كان عصر الامام قد أتاح له الالتقاء البغيض بطواغيت عصره من بني العباس، فكانت مبادؤه متقاطعة مع كل من أبيجعفر المنصور، والمهدي العباسي، وموسى الهادي، وهارون الرشيد، وهم يمثلون الدولة العباسية في قوتها وعنفوانها. وسنلاحظ عن قرب مدى الاستهانة بالقيم الانسانية والأخلاقية لدي هؤلاء، والامام كالجبل الأشم رسوخا وثباتا...
بقلم: الدكتور محمد حسين علي الصّغير
المبادئ السياسية المتقابلة
وكانت السلطات القائمة في عصر الامام موسى بن جعفر (عليه السلام) تنطلق سياسيا من واقع أرستقراطي قائم على أساس الأثرة والاستعلاء، بينما كانت سياسة الامام وهي تنطلق من واقع اسلامي متوازن، معنيا للعدل الاجتماعي المفقود، وألقا من النصح الكريم في بعث القدرات الانسانية، ودليلا من القيم التي تشجب عبادة الدولة والأصنام البشرية، مؤكدة على المبادئ التي تعتبر الانسان مخلوقا رفيعا له كرامته المضمونة في اطار تعليمات الدولة الاسلامية التي تستنكر كون الفرد عبدا للدولة.
ومن هنا كانت الفروق المميزة بين واقعين متناقضين، واقع الاستبداد المطلق المتمثل بسلاطين الجور، وواقع الكرامة الانسانية المتمثلة بأفكار الامام.
وكان استنطاق الوثائق التأريخية المحايدة، واستحضار النصوص الطريفة لحياة الامام موسى بن جعفر (عليه السلام) في الرصد والتوجيه والتأثير، قد أحدثت في الأفق العام صوتا مدويا حاول البحث القاء المزيد من الضوء على معطياته، وقد تأكد لنا من أبعاده وجوانبه استيعاب الامام المشروع الطموح البشري في العدل والمساواة والحرية الاجتماعية، مما أوجد حالة كبري في الاستنفار اليقظ من ركود الماضي إلى الانبعاث الجديد من التحرر والانعتاق من تجاوزات السياسة الجافة التي انتهجتها خلائق السوء ودعاة التخريب الجماعي، فكان الانقلاب الجذري في فكر الانسان المسلم الواعي وحياته الحقيقية منطلقا ـ في ضوء توجيه الامام ـ لمعالجته الوضع الشاذ في أنماطه المأساوية.
اذ انفتح العقل الانساني على معايير جديدة في الأحكام والأعراف والتقييم الموضوعي تختلف على تلك الأعراف الشائعة وراء حجز الأفكار ووأد المنطلق المنطقي للانسان، مما جعل النظام العباسي يعيش في عزلة قاتلة بين أفياء القصور وأحضان الجواري والمولدات، وهو يبتعد عن هموم الشعب، والشعب يبتعد عن همومه، فهما مفترقان لا يلتقيان، وان فرضت السيطرة بالقوة والاكراه نوعا من الطاعة، ولكن هذا الفرض قد يتعكر صفوه بالانتفاضات المسلحة ـ كما ستري ـ فلم يكتب للدولة العباسية الاستقرار السياسي الا في ظل مسرحيات مفضوحة الغايات حاولها النظام للحل المؤقت، كالتجائه إلى نصب الامام الثامن من أئمة أهل البيت؛ الامام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) في مركز ولاية العهد للمأمون ريثما تهدأ العاصفة.
ولقد أصيب المجتمع الاسلامي بالشلل التام والانكماش على الذات جراء ما يعانيه من مخلفات هذا الوضع الغريب حتى أسقط في يده، ولكن التجربة الرافضة لظواهر التمزق الداخلي، والتي نهض بها الامام موسى بن جعفر (عليه السلام) بصلابة وأناة، تعطي الجماعة الاسلامية زخما متحركا في مجابهة المناخ المريض الملوث، وتمد الأمة قوة وفتوة للانطلاق الغاضب على العنف والتسلط.
وكان الامام موسى بن جعفر (عليه السلام) نموذجا لا مثيل له في اشراق الضمير وتوهج الذات، فحقق مبدأ «الغيرية» الذي يعيش فيه القائد الفذ لغيره من الناس لا لنفسه، وتلك هي التضحية التي ندبت لها شريعة السماء.
لقد كان بإمكان الامام أن يغض طرفا عن تجاوزات الحكم العباسي فحسب، لا أن يجاريه أو يؤيده، فالحاكم لا يطمح بذلك، ولو تجاوز الامام ما رسمه لنفسه لعاش في بحبوحة من النعيم، بين القصور الفارهة والحياة الرغيدة، ولكنه لم يخلق لهذا قط، بل انتصب شاخصا ماثلا للمبادئ الرسالية التي ترفض كل صيغ المحاباة والاستئثار بحقوق الفرد والأمة، فكانت المجابهة للاضطهاد والاستبداد تشكل نظرة مستقبلية لارساء مرجعية أهل البيت في اثراء الضمير الانساني بالموقف الصلب، والمبدأ الثابت، والحياة الحرة الكريمة، دونما اراقة دماء بريئة، أو اثارة معارك عقيمة، فليكن والحالة هذه هو الضحية لهذا التوجه الناهض، فما خلق الامام ليريح أو يستريح، بل ليناضل ما استطاع إلى ذلك سبيلا، وكان تكليفه الشرعي هو الذي يملي عليه طبيعة العمل والتعبير عن الموقف بطرقه الخاصة التي تتفادي الصراع المرير بين الجمهور الأعزل المضطهد، وبين القوي الفاعلة وهي تتسلح بالجبروت والجيش المدرب، وبذلك استطاع الامام تحقيق هدفين مهمين في سهم واحد:
الأول: مجابهة التعالي وشريعة الغاب؛ بالقول الصارم، أو النضال السلبي الهادر، أو الكلمة النافذة إلى الأعماق، وهي تزلزل عروش الطغاة وكبرياء الجبابرة.
الثاني: الابقاء بحدود كبيرة على البقية المؤمنة، دون التفريط بها في خنادق القتال وميادين الحروب المدمرة. فقد رأي الامام ـ على قلة أنصاره ـ أن القتال لا يحقق له نصرا فعليا ولا مستقبليا، فعليه أن يسلك بأتباعه بحلم ورؤية، ويحفزهم بإعداد القوة الى الظرف المناسب.
وكان عصر الامام قد أتاح له الالتقاء البغيض بطواغيت عصره من بني العباس، فكانت مبادؤه متقاطعة مع كل من: أبيجعفر المنصور، والمهدي العباسي، وموسى الهادي، وهارون الرشيد، وهم يمثلون الدولة العباسية في قوتها وعنفوانها.
وسنلاحظ عن قرب مدي الاستهانة بالقيم الانسانية والأخلاقية لدي هؤلاء، والامام موسى بن جعفر كالجبل الأشم رسوخا وثباتا وقيما.
في استخلاف المنصور
لم يكن المنصور حازما كما صوره مدونو التأريخ، ولم يكن داهية كما يصفه رواة الأحداث، بل كان من جبابرة الأرض الذين سفكوا الدماء، وانتهكوا الحرمات. ولم يكن ليتعامل بمنظور ديني علي الاطلاق، وانما هو الملك الدنيوي العقيم، فهو لا يتورع عن ارتكاب أفظع الجرائم والموبقات ازاء تثبيت أركان مملكته، ولا أدل على ذلك ما اقترفه من قتل الحسنيين تحت كل حجر ومدر، ومن تتبع آثار المعارضين ابادة وسجونا وطوامير، حتى طفح الاناء بما فيه شدة وقسوة وتنكيلا.
ومع أن التأريخ الرسمي قد منح الطغاة هالة من التعظيم وشيئا من الاكبار، الا أن شذرات من تقريراته قد فضحت ذلك الستار الشفاف الذي أحيط بتلك الأبراج العاجية التي استقل في ظلالها دعاة الجور وقتلة الأبرياء. لقد أنزل العباسيون بقيادة أبي جعفر المنصور أفدح العقوبات بأبناء عمومتهم من العلويين، لم يمنعهم عن ذلك قرابة أو لحمة نسب، ولم يردعهم دين أو ورع، وانما هو الاستئثار الشامل بكل شيء، والأحكام العرفية الصارمة لأدنى مخالفة، ولم تكن جرائم المنصور نفسه بريئة من القسوة الضارية التي أنست جرائم الجاهلية في عنفها وشدتها، يضاف اليها الغدر بأقرب الناس، وأنصار النظام، وقادة الحركة العباسية أنفسهم، حتى قال الأستاذ السيد أمير علي الهندي:
«كان المنصور خداعا لا يتردد البتة في سفك الدماء، وتعزى قسوته الى حقده البالغ حد الافراط... سادرا في بطشه، ومستهترا في فتكه، وتعتبر معاملته لأولاد علي (عليه السلام) صفحة من أسوأ صفحات التأريخ العباسي» (1).
ولم يكن أمر قسوته بمعزل عن تسليط الضوء على برنامجه الدموي في استئصال شأفة المعارضين السياسيين من قبل التأريخ، بل صرح بأكثر من مصدر ومورد بآثار ذلك النهج الارهابي المفجع في صوره المرعبة.
قال الطبري (ت 310 ه): ان المنصور: «أمر بأسطوانة مبنية ففرغت، ثم أدخل فيها محمد بن ابراهيم بن الحسن، فبني عليه وهو حي» (2).
بل أنه عمد إلى جملة الأسري من الحسنيين فكبلهم بالقيود والأغلال حتى ماتوا في السجون (3).
وقيل: انهم وجدوا مسمرين في الحيطان (4).
قال السيوطي بأنه: «قتل خلقا كثيرا حتى استقام ملكه» (5).
وهو الذي أمر بضرب أبيحنيفة النعمان بن ثابت، ثم سجنه فمات بعد أيام (6).
بل روي السيوطي: أنه قتل أباحنيفة بالسم (7).
وهذه أمثلة شاردة على فظاظة أفعاله وسوء معاملته، مع شرائح من الناس والأبرياء منهم بخاصة، ولا أدل على ذلك من قتله الامام الصادق (عليه السلام) فقضي مسموما بأمره.
وقد عرضنا لشيء من سيرته في البطش الدموي في كتابنا: «الامام جعفر الصادق (عليه السلام) زعيم أهل البيت» ونضيف هنا أنه كان ممن يتلاعب بشريعة سيد المرسلين (صلي الله عليه وآله)، ويخالف أحكامها بأحكام ما أنزل الله بها سلطانا.
«فقد دخل عليه ابن هرمة الشاعر المشهور بشرب الخمر، فقال له المنصور: ما حاجتك؟ قال ابن هرمة: تكتب إلى عاملك بالمدينة أن لا يحدني اذا وجدني سكران!! فقال:
لا أعطل حدا من حدود الله. قال: تحتال لي!!
فكتب المنصور إلى عامله: من أتاك بابن هرمة سكرانا فاجلده مائة، واجلد ابنهرمة ثمانين.
فكان من يراه سكران يقول:
من يشتري مائة بثمانين، ثم يتركه ويمضي» (8).
وهكذا يجد المنصور المخرج لاباحة شرب الخمر وتعطيل الحدود، علما بأنه كان يتناول الخمرة، ولكنه لا يظهر لندمائه بشرب ولا غناء (9) وكان معروفا بالفتك، ولقد غدر بأب مسلم الخراساني قائد الدعوة العباسية، وبأبي سلمة الخلال وزير آل محمد كما وصفوه، وبعمه عبدالله بن علي، وسواهم من أعيان رجاله.
وكان بخيلا يضرب المثل بشحه وبخله، ويجد ذلك مكرمة وحسن تدبير، ويحرص على خزائنه جمعا واحتكارا، والشعب المسلم يتضور جوعا وبؤسا، ويعلل ذلك بقوله: «من قل ماله قل رجاله، ومن قل رجاله قوي عليه عدوه، ومن قوي عليه عدوه اتضع ملكه، ومن اتضع ملكه استبيح حماه» (10).
وهكذا تري حاكما غادرا بخيلا فاتكا يتقمص الخلافة الاسلامية، ويتبوأ مقعد ادارة المسلمين بهذه الصفات المهزوزة، وكان حريا بالتأريخ أن يكشف سود صحائفه، ولكن التأريخ يجري في ميدان الحكم سواء رضي الناس أم سخطوا.
وكان الامام موسى بن جعفر (عليه السلام) قد قضي أكثر من عشرين عاما في خلافة المنصور التي امتدت بين عام 136 ه حتى عام 158 ه، وهي فترة ليست بالقصيرة، اذ أفنى زهرة شبابه في حياة هذا الحاكم، وهو يسفك الدماء بغير الحق، ويستبيح الذمام ابتداء من القضاء علي الحسنيين وانتهاء بسم الامام الصادق (عليه السلام). وما رافق ذلك من المظالم الهائلة والارهاب الجماعي، مما ذهب ضحيته آلاف المسلمين الرساليين، مضافا إلى القضاء على شباب الهاشميين وشيوخهم قتلا وتشريدا واعتقالا. كما حدث بذلك التأريخ (11).
وكان الاضطهاد السياسي يتراوح في تلك الحقبة بين قطع الأعناق وقطع الأرزاق ومصادرة الحرية، فكان على الناس وهي ترافق هذه الانتهاكات أن تحيا شاهد الخوف والهلع والفقر.
والامام ينظر إلى هذا كله، ولا يستطيع تغيير ذلك جذريا، وان استطاع أن يفضحه على رؤوس الأشهاد سلبا أو ايجابا، غاب عنه الأولياء الا صفوة تعد بأطراف الأصابع، ادخرهم لتبليغ الرسالة، واستتر عنه الزعماء فقد ملئت غرائرهم بالأموال والرشاوي، وبقى في ضعفاء من الناس لا حول لهم ولا طول، والأمر يتنقل بالفوضى من سيء إلى أسوأ، والآفاق داكنة بين سحاب وضباب، والحياة مضطربة بين السيف والحيف، وقلق المسلمون على الامام حينما كتب المنصور إلى واليه على المدينة عند وفاة الامام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام):
«ان كان الامام قد أوصي إلى رجل بعينه، فقدمه واضرب عنقه». فكتب الوالي إلى المنصور أن الامام الصادق قد أوصى إلى خمسة: أبيجعفر المنصور نفسه، ومحمد بن سليمان وإلى المدينة، وولده عبدالله الأفطح، وولده موسى، وزوجته حميدة.
فقال المنصور: ما إلى قتل هؤلاء من سبيل (12).
وكانت جرائم المنصور تتجاوز الحدود في الانتقام والتشفي، وأكتفي بحديث «الخزانة» التي احتجزها لنفسه، ولم يطلع عليها أحدا، وهي محاطة بالسرية والكتمان، حتى ظهر أمرها بعد وفاته بما تحدث عنه محمد بن جرير الطبري بقوله:
«لما عزم المنصور على الحج دعا (ريطة بنت أبيالعباس السفاح) امرأة المهدي، وكان المهدي بالري قبل شخوص أبي جعفر، فأوصاها بما أراد، وعهد اليها، ودفع اليها مفاتيح الخزائن، وتقدم اليها وأحلفها، ووكد الايمان أن لا تفتح بعض تلك الخزائن، ولا تطلع عليها أحدا الا المهدي، ولا هي الا أن يصح عندها موته، فاذا صح ذلك اجتمعت هي والمهدي وليس معهما أحد حتى يفتحا الخزانة، فلما قدم المهدي من الري إلى مدينة السلام دفعت اليه المفاتيح وأخبرته ألا تفتحه، ولا يطلع عليه أحد حتى يصح عندها موته، فلما انتهى إلى المهدي موت المنصور، وولي الخلافة فتح الباب ومعه ريطة، فاذا أزج (13) كبير فيه جماعة من قتلى الطالبيين، وفي آذانهم رقاع فيها أنسابهم، واذا فيهم أطفال، ورجال شباب، ومشايخ عدة كثيرة، فلما رأى المهدي ذلك ارتاع لما رأى، وأمر فحفرت لهم حفيرة، فدفنوا فيها، وعمل فوقها دكانا» (14).
وهكذا نجد شأن الطغاة الكبار في الانتقام اللاانساني بأقرب الناس صلة ونسبا، ولا غرابة في ذلك ووصيته لولده المهدي تقول: «اني تركت بعض المسيئين من الناس ثلاثة أصناف: فقيرا لا يرجو الا غناك، وخائفا لا يرجو الا أمنك، ومسجونا لا يرجو الفرج الا منك» (15).
ويعقب علي الرواية الأستاذ باقر شريف القرشي بقوله:
«انه لم يترك بعض المسيئين من الناس على ثلاثة أصناف، وانما ترك الناس جميعا كذلك، فقد روعهم بخوفه، وسلبهم الأمن والدعة، ونشر الفقر والمجاعة بينهم، وملأ السجون بالأحرار والمصلحين» (16).
وكيف ترى حياة الامام، وهو يعايش كل المآسي التي اجترحها المنصور في حقده؟ بلى مات المنصور وعمر الامام ثلاثون عاما أبقت في قلبه ذكريات اللوعة والمرارة والأسى، فكان بذلك يحيا الألم الكبير في كل ظواهره المروعة.
في عهد المهدي العباسي
واستقبل المهدي بن المنصور خلافة أبيه عام 158 ه بموجة عارمة من اللهو والعبث والمجون، فقد استولى على مخزون الثراء الفاحش الذي تركه أبوه نتيجة بخله وتقتيره مما احتجز من مال المسلمين، فأرخى لنفسه الزمام في التحلل والاستهتار والاسراف، وولع بالغناء وموائد الفجور، فأصاب منها ما شاء، وأباح للمغنيين ما شاؤوا من الحرية والرخاء، وأصبح شعر بشار في الغزل الاباحي ينشد جهارا، وبمجونه ينتشر سرا وخفاء، حتى عيب على المهدي ذلك، فضيق على بشار، ثم أطلق له العنان.
وقد فصل القول بذلك الدكتور أحمد أمين من مصادره (17).
وكان قد بلغ المهدي حسن صوت ابراهيم الموصلي وجودة غنائه، فقربه اليه، وأعلى من شأنه (18).
وكان المهدي مولعا بشرب الخمر، ومعروفا به، حتى أثار ذلك وزيره يعقوب بن داود فنهاه عن ذلك فلم ينته، وقال له: «أبعد الصلاة في المسجد تفعل هذا»؟
فما استمع له، وشجعه على الخمرة بعض شعرائه، فقال:
فدع عنك يعقوب بن داود جانبا
وأقبل على صهباء طيبة النشر (19).
وكان المهدي أول من فتح باب الخلاعة والمجون في بني العباس، وأول من استجاب لشهواته ونزواته علنا، فنشأ جيل من الشباب في ميعة وضياع، وتجرأ على الحرمات ذوو الفسق والفجور، وكانت نقلة نوعية في حياة الترف والسرف أشرفت فيها الدولة على التدهور، وصاحب ذلك البذخ الطائل الذي تجلى في مراسم تزويجه لولده هارون الرشيد من زبيدة فيما استضاف به الناس في قصر الخلد على دجلة، فكان مجمل ما أنفق على ذلك من بيت مال المسلمين خمسين ألف ألف درهم، وألبست زبيدة قميصا كله من الدر الكبار، وثوبا كله من الذهب (20).
بل ذهب الشابشتي إلى أكثر من هذا، فقال: «ان المهدي لما زوج ابنه الرشيد بأم جعفر ابنة أخيه، استعد لها ما لم يستعد لامرأة قبلها من الآلة وصناديق الجوهر، والحلي، والتيجان، والأكاليل، وقباب الفضة والذهب، والطيب، وأعطاها بدلة هشام (بن عبدالملك) ولم ير في الاسلام مثلها، ومثل الحب الذي كان فيها، وكان في ظهرها وصدرها خط من ياقوت أحمر، وباقيها من الدر الكبار الذي لا يوجد مثله» (21).
أما الهبات الضخمة التي منحها لأبنائه وقواده وولاته فحدث عن ذلك ولا حرج، فقد اشتري فصا من ياقوت أحمر بثلاثمائة ألف دينار، ووهبه لولده الهادي مما أوجد حالة من الذعر والهلع لدي سواد المسلمين الجياع.
وفي هذا المناخ الساخن نشأ ولده ابراهيم فكان شيخ المغنين، وشبت ابنته علية بنت المهدي، فكانت زعيمة الغناء النسائي في العصر العباسي، وتفرعنت زوجته الخيزران فكان لها الباع الأطول في شؤون السياسة وادارة السلطان.
وبذر أموال الدولة على الشعراء، فحينما أنشده مروان بن أبي حفصة:
هل تطمسون من السماء نجومها
بأكفكم أو تسترون هلالها
أو تدفعون مقالة من ربكم
جبريل بلغها النبي فقالها
شهدت من الأنفال آخر آية
بثرائهم فأردتم ابطالها
سمع المهدي ذلك، زحف من مصلاه حتى صار على البساط، وهو يقول: كم بيت هي؟ قال: مائة بيت.
فأمر له بمائة ألف درهم، وقال له:
«انها لأول مرة أعطيها شاعرا في خلافة بني العباس» (22).
بهذا وأمثاله كانت تساس الدولة في عهد المهدي، وتبذر الأموال بين أتباعه وشهواته، أضف اليها تشجيعه الوضاعين الذين يخترعون الأخبار والروايات في ثلب العلويين، وضمهم اليه بما افتروا من الكذب الصراح على النبي (صلي الله عليه وآله) (23).
ولم يكن الامام موسى بن جعفر (عليه السلام) في منأى عن شرور الحكم وجرائره، فقد كابد الكثير في عهد المهدي بما تحدث عنه الرواة، لا لشيء، الا العداء السافر لآل بيت النبي (صلي الله عليه وآله) والا الخوف المستطير من مكانة الامام والتفاف المسلمين حول زعامته الدينية، بما عرف عنه من الورع والتقوى، وما اشتهر من الأثر العلمي العظيم.
ويبدو أن المهدي قد استدعى الامام عدة مرات، واستقدمه إلى بغداد. يقول الأستاذ محمد حسن آل ياسين:
«وقد نجح ذوو النفوس الخبيثة في سعيهم لتأزيم الموقف بين الامام والسلطان، فاستدعي الامام إلى بغداد، وحبس هناك باتفاق المؤرخين مدة من الزمن.. وان استدعاء الامام وحبسه في عهد المهدي قد تكرر أكثر من مرة... وذكر (القدمة الأولي على المهدي) دليل على تعدد القدمات وتكرارها، وان لم نعرف عددها وملابساتها بالتفصيل» (24).
وقد أشار الرواة إلى حادثتين في هذا السياق:
فقد كتب المهدي إلى عامله على المدينة بارسال الامام إلى بغداد، فتجهز الامام للسفر، والتقى أباخالد (الزبالي أو الرماني) وكان منقبضا، فقال له الامام: مالي أراك منقبضا؟
قال: كيف لا أنقبض، وأنت سائر إلى هذا الطاغية، ولا آمن عليك. فهدأ الامام من روعه، وأخبره أن لا ضير عليه في سفره هذا، ويبدو أن الامام سجن في هذا الاستدعاء، قال الخطيب: ولما حبس المهدي موسى بن جعفر، رأى المهدي في النوم علي بن أبيطالب، وهو يقول:
(فهل عسيتم ان توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم) (25).
قال الربيع: فأرسل (المهدي) إلي ليلا، فراعني ذلك، فجئته فاذا هو يقرأ هذه الآية ـ وكان أحسن الناس صوتا ـ وقال علي بموسى بن جعفر، فجئته به، فعانقه، وأجلسه إلى جنبه، وقال: يا أباالحسن، اني رأيت أميرالمؤمنين علي بن أبيطالب في النوم يقرأ علي كذا، فتؤمنني أن لا تخرج علي أو على أحد من ولدي؟
فقال: الله، لا فعلت ذاك، ولا هو من شأني.
قال: صدقت. يا ربيع أعطه ثلاثة آلاف دينار، ورده إلى أهله.
قال الربيع: فأحكمت أمره ليلا، فما أصبح الا وهو في الطريق خوف العوائق (26) وقد روي هذا الخبر في أكثر من خمسة عشر مصدرا بالتفصيل (27).
وسار الامام (عليه السلام)، فالتقي أباخالد في «زبالة» أيضا، وكان السرور ظاهرا عليه، فقال له الامام: «ان لهم إلي عودة لا أتخلص منها» (28).
وهناك حادثة تروي في المناقب والبحار بالشكل الآتي:
«لما بويع محمد المهدي دعا حميد بن قحطبة نصف الليل، وقال: ان اخلاص أبيك وأخيك فينا أظهر من الشمس، وحالك عندي موقوف!!
قال: أفديك بالروح والمال والأهل والولد.
فلم يجبه المهدي؛ فقال: أفديك بالمال والنفس والأهل والولد والدين.
فقال: لله درك؛ فعاهده على ذلك، وأمره أن يقتل الامام الكاظم (عليه السلام) في السحر بغتة. فنام فرأى عليا (عليه السلام)، يشير اليه، ويقرأ الآية السابقة...، فانتبه مذعورا، ونهى حميدا عما أمره، وأكرم الكاظم ووصله» (29).
ولدى المقارنة في ضوء الروايتين نلحظ أن الامام كان سجينا عند الربيع أولا، وعند حميد بن قحطبة ثانيا، وعلى هذا فان اعتقال الامام قد حدث مرتين في عهد المهدي بن المنصور، كما نلحظ أن الامام قد استقدم مرتين عليه من المدينة إلى بغداد، فاذا علمنا مدى حقد المهدي على العلويين وشدة بطشه بهم، كان ما استنتجناه مقاربا للواقع الذي حدث. وهكذا كان شأنه مع أبناء علي بن أبيطالب سجنا وتشريدا وقتلا، فقد روي الطبري عن يعقوب بن داود وزير المهدي أن المهدي قال له:
هذا فلان بن فلان من ولد علي، أحب أن تكفيني مؤونته وتريحني منه، وتعجل ذلك... قال: قلت أفعل، قال: فخذه اليك... وأهدى له جارية حسناء.
قال يعقوب: وبعثت إلى العلوي، فأدخلته وسألته عن حاله... واذا هو ألب الناس وأحسنهم ابانة... قال لي: ويحك؛ يا يعقوب؛ تلقي الله بدمي، وأنا رجل من ولد فاطمة بنت محمد؟ قلت: لا والله، فهل فيك خير؟ قال ان فعلت خيرا شكرت لك.
فقلت له: أي الطرق أحب اليك؟ قال: طريق كذا، قلت: فمن هناك من تأنس به وتثق بموضعه؟ قال: فلان وفلان.
قلت: فابعث اليهما، وخذ هذا المال، وامض معهما.
واذا الجارية (التي أهديت له) قد حفظت علي قولي، فبعثت به مع خادم لها إلى المهدي... وبعث المهدي من وقته ذاك فشحن تلك الطرق... فلم يلبثوا أن جاؤوه بالعلوي بعينه وصاحبيه والمال.
قال يعقوب: وأصبحت من غد ذلك اليوم، فاذا رسول المهدي يستحضرني...
فقال: يا يعقوب، ما حال الرجل؟
قلت: يا أميرالمؤمنين قد أراحك الله منه.
قال: مات؟ قلت: نعم، قال: والله؟ ثم قال: قم فضع يدك على رأسي،
قال: فوضعت يدي على رأسه وحلفت له به.
قال: يا غلام؛ اخرج الينا ما في هذا البيت.
قال: ففتح بابه عن العلوي وصاحبيه والمال بعينه. قال: فبقيت متحيرا وسقط في يدي. فقال المهدي: لقد حل لي دمك لو آثرت اراقته، ولكن احبسوه (30).
وهذا نموذج فرد من نماذج كثيرة تمثل جور المهدي، وما صاحب أيام حكمه من المظالم طيلة أحد عشر عاما من خلافته السوداء؛ ولقد عاش الامام الكاظم (عليه السلام) أحداثها المأساوية واجتراحها الدموي.
وربما انتبه المهدي لنفسه، فرأى ما أحدثه من ثغرات عريضة في كيان الدولة، فحاول ائتلاف القلوب بأسلوب من الدجل والتضليل يظهر فيه بصورة المنصف في مروءة مزعومة.
فقد عرض على الامام موسى بن جعفر فيما يروي، أن يرد عليه فدكا، فرفض الامام ذلك، ولما ألح عليه المهدي، قال: لا أقبلها الا بحدودها. قال المهدي: وما حدودها؟
قال الامام: الحد الأول عدن. فتغير وجه المهدي.
والحد الثاني: سمرقند. فأربد وجهه.
والحد الثالث: افريقية.
فقال له المهدي: والحد الرابع؟
قال الامام: سيف البحر مما يلي الخزر وأرمينية. فقال له: لم يبق لنا شيء، فتحول الى مجلسي!!
قال الامام: لقد أعلمتك بأني ان حددتها لم تردها (31).
والمهدي أراد تطييب بعض الخواطر الناطقة باغتصاب أرض الزهراء، والامام أكد الأمر باغتصاب الخلافة والدولة لا الأرض وحدها. ومهما يكن من أمر، فقد انتهت أيام المهدي بموته في المحرم 169 ه (32).
في أيام موسى الهادي
وكانت أيام الهادي بن المهدي العباسي من أسوأ ما مر في حياة الامام موسى بن جعفر (عليه السلام) على قصر المدة واخترام الأجل، اذ تملك عام 169 ه، وهلك لليال بقيت من ربيع الأول عام 170 ه (33) وكان شابا نزقا تولي الخلافة العباسية وعمره خمس وعشرون سنة (34).
«وكان سادرا في الطيش والغرور، ومتماديا في الاثم والفجور، وقد أراح الله منه العباد في بداية ملكه، فلم تطل أيامه، ولو امتد به العمر لواجه المسلمون في عهده أعنف المشاكل وأقساها، فقد كان طاغيا جبارا لا يتحرج من سفك الدماء واراقتها بغير حق، وقد أسرف في سفك دماء العلويين، فأنزل بهم العقاب الصارم، وقد أجمع رأيه على التنكيل بالامام موسى (عليه السلام)، الا أن الله قصم ظهره قبل أن يقوم بذلك» (35).
وكان شديد الوطأة على العلويين، وقد امتلأ عليهم حقدا نتيجة العقد النفسية المتأصلة لديه، وقد ورث هذا الحقد لا عن كلالة، فقد رأيت جده وأباه وأخاه من ذي قبل، فاذا أضفت إلى هذا أنه «قاسي القلب، شرس الأخلاق، صعب المرام» (36). كانت الحصلية المترقبة الدماء إثر الدماء تراق فيها الأخلاق والقيم، وتحصد فيها النفوس البريئة من آل أبي طالب في قسوة من الإجراءت لا مثيل لها، فهو يتعقبهم في الآفاق، ويطلب شبابهم وكهولهم في الآقاليم، فلم يفلت إلا القليل من قبضته، حتى قال اليعقوبي أنّه: «ألح في طلب الطالبين، وأخافهم خوفاً شديداً... وكتب إلى الآفاق في طلبهم» (37).
وقد تابعهم تحت كل حجر ومدر بعد «مأساة فخ» الشهيرة التي سنأتي على ذكرها في موقعها من البحث.
وكانت هذه الثورة التي قادها الحسين بن علي بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام قد استدفهت النظام العباسي، وذلك بسببٍ من مظالمه وسوء الإدارة، واضطهاد أهل البيت عليه السلام ومن يمت إليهم بصلةٍ ما، وإذلال المسلمين ومصادرة الحرية واختلاس الأموال، وهي من أعنف الثورات في التأريخ الإسلامي ـ مأساة ـ بعد ثورة الطفّ، فقد استؤصل قادتها، وأبيد معسكرها، وقتل مفجرها في «فخ» على سته أميال من مكّة المكرمة، وبقى القتلى ثالثة أيام على وجه الأرض بلا دفن (38).
وقد احتُزَّت رؤوسهم،، فكانوا رأس ونيفاً (39).
وقد اكتوى الإمام موسى بن جعفر عليه السلام بلهيب هذه الثورة فتوجّه إليه إصبع الاتّهام جزافا، حتى إنّ موسى الهادي قد همّ بقتل الإمام، ثم أعرض عنه، لعدم ثبوت تأييده لها (40).
وذكر ابن حجر أن موسى الهادي حبسه أولاً، ثم أطلقه» (41).
يقول الأستاذ محمد حسن آل ياسين:
«وعندما نريد البحث والتعمّق في معرفة دوافع الخليفة الهادي إلى حبس الإمام، أو إيصال الأذى إليه، أو العزم على قبله، فقد يرجّح في الظنّ أنّ ذلك مرتبط بقضية ثورة الحسين بن علي في سنة 169 هـ، كما يرجّح أيضاً أن، يكون تراجعه عن تنفيذ ما عزم عليه بسبب ما علمه بعد ذلك من جلاوزته ومخبريه من عدم مشاركة الإمام في تلك الثورة، ورفضه دعوة ابن عمّه للخروج معه» (42).
ومع هذا فقد عاش الإمام مأساتها بكل أبعادها كما سترى. ولم يكن موسى الهادي رجل دولة، ولا صاحب قيادة، وقد شغل نفسه الآثمة والشهوات الموبقة، فهو رجل خمر وغناء وخدين نديم ومجون، فقد «كان يتناول المسكر» (43) بل كان من المتهالكين على شرب الخمر، فكان أول خليفة عباسي أغري بالخمر (44) وتبعه على ذلك هارون الرشيد (45).
وكان الهادي خليعاً ماجناً، أقبل على اللهو والدعارة، فبذل المال العظيم على شهواته وطربه ومحافل الغناء حتى قال إسحاق الموصلي: لو عاش لنا الهادي لبنينا حيطان دورنا بالذهب» (46). وقد غنّاه إبراهيم الموصلي بصوت فأطربه فوهب له ثلاثين ألف دينار (47).
وهكذا تكون الشقة بين الشعب البائس اليائس وبين حكّايه وسلاطينه العابثين، الشعب يتطلّع إلى رغيف الخبز، والسلطان يسرف بإمعان تحقيقاً للذائذ الآثمة.
ويتجرع الإمام موسى بن جعفر عليه السلام ضروب الآسي في أيام هذا الطاغية المشهور، فيصبر على الأذى، يكظم غيظه، حتى إذا توعّده بالقتل جازماً، وأنهى إليه الخبر، وعنده جماعة من بني هاشم وأهل بيته، قال لأهل بيته: ما تشيرون؟
قالوا: نرى أن تتباعد عنه، وأن تغيّب شخصك منه، فإنّه لا يؤمن شرّه، فتبسّم الإمام، وقال مستشهداً:
زعمت سخينة أن ستغلب ربّها
ولِيُغلَين مغالبُ الغلّابِ
ثم رفع يده إلى السماء، فقال:
«اللهم كم من عدوٍ شحذ لي ظبةَ مُديِتِه، وأرهفَ لي شبا حدّهِ، وداف لي قواتل سمومه، ولم تنم عين حراسته، فلمّا رأيت عفي عن احتمال الفوادح، وعجزي عن ملمّات الجوايح، صرفَت ذلك بحولك وقوتك. لا بحولي وقوتي، فألفيتُه في الحفير الذي احتفره خائباً مما أمّله في دنياه، متباعداً مما رجاه في آخرته، فلك الحمد على ذلك قدر استحقاقك سيدي، اللّهم فخذه بعزتك، وافلل حدّه عني بقدرتك، واجعل له شغلاً فيما يليه، وعجزاً عمن يناويه.
اللّهم أعدني عليه عليه عدوى حاضرة، تكون من غيظي شفاءً، ومن حقي عليه وفاءً، وصل اللّهم دائي بالإجابة، وانظم شكايتي بالتغيير، وعرّفه عمّا قليل ما وعدت الظالمين، وعظمني ما وعدت في إجابة المضطرين، إنك ذو الفضل العظيم والمنّ الكريم».
(ثم تفرق القوم، فما اجتمعوا إلّا لقراءة الكتاب الوارد عليه بموت موسى بن المهدي) (48)
وكان دعاء الإمام مستجاباً وعلى الفور، حيث ورد البريد بهلاك موسى الهادي، وفي ذلك يقول بعض من حضر عند موسى بن جعفر من أهل بيته:
وسارية لم تسرِ في الأرضِ تبتغي
محلاً... ولم يقطع بها البعدَ قطعُ
سرتْ حيثُ لم تحدَ الركابُ ولم تُنخْ
لوردٍ... ولم يقصر لها البعد مانعُ
تمرُّ وراءَ الليل... والليل ضاربٌ
بجثمانِهِ فيه سميرٌ وهاجعُ
تفتحُ ابوابُ السماءِ... ودونَها
إذا قرع الأبوابَ منهنّ قارعُ
إذا وردتْ لم يردد اللّه وفدَها
على أهلها.. واللّه راءٍ وسامعُ
وإني لأرجو اللّه حتى كأنما
أرى بجميل الظنّ ما الله صانعُ (49)
والأبيات إشارة تفصيلية إلى دعوة الإمام في ردّ كيد الهادي، وهكذا كان، فقد انتهت حياة الهادي بدعاء الإمام، دون الدخول بتفصيلات مؤامرة القضاء على الهادي.
اضف تعليق