تشير الإحصاءات إلى أن حاجة العراق إلى ما يقارب من ثلاثة ملايين وحدة سكنية لتغطية العجز الحاصل في عدد الوحدات.. وأزمة السكن مستدامة في العراق حيث مضى عليها أكثر من 50 عاماً.. فلم يجرِ بناء وحدات سكنية تكفي أو تلبي الحاجة الفعلية القائمة طوال هذه الفترة.. وكانت هناك مشاريع سكنية سواء عن طريق المجمعات والبناء العمودي، أو انشاء أحياء سكنية جديدة وتوزيع الأراضي ليتم البناء من قبل المواطن نفسه في بغداد والمحافظات، إلا أن هذه المشاريع لم تسد الحاجة الفعلية كما أسلفنا..

ومع ازدياد عدد السكان المضطرد في العراق، حيث تشير الإحصائيات الأولية بأن عدد سكان العراق سيبلغ 35 مليون نسمة مطلع العام المقبل.. وان هناك حاجة سنوية لـ(280) ألف وحدة سكنية.. فأن المشاريع الجزئية والمحدودة لم تعد تفي بالغرض ما دعا الحكومة إلى التفكير بخطة استراتيجية بعيدة المدى لمعالجة النقص في هذا القطاع.. فلجأت إلى انشاء المجمعات السكنية الكبيرة والمتكاملة.. وهي بمثابة مدن جديدة تتوفر فيها جميع مستلزمات الحياة.

ومن هذه المشاريع العملاقة مشروع بسماية السكني بواقع (100) الف وحدة سكنية، ومشروع جنة بغداد بواقع (20) ألف وحدة سكنية، ومشروع مدينة المستقبل بواقع (30) ألف وحدة سكنية، ومشروع ضفاف كربلاء، ومشاريع اخرى في المحافظات.. أما مشروع بسماية الذي طال انتظاره، وواجه جدلاً واسعاً في الأقبال عليه من قبل المواطنين، ومدة الانجاز، وتسليم الوحدات السكنية مطلع عام 2015، فالمشروع صمم على وفق البناء العمودي حيث تتكون كل بناية من عشر طبقات بواقع (12) وحدة سكنية في كل طبقة.. فمساحة المشروع الكلية تبلغ (18,3) مليون متر مربع، وسيشهد بناء عدد هائل من الوحدات السكنية.. إلى جانب البنى التحتية اللازمة من كهرباء ومياه وطرق.. فالمشروع الكبير يضم (8) أحياء سكنية.. و (839) بناية و(58) مجمعاً تشكل ما مجموعه مئة ألف وحدة سكنية..

إذن هي مدينة عراقية جديدة ستولد خلال ايام.. وقد يبلغ نفوس هذه المدينة أكثر من نصف مليون نسمة وما يميزها أنها حديثة في كل شيء. وهذا ما نحتاجه فعلاً.. فالذي يحصل في العراق أننا نبني على ((ركام)).. حيث نهدم القديم، لنبني محله جديداً، ويختلط أحياناً القديم بالحديث فتضيع معالم الاثنين.. بينما تتميز المدن الجديدة بانها تحمل ملامح العصر، واشكاله الهندسية واستخدام التكنلوجيا في جميع مرافقه.. في حين تبقى المدن القديمة خليطاً بين الحداثة والتراث.. وفي عشوائية لا حدود لها ما يضيع ملامحها التأريخية ووجه الحداثة فيها.

لقد لوحظ عند تصميم مشروع المدينة السكنية الحفاظ على القيم التقليدية في الحياة اليومية للمواطن العراقي.. مع احترام خصوصية العائلة.. لذلك تعتبر الوحدات المنشأة مثالية للسكن العصري، مع الاستغلال الأنسب للمساحة، خصوصاً توسيع غرفة الاستقبال والمطبخ، مع مراعاة استخدام التكنلوجيا والجدران الخرسانية فائقة التطور، التي يتم تصميمها للحماية من برد الشتاء وحرارة الصيف.

وحسب مصادر الشركة الكورية المنفذة وهي شركة (هانوا) فأن عملية مد شبكة الأنابيب والكيبلات ستتم بالطرق التكنلوجية الحديثة المعتمدة عالمياً من خلال النفق الذي يبلغ طوله (20) كيلو متراً وعرضه خمسة أمتار وعمقه عشرة أمتار. فالشركة تقوم حالياً بانجاز البنى التحتية ووفرت بذلك (500) فرصة عمل للكوادر العراقية.. وسوف تزداد هذه العمالة في المراحل اللاحقة من المشروع.. لقد بدأ العمل بالمشروع بإنشاء ست معامل للصب الجاهز.. وحسب مصادر الشركة أيضاً فأن هذه المعامل انجزت بوقت مبكر، وهي تمثل العصب الرئيس للمشروع، حيث أمنت الألواح الكونكريتية التي تنتجها هذه المعامل بناء ثمانين وحدة سكنية في اليوم الواحد.. و(1800) وحدة في الشهر، وقد وظفت الشركة أكبر معمل لإنتاج الخرسانة مسبقة الصب في العالم لإنشاء هذه المدينة العصرية.. وضمن البنى التحتية لتعزيز خطوط المواصلات بين بغداد وبسماية هناك مشروع سكك حديد يربط المدينة بمركز العاصمة.

إن إنشاء مدينة عصرية بهذا الحجم وبهذا العدد من النفوس، لابد أن يرافقه التخطيط لتوفير فرص عمل لمئة ألف مواطن.. وهذا يعزز نجاح المشروع.. وأي مشروع سكني مستقبلي بهذا الحجم.. إذ كان على راسمي السياسة الإسكانية، أن يتعاونوا وينسقوا بشكل مباشر مع راسمي السياسة الصناعية في البلاد، لبناء مدينة صناعية كبرى إلى جوار المدينة السكنية، يمكن أن توفر فرص العمل المطلوبة خاصة وأن العراق بحاجة إلى منافذ صناعية بكافة المجالات.. وما زالت السوق العراقية تعتمد على الصناعة الخارجية بكل متطلباتها، بما فيها الصناعات الغذائية.. وإنشاء مدينة صناعية لإنتاج الألبان والمواد الغذائية المختلفة في المنطقة التي أنشأت فيها مدينة بسماية، من شأنه أن يعزز القطاعين الصناعي والسكني، خاصة وأن المنطقة المحيطة بالمدينة هي منطقة زراعية وبالإمكان استثمارها بشكل يؤدي إلى تطوير المنطقة اقتصادياً.

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق