تمثل العلاقات بين الكويت والعراق حالة معقدة فقد تمحورت القضية الرئيسة في العلاقات العراقية- الكويتية منذ عام 1921 حتى الاحتلال العراقي للكويت في آب 1990 حول ترسيم الحدود بين العراق والكويت والاعتراف بكيان دولة الكويت واستقلالها، وبدأت بوادر أزمة ترسيم الحدود هذهِ تتصاعد بين البلدين...

تمهيد:

تمثل العلاقات بين الكويت والعراق حالة معقدة فقد تمحورت القضية الرئيسة في العلاقات العراقية- الكويتية منذ عام 1921 حتى الاحتلال العراقي للكويت في آب 1990 حول ترسيم الحدود بين العراق والكويت والاعتراف بكيان دولة الكويت واستقلالها، وبدأت بوادر أزمة ترسيم الحدود هذهِ تتصاعد بين البلدين بعد انتهاء الحرب العراقية الإيرانية في 8/8/1988، إذ أن العراق اخذ يطالب دولة الكويت بدفع مساعدات اقتصادية له وتأجير بعض الجزر الكويتية كمنفذ تجاري ومائي على العالم، إلا أن العراق قام بأجتياح الكويت واستمر وجوده فيها ستة أشهر والذي انتهى بتدخل التحالف الدولي، فأصبح العراق تحت عقوبات اقتصادية وسياسية دولية لمدة ثلاثة عشر عاماً، مما زاد من تعقيد العلاقات وزاد التوتر الذي ظل السمة البارزة للعلاقات العراقية- الكويتية حتى الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003.

أولاً: العلاقات العراقية الكويتية بعد عام 2003:

أن البيئة العراقية خلال فترة الاحتلال الأمريكي من عام 2003 إلى عام 2011 تتسم بعدم الاستقرار على الأصعدة الأمنية والسياسية والاقتصادية كان من شأنها أن تجعل العراق أحد أهم مصادر التهديد لأمن واستقرار دولة الكويت، فضلاً عن المواقف والتصريحات لبعض المسؤولين العراقيين التي تطالب بإيجاد منفذ بحري للعراق على الخليج العربي.

فقد شهد عام 2011 أزمة جديدة في العلاقات العراقية- الكويتية بعد أن شرعت دولة الكويت في بناء ميناء مبارك الكبير، إذ تمتلك الكويت سواحل طويلة على الخليج العربي يبلغ طولها ما يقارب (500كم ) مقارنة بسواحل العراق التي لا تتجاوز (50كم )، لذا اختارت منطقة جزيرة بوبيان التي لا تبعد عن الحدود العراقية سوى (1950م) فقط لبناء ميناء مبارك الكبير، الامر الذي أدى إلى ظهور أزمة دبلوماسية جديدة بين البلدين، إذ عد العراق انشاء الميناء مخالف لقرار مجلس الامن الدولي (833)، إذ أن الممر العراقي سيكون ضمن الميناء الكويتي، وأعلن العراق أنه سوف يلجأ إلى الطرق الدبلوماسية وغلق منفذ صفوان من أجل الضغط على الكويت، وعموماً فإن الخلاف حول ميناء مبارك الكبير يعكس الخلاف والحذر والشك في العلاقات بين البلدين في وقت ما تزال الذاكرة الكويتية تحفظ مأساة احتلال قوات النظام العراقي السابق للكويت.

ثانياً: قضايا الخلاف بين الدولتين:

أن هناك العديد من القضايا الأشكالية بين الكويت والعراق وأهم هذه القضايا هي كالأتي:-

قضية التعويضات المالية لدولة الكويت من حرب الخليج الثانية:

إذ بلغت التعويضات التي تطالب بها الكويت ما يقارب (177,2) مليار دولار أمريكي ، إلا أن الأمم المتحدة رفضت هذهِ المطالبات وقصرت المبلغ إلى (37,2) مليار دولار، وفرضت على العراق تسديد هذا المبلغ لدولة الكويت كشرط لرفع العقوبات التي فرضها عليه مجلس الأمن. مشكلة الأسرى والمفقودين:

ترى الكويت أنه اثناء الاجتياح العراقي للكويت أن هناك (600) شخص من رعاياها قد فقدوا وتحمل الحكومة العراقية مسؤولية ذلك وتطالب بأطلاق سؤاح هؤلاء الأسرى، وبعد عام 2003 تم تشكيل لجنة من الكويت ، السعودية ، الولايات المتحدة الأمريكية، بريطانيا، فرنسا للبحث عن الاسرى ووجدوا رفات ما يقارب (277) من مجموع المفقودين.

ملف الديون العراقية لدولة الكويت قبل عام 1991:

إذ بلغت ديون العراق للكويت ما يقارب (16) مليار دولار معظمها خلال الحرب العراقية- الأيرانية والتي تجاهلت المطالب بإسقاط الديون وتقليلها بعد عام 2003.

قضية تسوية الحدود بين البلدين:

التي كانت السبب الرئيسي في الغزو العراقي للكويت وبداية الأزمة عام 1961 عندما حاول الرئيس العراقي السابق عبد الكريم قاسم احتلال دولة الكويت، إلا أن الموقف الإقليمي والدولي والمعارضة الشديدة أدت إلى انتهاء الأزمة والخلافات حول الحدود لا تزال قائمة منها قرار مجلس الامن (833)؛ الذي حدد الحدود في عام 1993 والبالغ طولها ( 216كم)، وعلى الرغم من استعداد العراق للأعتراف بحدود دولة الكويت البرية، إلا انه يعد ترسيم الحدود البرية بعض منفذه على الخليج العربي والذي يعد مجالاً حيوياً للاقتصاد العراقي.

ملف الأرشيف الوطني الكويتي:

الذي اختفى بعد الاجتياح وظلت الكويت تطالب به، وقد تسلمت جزء منه عام 2009 بوساطة الجامعة العربية والذي يضم وثائق خاصة بأمن الدولة ووزارة الداخلية والخارجية والاعلام والنفط والمواصلات.

المشاكل الأمنية والحدوية:

كمشاكل التهريب والتسلل عبر الحدود ومشاكل الصيادين والملاحقات الكويتية، فضلاً عن تقاسم الحقول النفطية الحدودية.

ثالثاً: الآفاق المستقبلية للعلاقات العراقية- الكويتية:

وبناءً على كل ما تقدم يمكن تلخيص الاتجاهات المستقبلية للعلاقات العراقية- الكويتية بثلاثة سيناريوهات هي:-

سيناريو الأزمة الراكدة:

ويرتكز هذا السيناريو على فرضية أن الأزمة التي تعيشها العلاقات العراقية- الكويتية هي أزمة مستمرة تتداخل في تشكيلها العوامل السيكواقتصادية، فضلاً عن التأثير الإقليمي والدولي في بقاء الأزمة تحت السيطرة نتيجة الحاجة الدولية الملحة لأختبار النظام السياسي العراقي في زرع الأمن والطمأنينة لدى دول الجوار وفي مقدمتها الجارة دولة الكويت.

سيناريو الانفراج المتصاعد:

وينطلق هذا السيناريو من فرضية رئيسة مفادها أن العلاقات العراقية- الكويتية سوف تتجه نحو الانفراج التصاعدي بصورة تدريجية نتيجة أدراك الدولتين أهمية السلم والاستقرار في المنطقة من جهة ؛ ونتيجة حجم المصالح المتبادلة بين الطرفين من جهة أخرى.

سيناريو الصراع المتأزم:

ويستند هذا السيناريو إلى رؤية مفادها أن البلدين سوف يدخلان في صراع متأزم نتيجة الضغوط الشعبية من جهة في كلا البلدين، وتأثير دول الجوار من جهة أخرى ناهيك عن هواجس الماضي القريب.

.................................................................................................
المصادر:
د. خضير عباس النداوي، ميناء مبارك الكبير وميناء الفاو الكبير: بحث في ابعاد الأزمة وتداعياتها، مجلة أراء حول الخليج، العدد(85)، 2011.
د. مفيد الزيدي، العلاقات العراقية الكويتية: رؤى وتصورات مستقبلية، مجلة أراء الخليج، العدد(85)، 2011.
رابعة فلاح سند، العلاقات الكويتية العراقية الواقع ورؤية مستقبلية، رسالة ماجستير غير منشورة، جامعة الشرق الأوسط ، كلية العلوم السياسية، 2013.
عبد الرضا أسيري، الكويت في السياسة الدولية المعاصرة ، جامعة الكويت، الكويت الطبعة الثالثة، 2012.

اضف تعليق