اختلاف سيكولوجية العظيم علي (عليه السلام) جعلت منه الحاكم الجائع رغم كل الخير الذي بين يديه وهو ممثل الفقراء والعامل لتحقيق رغباتهم وحفظ مصالحهم ومن اجل رفع شعار الانسانية قبل كل الغايات وبعدها، على عكس المصلحية الضيقة التي تقول بها الميكافيلية (الغاية تبرر الوسيلة) فمن أجل مصلحتك فليسحق الآخرين...
كل كلمات الدنيا لا تفي حقه، يعجز عن مدحه المادحون ويقصر عن وصفه الواصفون، الاعظم بعد النبي محمد صلى الله عليه واله، والابسط من بين جميع البشر، ايقونة السماحة والزهد والورع، لم يسجد لصنم قط، لم يداهن ولم يحابي على باطل، نصر الحق ونصره اهله فهو القائل "الذليل عندي عزيز حتى آخذ الحق له والقوي عندي ضعيف حتى آخذ الحق منه"، لم يكن للفقر ابان دولته وجود ولا اثر.
سيكولوجية الامام علي (عليه السلام) تختلف عن سيكولوجية سائر البشر فهو لم يخضع يوماً لإغواء شيطاني وكان يميل عن النزوع نحو الشهوات ميلا، فحتى في فترة حكمه كان بعيد عن حب السيطرة كما هو واقع اللا مسؤولين في العراق وسائر بلدان المسلمين، ولم يستغل يوماً ضعف انسان في دولته او ينال منه بل ان الضعفاء وبسيطي الحال هم خاصته والمقربين منه.
لم يستأثر العظيم علي (عليه السلام) بحكم ولا برياسة والدليل انه عمل تفويض لمن يثق بهم ووضعهم ولاة على الامصار التي كانت تخضع لدولته، ووضع حد وحلول وقواعد سير لمن يراد التصدي للحكم عبر وصاياه في عهده لمالك الاشتر من الرأفة بالرعية وتحقيق مصالحهم والعدل بينهم وجميع الالتزامات التي حدد بها حكامه، ليت الذين يحكمون بأسمة الان يتحذون ببعض من اخلاقه وصدقه واستقامته وانصافه.
اختلاف سيكولوجية العظيم علي (عليه السلام) جعلت منه الحاكم الجائع رغم كل الخير الذي بين يديه وهو ممثل الفقراء والعامل لتحقيق رغباتهم وحفظ مصالحهم ومن اجل رفع شعار الانسانية قبل كل الغايات وبعدها، على عكس المصلحية الضيقة التي تقول بها الميكافيلية (الغاية تبرر الوسيلة) فمن أجل مصلحتك فليسحق الآخرين، وهو ما ارسى قيم السياسة المشوهة التي تستبيح الكرامات، والحرمات لمآرب ذاتية حيوانية اقرب منه الى الانسانية.
اكراماً للانسان وتعظيماً له كان علي (عليه السلام) يولي الرفق بالمجتمع اهمية خاصة سيما في النواحي الاجتماعية والاقتصادية، فلم يقدم على فرض ضرائب باهظة ولم يجبي اموالاً بالإكراه من اجل تعظيم موارد دولته كما يفعله نظامنا الدكتاتوري الفاشي الذي استعبد البشر واصبح الفقير في ظله لا يقوى على استحصال قوته عياله، فالرحمة واللين والصفح من سمات الحاكم الرؤوف.
في كتابه (الإمام علي صوت العدالة الإنسانية) يقول الاديب اللبناني المسيحي الشهير الدكتور (جورج جرداق) يقول "أيها الدهر، ليتك كنت تجمع كل ما أوتيت من قوة.. وأنت أيتها الطبيعة ليتك تجمعين كل قواك ومواهبك لخلق إنسان عظيم.. نبوغ عظيم.. بطل عظيم.. ومن ثم ليمنح الوجود مرة ثانية رجلاَ كعلي".
حين تآمر عليه من تآمر وابعد عنه الخلاف كرهاً ومكراً وخداعاً لم يشهر سيفه طالباً المنصب او الرياسة ولم يقطع الطرقات بأتباعه الكثيرين ولم يمنع امور الدولة ان تسير ولم يعطل الحياة وكل ما كان يهمه ان تسير الامور بسلاسة ومن دون اراقة قطرة دم واحدة وهو قادر على فعل كل شيء وقادر على استعادة ما استلب منه لكنه ابى ذلك وصبر حتى وصل بها المطاف الى سدة الحكم قد حكم بالحق والصدق والوفاء لا بالمحسوبيات والمحابات واستغلال حاجة الناس واللعب بمقدراتهم كما هو حال حكامنا.
العظيم علي (عليه السلام) كان يطعم الجائع ويوصل الصدقات الى مستحقيها ليلاً لئلا يرى في اعينهم ذل السائل وفي وجه عز المسؤول، ولم يكن له فضائية تصور انجازاته، ولم يكن يمول جيوش الكترونية من اجل ان تكون له ابواق تلمع صورته وتعمل له داعيات كما يعمل حكامنا الجهلاء اللا انسانين بل كان ما يهمه ان لا ان يرى جائع ولا عريان وهذا هو ديندنه، فالسلام عليك سيدي يوم ولدت ويم استشهدت ويم تبعث حيا.
اضف تعليق