظ على البرودة.

ما الذي يفعله الحر الشديد بأجسامنا؟

عندما تزداد حرارة الجسم، تتسع الأوعية الدموية. ويقود ذلك إلى انخفاض ضغط الدم ما يجعل القلب يعمل بجهد أكبر لضخ الدم إلى مختلف أجزاء الجسم. وهذا من شأنه أن يسبب أعراضاً بسيطة مثل الطفح الحراري مع الحكة أو انتفاخ الأقدام.

وهذا، إذا ما اجتمع مع ضغط الدم المنخفض، يمكن أن يقود إلى ما يسمى بالإنهاك الحراري. وتشمل أعراضه:

ـ الدوار

ـ الغثيان

ـ الإغماء

ـ التشنجات العضلية

ـ الصداع

ـ التعرق الشديد

ـ الإرهاق

ـ الجلد البارد والشاحب والمتعرق

وإذا انخفض ضغط الدم كثيراً، يرتفع خطر الإصابة بالنوبات القلبية.

لماذا تتفاعل أجسامنا بهذه الطريقة؟

تجتهد أجسامنا للحفاظ على درجة حرارة أساسية وهي حوالي 98 درجة فهرنهايت (37 درجة مئوية) سواء كنا في عاصفة ثلجية أو موجة حر، وهي درجة الحرارة التي تطورت أجسامنا لتعمل عندها، ولكن مع ارتفاع حرارة الطقس، يتعين على الجسم أن يعمل بجهد أكبر من أجل إبقاء درجة حرارته الأساسية منخفضة، فهو يعمل على فتح المزيد من الأوعية الدموية بالقرب من الجلد من أجل فقدان الحرارة والبدء بالتعرق، ومع تبخر العرق، يزداد بشكل كبير فقدان الحرارة من الجلد.

كيف أحافظ على سلامتي في الأجواء الحارة؟

مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها لديها بعض النصائح بهذا الخصوص:

ـ ارتداء ملابس ملائمة، خفيفة وفضفاضة

ـ البقاء في مكان مكيّف قدر الإمكان. وإذا لم يكن بيتك مكيفاً، فاذهب إلى مركز للتسوق أو المكتبة العامة

ـ الحد من الأنشطة الخارجية أو تغيير موعدها لوقت تكون فيه الحرارة أخف

ـ شرب الكثير من السوائل وعدم شرب الكثير من الكحول

ـ البقاء في الظل، واستخدام واق للشمس بتركيز عال من عامل وقاية الشمس والوقاية من الأشعة فوق البنفسجية، وارتداء قبعة عريضة الحواف

ـ الاعتناء بمن يعانون من أجل الحفاظ على برودة الجسم ككبار السن ومن يعانون من ظروف صحية ومن يعيشون لوحدهم

ـ عدم ترك أي أحد وبخاصة الرضع والأطفال الصغار والحيوانات في سيارة مغلقة

كيف يمكنني أن أحظى بنوم جيد في الحر؟

ينصحك الخبراء أن تستخدم أغطية خفيفة وأن تقوم بتبريد جواربك بوضعها داخل الثلاجة قبل ارتدائها والتزم بالنمط الاعتيادي لموعد نومك.

ما الذي يجب عليّ فعله إذا ما رأيت شخصاً يعاني من الإنهاك الحراري؟

إذا كان بالإمكان تبريد حرارة أجسامهم خلال نصف ساعة، عندها لا يكون الإنهاك الحراري خطيراً في العادة.

وينصح مركز السيطرة على الأمراض في الولايات المتحدة بما يلي:

ـ انقلهم إلى مكان بارد

ـ قم بتبريد جلدهم من خلال رش الماء عليه

ـ دعهم يشربون الكثير من الماء

ولكن إذا لم يتعافوا خلال 30 دقيقة، فإن ما يتبع ذلك يعد ضربة شمس. وهي حالة طبية طارئة تستوجب الاتصال برقم الطوارئ في بلدك، والأشخاص الذين يعانون من ضربة شمس قد يتوقفون عن التعرق على الرغم من أن أجسامهم ساخنة جداً. وقد تصل درجة حرارتهم إلى 104 درجة فهرنهايت (40 درجة مئوية) وقد يمرون بنوبات صرع أو يفقدون الوعي.

ما هي الفئات المعرضة للخطر أكثر من غيرها؟

يُعتبر كبار السن والأشخاص الذين يعانون من أمراض طويلة الأمد مثل أمراض القلب، أقل قدرة على التعامل مع الإجهاد الذي يفرضه الحر على الجسم، ويمكن أن يجعل مرض السكري الجسم يفقد الماء بسرعة أكبر ويمكن لبعض مضاعفات المرض أن تغير من حالة الأوعية الدموية ومن القدرة على التعرق.

وقد يكون الأطفال وأولئك الأشخاص الأقل حركة أكثر عرضة لمخاطر الحر. ومن الممكن أن تترك أمراض الدماغ، كمرض الخرف، الأشخاص غير واعين للحر أو عاجزين عن فعل أي شيء حياله، كما أن الأشخاص المشردين يكونون أكثر عرضة لأشعة الشمس. ويواجه أولئك الذين يعيشون في شقق بالطابق العلوي درجات حرارة أعلى.

هل تزيد بعض الأدوية من مخاطر التعرض للحر؟

نعم- ولكن يتعين على الأشخاص الاستمرار في أخذ أدويتهم كالمعتاد وعليهم أن يبذلوا مجهوداً أكبر للحفاظ على البرودة والرطوبة.

ويزيد عقار "ديوريتكس"- والذي يدعى أحياناً باسم "حبوب الماء"- من كمية المياه التي يطردها الجسم. ويتم تناول هذا العقار على نطاق واسع، بما في ذلك لعلاج السكتة القلبية. وفي ظل الأجواء الحارة، يعمل هذا الدواء على زيادة مخاطر الإصابة بالجفاف واختلال التوازن في المعادن الرئيسية في الجسم.

ويمكن للأدوية الخافضة لضغط الدم أن تجتمع مع الأوعية الدموية التي تتمدد للتعامل مع الحر وتسبب انخفاضاً خطيراً في ضغط الدم، وبعض الأدوية المستخدمة في علاج الصرع والشلل الرعاش يمكن أن تغلق مسام التعرق فتجعل من الصعب على الجسم أن يبرد نفسه.

وقد تصبح بعض الأدوية مثل "ليثيوم" و "الستاتين" أكثر تركيزاً وتسبب مشكلة في الدم إذا كان هناك فقدان كبير للسوائل.

هل يمكن أن يؤدي الحر إلى الوفاة؟

يموت أكثر من 700 شخص في الولايات المتحدة كل عام بسبب الحر الشديد، وفقاً لمركز السيطرة على الأمراض الأمريكي، ومعظم حالات الوفاة تكون بسبب نوبات قلبية أو سكتات دماغية ناجمة عن الإجهاد في محاولة إبقاء درجات حرارة الجسم مستقرة.

ويبدأ معدل الوفيات الأعلى بالعمل حالما يتجاوز مقياس الحرارة 77-79 درجة فهرنهايت (25-26 درجة مئوية). غير أن الدلائل تشير إلى أن الوفيات تميل لأن تكون ناجمة عن درجات حرارة أعلى في الربيع وأوائل الصيف وليس في "أوج الصيف".

وقد يكون هذا مرده إلى أننا نبدأ بتغيير سلوكياتنا اليومية مع زحف الصيف ونصبح أكثر اعتياداً على التعامل مع الحر. وتشير الأدلة من موجات الحر السابقة إلى أن الزيادة في الوفيات تحدث بسرعة كبيرة – خلال الـ 24 ساعة الأولى من موجة الحر. بحسب موقع “بي بي سي نيوز”.

فصول صيف قادمة أشد حرارة

توصل فريق بحثي بقيادة علماء من جامعة "سون يات سين" الصينية إلى أن تغير المناخ يدفع الموجات الحارة لتصبح أطول في المدة وأقوى في التأثير، مما سيؤثر بشكل سلبي في صحة البشر أجمعين.

وتُعرف الموجة الحارة بأنها ارتفاع مفاجئ في درجات الحرارة في مكان ما عن معدلاتها بفارق كبير مقارنة بالمعدلات الطبيعية لهذا المكان، فمثلا قد يكون معدل درجة حرارة مدينة عربية ما في شهر مارس/آذار هو 30 مئوية، لكنه يرتفع ليصبح 38 خلال فترة زمنية قد تكون أياما قليلة وقد تصل إلى أسابيع.

وعادة ما تقترن الموجات الحارة مع ارتفاع في نسبة الرطوبة الجوية، الأمر الذي يمكن أن يصيب البشر -وبخاصة ممن يعملون في وظائف تُعرضهم للشمس مثل رجال المرور وعمال البناء- بالإجهاد الحراري.

ويُعرف الإجهاد الحراري بأنه عدم قدرة الجسم على التكيف مع الحرارة الشديدة، مما يتسبب بمشكلات طبية تبدأ بالعطش والجفاف وقد تتطور لتصل إلى صدمة حرارية تؤدي إلى الموت في بعض الأحيان.

وللتوصل إلى تلك النتائج التي نشرها هذا الفريق في دورية "ساينس أدفانسز"، قام الباحثون ببناء عمليات محاكاة حاسوبية أُدخلت فيها بيانات متوسط درجات الحرارة العالمية ومعدلات الموجات الحارة وحالات الضرر الصحي الناتجة عنها. وأظهرت نتائج المحاكاة ارتباطا قويا بين شدة وطول ومعدلات الموجات الحارة وانبعاثات غازات الاحتباس الحراري المسببة لتغير المناخ.

العالم يتغير

وبحسب الدراسة الجديدة، فقد تبين أنه منذ 1979 كانت حركة موجات الحرارة العالمية تتحرك بشكل أبطأ بمقدار الخُمس على الأقل مقارنة بما سبق تلك الفترة، ويعني ذلك أن أمد الموجة الحارة يطول. تخيل مثلا أن الموجة الحارة عبارة عن قُبّة هائلة تتحرك أعلى منطقة ما، وكلما تحركت ببطء طال أمدها في تلك المنطقة.

وعلى سبيل المثال فإنه خلال الفترة من عام 1979 إلى عام 1983 كان متوسط عدد الأيام في موجات الحرارة العالمية 8 أيام، ولكن هذا الرقم ارتفع خلال الفترة من 2016 إلى 2020 إلى 12 يوما. ويعني ذلك أن جموح الموجات الحارة سيمضي في تطوره خلال ما هو قادم من فصول الصيف.

وإلى جانب ما سبق، قدر الباحثون أن أطول الموجات الحارة بين قارات العالم خلال الفترة الماضية كانت في قارتي آسيا وأوروبا، أما أفريقيا فكانت أعلى في تردد الموجات الحارة، بينما عانت أميركا الشمالية وأستراليا من أكبر ارتفاعات في درجات الحرارة بالنسبة للمساحة.

خطر قادم

وتتفق نتائج تلك الدراسة مع دراسة أخرى توصل إليها فريق بحثي من جامعة "كاليفورنيا إيرفين" في 2017 تربط بين الارتفاع السريع في متوسط درجات الحرارة بسبب التغير المناخي في الهند كنموذج بحثي خلال الفترة بين عامي 1960 و2009، وارتفاع تردد الموجات الحارة بها.

ووجدت الدراسة أن الموجات الحارة ارتفعت بمعدلات وصلت إلى 50% في جنوب وغرب البلاد، وبناء عليه ارتفعت احتمالات حدوث حالات الوفاة المرتبطة بالموجات الحارة لتصل إلى 146%.

وترى دراسة نشرت قبل عدة أعوام بدورية "كومينيكيشنز إيرث آند إنفيرونمنت"، وفيها فحص العلماء البيانات التاريخية لتطور درجات الحرارة وكمية الكربون المنبعثة إلى الغلاف الجوي، أنه حتى إذا تمكنت دول العالم من إيقاف ارتفاع درجة الحرارة عند حدود درجتين مئويتين بحسب اتفاقية باريس، فإن تجاوز الحد "الخطير" لحالات الإجهاد الحراري التي قد تكون قاتلة سيكون أكثر شيوعا بمقدار 3 إلى 10 أضعاف بحلول عام 2100 في دول مثل الولايات المتحدة وأوروبا الغربية والصين واليابان، وستتضاعف هذه التوقعات في المناطق المدارية.

وبشكل عام، يوصي الباحثون في هذا النطاق ببذل مزيد من الجهد في قضية التغير المناخي، فقد بات مؤكدا أن آثاره الضارة ستستمر بوتيرة متزايدة وبشكل سيؤثر بشدة على كل دول العالم، وهو ما قد يتسبب مستقبلا باضطرابات سياسية أو ما هو أسوأ. بحسب موقع “الجزيرة نت”.

كيف ستتغير درجة الحرارة العالمية خلال خمس سنوات؟

كشف تقرير للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية أن درجة الحرارة ستتجاوز مستوى ما قبل عصر النهضة الصناعية بمقدار 1.5 درجة خلال السنوات الخمس المقبلة.

وفقا للتقرير، المنشور على الموقع الإلكتروني للمنظمة: "من المحتمل، بنسبة 80 بالمئة، أن يتجاوز المتوسط السنوي لدرجة الحرارة في العالم بمقدار 1.5 درجة مئوية عما كان عليه ما قبل النهضة الصناعية على الأقل في سنة واحدة من السنوات الخمس المقبلة. وهذا تحذير خطير من أننا نقترب أكثر من الأهداف المحددة في ميثاق الأمم المتحدة وفي وثائق اتفاق باريس الذي يشير إلى ارتفاع درجات الحرارة على مدى عقود، وليس من سنة إلى خمس سنوات".

ووفقا لتوقعات المنظمة، سيكون متوسط درجة حرارة السطح في العالم خلال أعوام 2024 -2028 أعلى بمقدار 1.1 إلى 1.9 درجة مئوية عما كان عليه أعوام 1850-1900، وهناك احتمال بنسبة 86 بالمئة أن تسجل درجة حرارة سنوية قياسية واحدة على الأقل. وكما هو معروف يعتبر عام 2023 حاليا بأنه العام الأكثر دفئا على الإطلاق.

ويذكر أن اتفاق باريس للمناخ اعتمد في 12 ديسمبر 2015 من قبل 175 دولة، بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية والصين وروسيا.

ووفقا لتوقعات المنظمة، قد تصل درجات الحرارة العالمية إلى مستويات قياسية في السنوات الخمس المقبلة، بسبب النشاط البشري- انبعاثات غازات الدفيئة، والعامل الطبيعي - التغير في مراحل تيارات المحيط من ظاهرة النينيا إلى ظاهرة النينيو لأن هذه الظاهرة تؤثر على متوسط درجة الحرارة على الأرض وكذلك على نمط هطول الأمطار أيضا.

وتكمن خصوصية تغير طور التيارات، الذي بدأ في صيف عام 2023، في أنه خلال ظاهرة النينيو، تنتقل الحرارة من الغلاف الجوي بشكل مكثف إلى المحيط، أما خلال ظاهرة النينيو فبالعكس تنتقل الحرارة من المحيط إلى الغلاف الجوي. بحسب موقع “RT”.

أفضل طريقة استحمام لمواجهة حرارة الصيف

خلال أشهر الصيف، يلجأ الكثيرون إلى الاستحمام بالماء البارد في محاولة لمجابهة درجات الحرارة العالية التي تسبب عدم الراحة.

ولكن هذه الطريقة الشائعة لمواجهة الطقس الحار قد تكون غير فعالة في الواقع. لذا، يقدم الخبراء بعض النصائح حول كيفية الحصول على دش مثالي خلال أكثر أيام السنة حرارة.

يؤثر الاستحمام الشديد البرودة أو الشديد الحرارة على إشارات حرارة الجسم.

ووفقا للخبراء في Thompson Tee، فإن الاستحمام بالماء الساخن يجعل الجسم أكثر سخونة. ومع ذلك، فإن الاستحمام بالماء البارد يؤدي إلى نتائج عكسية أيضا، حيث أنه يخدع الجسم ليعتقد أنه بارد حتى لا يحتاج إلى التعرق، وهي آلية التبريد الطبيعية للجسم.

ويؤثر الاستحمام البارد أيضا على تدفق الدم إلى الجلد.

ويقول غلين كولسون، خبير الصحة والمياه من Cladding Direct: "على الرغم من أن الاستحمام بالماء البارد يبدو وكأنه الحل الأمثل للطقس الحار، فإن الماء البارد سيقلل من كمية تدفق الدم إلى الجلد. ولن يؤدي في الواقع إلى خفض درجة حرارة الجسم الأساسية، وهو ما يعمل الجسم بجهد يائس لتحقيق الاستقرار خلال موجة الحر".

وفي أثناء الاستحمام بالماء البارد، يحتفظ الجسم بالحرارة. لذلك على المدى القصير، قد يؤدي الاستحمام بهذه الطريقة إلى تبريد الجسم، ولكن بمجرد خروجك، ستشعر بسخونة أكبر مما كنت عليه قبل الاستحمام البارد.

ويحذر غلين أيضا من أن "الغمر في الماء البارد المتجمد يمكن أن يتسبب في دخول الجسم في صدمة الماء البارد، والتي يمكن أن تسبب عددا من ردود الفعل، من فرط التنفس إلى النوبات القلبية".

لذلك، بدلا من الاستحمام بالماء البارد، حاول أن تستحم بماء فاتر، بدلا من الانغماس في حمام بارد، وفقا لغلين.

وتوصي دومينيك ليس بيل من Drench.co.uk أيضا بالحمام الفاتر، لأنه "سيؤدي إلى خفض درجة حرارة الجسم حيث يحفز نظام تنظيم الحرارة في الجسم".

وتشرح: "يمكن أن يؤدي الاستحمام بماء بارد في الواقع إلى نتائج عكسية، حيث أنه عندما يكون جسمنا مغمورا في المياه شديدة البرودة، فإنه يحاول تنظيم درجة الحرارة الأساسية. وهذا يعني أنك قد تشعر بالفعل بالحرارة أكثر مما كنت تشعر به قبل أن تحاول خفضها".

وتابعت: "من خلال أخذ حمام فاتر، يمكننا خفض درجة حرارة الجسم لأنه يحفز نظام التنظيم الحراري في الجسم. وهذا يزيد من الدورة الدموية في جميع أنحاء الجسم ويؤدي إلى التخلص من حرارة الجسم وبالتالي انخفاض درجة حرارة الجسم".

ومع اقراب نهاية الاستحمام، يقترح الخبراء خفض درجة الحرارة تدريجيا، على فترات عشر ثوان، للتأقلم وتبريد الجسم.

وسيساعد الانتظار لبضع ثوان بين درجات الحرارة المتغيرة على تقليل درجة حرارة الجسم الكلية والحفاظ على برودة الجسم. وبعد الاستحمام، ارتد ملابسك في غرفة أكثر برودة لتجنب التعرق بعد الاستحمام مباشرة. لكن تأكد من تهوية الحمام وفتح النوافذ بعد الاستحمام لتقليل البخار والتخلص من الهواء الرطب.

ويوضح أبها غولاتي، استشاري الأمراض الجلدية في عيادة The Harley Street Dermatology Clinic أن "التهوية الجيدة للحمام تساعد أيضا في التحكم في درجة حرارة الغرفة". ويوصي بالتجفيف برفق بعد الاستحمام موضحا أن "الفرك الشديد بالمنشفة يمكن أن يسبب الاحتكاك ويزيد من حرارة الجسم ما يؤدي إلى تفاقم التعرق ولكن يمكن أن يتسبب أيضا في جفاف الجلد وتهيجه". بحسب موقع “RT”.

اضف تعليق