الحسد والشعور بالنقص أمام الاخر وتمني زوال ما يمتلكه من مميزات يتفوق بها والسعي لإفراغه منه كلها من الامراض والمشاعر والصفات السيئة التي يصاب بها ويعاني منها بعض الافراد من البشر هنا وهناك كما يمكن أن تصاب بها الدول والامم فتحسد أمةٌ أمةً أخرى لأنها لا تملك ما تملكه وتحاول أن تسلبها أو تفرغها من هذه الامتيازات لتتساوى.

وقد يعترض معترض أن هذه الامم او الدول يمكن لها أن تسعى لاستحصال هذه الامتيازات بدل أن تسعى للقضاء عليها عند تلك الدول وهذا ممكن في اغلب المساحات الكسبية كالتطور العلمي والتكنلوجي والصناعي والتنمية في الموارد البشرية والمادية وتربية المجتمع وترويضه على الصفات الحميدة وغيرها، ولكن هناك مساحة مهمة لا يمكن كسبها أو التنافس بها أو استحصالها مهما كانت القدرات المتوفرة والامكانيات المتاحة الا وهو التاريخ والعمق الحضاري والجذور الممتدة في حقبات الزمن الماضي التي تعيش في ذرات التراب وتصدح بها تلك الاثار المتبقية وتزخر بها متاحف العالم التي تصرخ ويتردد صدى هذه الحقيقة في كل أرجاء المعمورة.

ان هذه القطعة من الشرق هي مهد الحضارة البشرية وهي البستان الاول الذي نمت فيه بذور العقل الانساني المفكر ومنه أشرقت شمس الامم وبقيت تنير للأرض دروبها عبر الازمان المتوالية، فهنا كان الحرف الاول والبدء للكلمة التي خرجت تعلم الناس أشيائهم.

واليوم ليس بغريب أن تتعرض هذه الاثار الدالة على التاريخ الى محاولات طمس الحقيقة منساقة مع حملات التزوير والتغطية والتعمية والتشويه الذي تعرضت له هذه المنطقة في التاريخ والجغرافية، فالأصابع والايادي السوداء التي حملت المعاول لتحطم تاريخنا من نصب وتماثيل او تفجر مساجدنا التاريخية أو تنبش قبور الاولياء والانبياء أو تسرق ما تجود به ارضنا انما تحركها الخيوط في دول لا تملك ما نملك من ارث فتاريخهم لا يتعدى بضعة سنين وهذه العقدة الاممية بقيت تقض مضجعهم وتنخر في أنفسهم كلما شاهدوا أثارنا وتحسروا على ما تمثله هذه الاثار من تاريخ، فكانت خططهم لاغتيال هذا التاريخ وسلبهم اياه من هذه الدول فتجد ما يسمى (الدولة الاسلامية) داعش لها مهمة أو وظيفة في كل بقعة تطأها أقدامهم وهي تحطيم أي شيء يدل على تاريخ هذه الامة ففي سورية والموصل سلبت وحطمت كل الاثار كقبر النبي يونس وقبور الاولياء وأحرقت المكتبات بما تحويه من نفائس ومخطوطات وحتى الاسوار القديمة والبوابات والقلاع، واخيراً وليس أخراً تحطيم ما قيل انها الاثار التي يحتويها متحف الموصل رغم ان منهج داعش هو التجارة بهذه الاثار واعتبارها من اهم مصادر التمويل لأعماله المسلحة فلا يمكن ان نصدق انهم قاموا بتحطيمها وهي تساوي ثروات يسيل لها لعاب هؤلاء وخاصة ان عمل النسخ الجبسية اومن الاسمنت الابيض ليست صعبة ابداً.

فاغلب التراث اليوم ينتقل الى اسرائيل وبريطانيا وأمريكا وحتى لا يمكن متابعته فقد الفوا هذه المسرحية كما هم بارعون في نسج المسرحيات.

عندما كتب فوكياما (نهاية التاريخ) قيل أن التاريخ لا يمكن ان ينتهي لهذا فهم جاءوا لاغتياله.

...........................

* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق