يشترك الإمام الحسين بن علي (عليه السلام) مع باقي أئمة أهل البيت في العديد من المشتركات كالعصمة والعلم والكمال؛ لكنه (عليه السلام) يتميز عنهم بخصائص معينة دون سواه من أئمة أهل البيت الأطهار، ويمكن تلخيص أبرزها في أربع نقاط وهي:
1- أبو الأئمة التسعة:
من الخصائص المهمة والبارزة التي يتميز بها الإمام الحسين بن علي (عليه السلام) هو أنه أبو الأئمة التسعة، فقد روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قوله: «إن الله اختار من الحسين الأوصياء من ولده، ينفون عن التنزيل تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل المضلين، تاسعهم قائمهم »[1].
وبسند معتبر عن سلمان الفارسي رحمه الله قال: دخلت على النبي (صلى الله عليه وآله) وإذا الحسين (عليه السلام) على فخذيه وهو يقبل عينيه ويلثم فاه، وهو يقول: «أنت سيد ابن سيد، أنت إمام ابن إمام أبو الأئمة، أنت حجة ابن حجة أبو حجج تسعة من صلبك، تاسعهم قائمهم»[2].
وعن أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول للحسين (عليه السلام):
«أنت الإمام ابن الإمام وأخو الإمام، تسعة من صلبك أئمة أبرار والتاسع قائمهم»[3].
وعن أبي سعيد الخدري أيضاً، قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول:
«الأئمة بعدي اثنا عشر تسعة من صلب الحسين (عليهم السلام) والتاسع قائمهم، فطوبى لمن أحبهم والويل لمن أبغضهم»[4].
فأئمة أهل البيت الأطهار التسعة من ذرية الإمام الحسين (عليه السلام) وصلبه، وهذه من خصائصه التي خصه الله تعالى بها.
2- سيد الشهداء:
الخصيصة الثانية للإمام الحسين (عليه السلام) هو أنه سيد الشهداء في الدنيا والأخرة، فقد جاء في الحديث القدسي: «أما إنه سيد الشهداء من الأولين والآخرين في الدنيا والآخرة »[5]. فعندما يطلق لقب (سيد الشهداء) يتبادر إلى الذهن الإمام الحسين الشهيد (عليه السلام).
وعن أبي بصير عن أبي عبدالله الصادق (عليه السلام) عن أبيه الإمام الباقر (عليه السلام) عن جابر -في حديث اللوح- «فأشهد بالله إني هكذا رأيته مكتوباً:...وجعلت حسيناً خازن وحيي، وأكرمته بالشهادة، وختمت له بالسعادة، فهو أفضل من استشهد، وأرفع الشهداء درجة، جعلت كلمتي التامة معه، والحجة البالغة عنده»[1].
3- الشفاء في تربته:
الخصوصية البارزة الثالثة للإمام الحسين (عليه السلام) وهي الشفاء في تربته، يقول الإمام الصادق (عليه السلام): «إن الله عوض الحسين (عليه السلام) من قتله أن جعل الإمامة من ذريته، والشفاء في تربته»[7].
وعن أبي عبدالله الصادق (عليه السلام) قال: «في طين قبر الحسين (عليه السلام) الشفاء من كل داء، وهو الدواء الأكبر»[8].
وفي المناقب لابن شهر آشوب عن النبي (صلى الله عليه وآله) -مخاطباً الحسين-: «شفاء أمتي في تربتك، و الأئمة من ذريتك»[9].
ولهذه الأحاديث وغيرها أجاز الفقهاء أكل شيء يسير بمقدار الحمصة وما دونها من تربة الإمام الحسين (عليه السلام) بقصد الاستشفاء من الأمراض.
4- بركات زيارته:
إن زيارة المعصومين (عليهم السلام) لها فضل كبير، وبركات متعددة، وتستحب زيارتهم جميعاً، ولكن لم يرد في فضل وبركات أحد من المعصومين كما ورد في بركات وأسرار وفضل زيارة الإمام الحسين (عليه السلام)؛ وهذا ما يؤكد على خصوصية زيارة الإمام الحسين (عليه السلام)، وآثارها الإيجابية وبركاتها المتنوعة في حياة المؤمنين، وبنية المجتمع المسلم.
والأحاديث في فضل زيارته متواترة ومنها:
ما روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) قوله: «إن أيسر ما يقال لزائر الحسين بن علي (عليه السلام): قد غُفِر لك -يا عبدَ الله- فاستأنف اليوم عملاً جديداً »[10].
وقال الإمام الباقر (عليه السلام): «من زاره عارفاً بحقه غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وكتب له حجة، ولم يزل محفوظاً حتى يرجع إلى أهله »[11].
وعن محمد بن مسلم، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) ما لمن أتى قبر الحسين (عليه السلام)؟
قال: «من أتاه شوقاً إليه كان من عباد الله المكرمين، وكان تحت لواء الحسين بن علي حتى يدخلهما الله الجنة»[12].
وعن عبد الله بن ميمون القداح، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت له: ما لمن أتى قبر الحسين بن علي (عليهما السلام) زائراً عارفاً بحقه، غير مستنكف ولا مستكبر؟
قال: «يكتب له ألف حجة مقبولة وألف عمرة مبرورة، وإن كان شقياً كتب سعيداً ولم يزل يخوض في رحمة الله»[13].
وروى محمد بن سنان، عن حذيفة بن منصور، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام):
«من زار قبر الحسين (عليه السلام) لله وفي الله أعتقه الله من النار وآمنه يوم الفزع الأكبر، ولم يسأل الله تعالى حاجة من حوائج الدنيا والآخرة إلا أعطاه»[14].
وبالإضافة لما في زيارة الإمام الحسين (عليه السلام) من الأجر والثواب العظيم؛ فإن لزيارته (عليه السلام) العديد من البركات والآثار والأسرار، والتي منها: إجابة الدعاء تحت قبته، دعاء الملائكة له، دعاء أهل البيت لزائري قبره الشريف، طول العمر، زيادة الرزق، قضاء الحوائج، زوال الهم والغم والكرب عنه، تبديل السيئات بالحسنات، تبديل الشقاوة بالسعادة، الحشر مع الإمام الحسين (عليه السلام) وهي غاية محبوبة لكل مؤمن، وفي كل ذلك روايات صحيحة ومعتبرة.
وقد عمل أعداء أهل البيت طوال التاريخ على منع الناس من زيارة قبر الإمام الحسين (عليه السلام)، وإخفاء قبره، فمما سجله التاريخ: أن المتوكل العباسي أمر بهدم قبر الإمام الحسين (عليه السلام) في سنة 236هـ، وهدم ما حوله من الدور، وأن يعمل مزارع، ومنع الناس من زيارته، وإخفاء قبره الشريف. لكن ذلك لم يمنع المحبين للإمام الحسين (عليه السلام) من زيارته، والتشرف بالسلام عليه، والدعاء تحت قبته، والصلاة لله تعالى في مشهده المقدس.
وفي كل الأزمان والعصور كان المؤمنون يذهبون لزيارة الإمام الحسين (عليه السلام) رغم الموانع والمشاكل والعقبات في بعض الأزمنة والأوقات؛ ولم يستطع أحد أن يقف في وجه زيارته؛ بل ازداد علواً وارتفاعاً بمرور الزمن، وازداد زواره عدداً حيث يصل زواره إلى ملايين المؤمنين والمحبين سنوياً لزيارة ابن بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وسيد شباب أهل الجنة، وريحانة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) وحبيبه، وقرة عينه، وثمرة فؤاده.
اضف تعليق